بحضور مدبولي.. تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    بالصور.. محافظ أسوان يتفقد مدارس فى كوم أمبو    وسط ترقب قرار الفيدرالي.. سعر الذهب يقفز للمرة الثانية خلال تعاملات اليوم    شعبة الدواجن تتوقع تراجع أسعار الفراخ ل55 جنيهاً خلال 3 أشهر لهذا السبب    السياحة: 22% زيادة في السياحة الوافدة لمصر "يناير - يوليو 2025"    الجيش الإسرائيلي: عملياتنا الهجومية الواسعة تزداد بمدينة غزة    إيران: الموافقة على بيان قمة الدوحة لا يعني الاعتراف بإسرائيل    إسبانيا تستدعى القائم بالأعمال الإسرائيلي للاحتجاج على تصريحات ساعر    "محجوز بالمستشفى".. شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور ونصيحة الأطباء له    موعد مباريات دوري أبطال أوروبا اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    قرار عاجل من القضاء بشأن اتهام بدرية طلبة بسبّ الشعب المصري    بالصور.. حادث مروري بين سيارة نقل وملاكي بالطريق السياحي دون إصابات    بيطبع الفلوس في بيته.. تفاصيل سقوط طالب ب23 ألف دولار و88 ألف جنيه مزيفة بالجيزة    بدء مؤتمر "الجونة السينمائي" بالسلام الجمهوري وعرض فيلم قصير يضم لقطات الدورات السابقة    "صيف قطاع المسرح" يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    نادية الجندي تستعيد ذكريات شبابها بصورة بالذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    وزير الصحة يبحث مع شركة "أليكسيون" تعزيز التعاون في مجال الأمراض النادرة    نائبة وزير الصحة: استراتيجية لدمج "القابلات" تدريجيًا في منظومة الولادة الطبيعية    الصحة: الخط الساخن "105" حل جميع الشكاوى خلال أغسطس    البيئة واللجنة المصرية الألمانية يعقدان اجتماعا تنسيقيا لتعزيز التعاون في العمل المناخي    دخول عشرات شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى كرم أبو سالم    تداول 13 آلاف طن و681 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    محافظ الدقهلية يوجه بتحسين المظهر الحضاري ورفع الأتربة من شوارع غرب وشرق المنصورة    غياب 5 لاعبين.. قائمة أتلتيكو مدريد لمواجهة ليفربول    وزير التعليم العالي ل«الشروق»: تدشين 3 جامعات متخصصة مع وزارات النقل والسياحة والشباب والرياضة    احذر.. انتحال صفة ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات يعرضك للحبس    صرف مكافأة مجزية لمديري طارق بن زياد الابتدائية بمرسى مطروح تقديرا لجهدهما    حملت سفاحا.. التحقيق مع طالبة ألقت رضيعتها أمام جامعة القاهرة    جيش الاحتلال: رئيس الأركان عقد اجتماعات مع القوات بشأن عدم الإضرار بالمحتجزين    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    ضبط 110.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مي فريد: المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات    مهرجان الإسكندرية المسرحي يكرّم عصام السيد ومحسن منصور وعددًا من المبدعين    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة بطريق «رأس غارب- المنيا»    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    نقل الأسرى فوق الأرض.. ترامب يتحدث من جديد عن قطر ويحذر حماس "فيديو"    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    خالد جلال وكشف حساب    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    نجم بيراميدز يكشف: تعرضت لحملة ممنهجة في الزمالك    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نباتات الصحراء الطبية باب رزق لبدو سيناء
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 09 - 2010

«هى ثروة لا تقدر بثمن لكن أصحابها لا يعرفون كيفية الاستفادة الحقيقية منها لذلك كان من الضرورى توعيتهم بحقوقهم وكيفية إضافة قيمة لمعارفهم»، هكذا لخص المهندس عادل تاج الدين نائب مدير مشروع «صون النباتات الطبية»، الهدف الأساسى للمشروع الذى تمت تجربته فى محمية سانت كاترين مع بدو المنطقة.
المشروع الرائد، الذى بدأ عام 2008 بتكلفة 5 ملايين دولار بهدف صون النباتات النادرة مع قبيلة «الجبلية» فى منطقة سانت كاترين، انتهج فكرًا جديدًا لتحقيق هدفه، فهو لم يستهدف المجتمع البدوى بالتوعية فقط لكن حاول وضعهم كشركاء فى برنامج لإدارة الثروات فى كاترين، وهو المنهج الذى نجح بقوة فى التعامل مع البدو الذين «دائما ما ينظرون لرجل الحكومة على أنه يعتدى على حقوقهم وأملاكهم»، بحسب تاج الدين.
بدأ القائمون على المشروع الذى ساهم فيه كل من وزارة البيئة ومرفق البيئة العالمى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى فى تعريف أهالى القبيلة بالثروة التى يمتلكونها، موضحين لهم كيف أنه يمكن لشركة أدوية أن تقوم بزيارة قصيرة وتتحدث معهم، وفى 5 دقائق تحصل على معلومة أو خلطة من النباتات، لتبدأ فى تطويرها إلى منتجات ذات حقوق ملكية وتكسب مليارات الدولارات، بينما يظل البدوى فقيرا رغم أنه الأصل فى كل ذلك.
هنا بدأ الأهالى من البدو يدركون ما لديهم من ثروات، ومن خلال دورات تدريبية أوضحت مبادئ التجارة العادلة تم الاتفاق على تطبيقها بما يضمن حصول أفراد المجتمع المحلى على نصيب عادل من أرباح تسويق النباتات الطبية والمنتجات ذات الصلة، وهو ما يضمن استدامة عملية زراعة وتسويق النباتات الطبية.
وعن أصعب خطوات المشروع، يوضح تاج الدين أنه برغم أن هذه النباتات قديمة ومعروفة لدى الأهالى، فإن كيفية زراعتها وإكثارها وصون المهدد منها بالانقراض لم تكن معروفة، فالمشروع يستهدف نباتات متوطنة لا توجد سوى فى هذه البقعة من مصر فقط. فكان أن بدأ بنظام «التجربة والخطأ»، وبالفعل تم التعرف على كيفية زراعة وإكثار 16 نباتا متوطنا، منها نباتان لم يكن متوافرا منهما سوى 4 ثمرات تم إكثارها إلى 25 ثمرة، والبعض الآخر ارتفع من 300 ثمرة إلى 10 آلاف.
بعد ذلك جاءت الخطوة الأهم فى المشروع، وهى الحصول على شهادة من مركز تفتيش البحر المتوسط للاعتماد والتفتيش بإيطاليا بأن هذه المنتجات عضوية بنسبة 100% وإنشاء مخزن مجهز لتخزين النباتات الطبية وفقا للمعايير العالمية، وهى الخطوة التى رفعت أسعار النباتات بأكثر من 500%.
يقول تاج الدين: «النبات الذى كان يبيعه الرجل البدوى مقابل 20 جنيها على الأكثر الآن يباع بأكثر من 150 أو 200 جنيه»، مشيرا إلى أن هذا الأمر ساهم فى تحسين مستوى معيشة الرجل البدوى الذى أدرك القيمة الحقيقية لميراثه المعرفى من حرف وخبرة حول فوائد النباتات التى تربى بينها، وفى نفس الوقت تحقيق هدف الحكومة من حيث صون النباتات وحمايتها من الانقراض.
ومن أجل قيمة مضافة أكبر لهذه المنتجات من خلال التعبئة والتسويق، استفاد المشروع من الخبرة التراثية لدى السيدات البدويات اللاتى شاركن بأعمالهن اليدوية ليصنعن أكياس قماش تحمل أشكال النباتات أو التراث البدوى لوضع المنتجات بها، كما تم عمل منتجات أخرى مثل براويز أو حقائب خاصة تحمل صور بعض النباتات ومعلومات عنها.
وللحفاظ على حقوق هؤلاء البدو بشكل قانونى، يشير تاج الدين إلى أنه تم الانتهاء من وضع الصياغة الخاصة بالقانون الوطنى الخاص «بتنظيم الحصول على الموارد الحية واقتسام المنافع الناشئة عن استخدامها»، والذى أعرب عن أمله فى أن تشهد الفترة المقبلة تمريره فى مجلس الشعب.
ويوضح تاج الدين أنه بموجب هذا القانون سيتم تقنين سبل الحصول على نبات ما أو المعرفة التراثية من خلال طلب إذن، وفى حال تحقق منفعة مادية من هذه المعلومات يتم اقتسامها مع الأهالى من البدو باعتبارهم الأصل فيها.
ويشير تاج الدين إلى أن هذا المشروع ساهم فى توفير 108 فرص عمل مباشرة، إلى جانب ألفى فرصة أخرى غير مباشرة من خلال تشغيل فنادق وسائقين وغيرهم، و1500 فرصة عمل مؤقتة لأبناء البدو.
كما قام المشروع بتأسيس جمعية النباتات الطبية، والتى يصل عدد أفرادها حاليا إلى 265 فردا جميعهم من البدو يمثلون 230 عائلة فى القبيلة أى ما يعادل 1150 فردا يستفيدون بشكل مباشر من الخدمات التى تقدمها، والتى شهدت خطوة مسبوقة فى مثل هذه المجتمعات وهى «تمكين المرأة»، حيث تضم الجمعية 40 سيدة حاليا، منهن سيدتان فى مجلس الإدارة المكون من 5 أعضاء.
ويؤكد تاج الدين: «الآن يمكن لهذه الجمعية أن تمول نفسها بنفسها بل هناك إمكانية أن تتعامل مع جهات خارج مصر لتصدير المنتجات لها بعد الحصول على شهادة المنتج العضوى».
ولإثبات أنه ما زال هناك الكثير الذى لم يتم اكتشافه فى هذه المجتمعات، يشير تاج الدين إلى «مدرسة العشابين»، التى لم تكن فى الحسبان، فيحكى نائب مدير المشروع عن عم أحمد منصور المعروف باسم «حكيم سيناء» أو «دكتور أحمد»، والذى لديه معرفة واسعة بالفوائد الطبية لجميع النباتات فى المنطقة، والذى وجد أن الأطفال فى القبيلة لا يعرفون شيئا عن هذه المعارف.
«حكيم سيناء قرر أن يجمع هؤلاء الأطفال وتدريسهم أفكار النباتات، التى كانت بداية فكرة مدرسة العشابين، التى مولها الاتحاد الأوروبى فى البداية»، كما يروى تاج الدين، مشيرا إلى أنه بعد انتهاء دعم الاتحاد الأوروبى وجد أنه فى صلب المشروع فقرر الاستمرار معه، واليوم ارتفع عدد طلبة المدرسة، التى بدأت بثمانية طلاب إلى أكثر من 20 طالبا، منهم فتيات مما يشكل تغييرا جذريا فى تفكير هذه المجتمعات.
وعن أصعب ما فى المشروع - كما يوضح تاج الدين - كان «التواصل مع أفراد المجتمع المحلى، الذى اعتبر الوزارة فى البداية دخيلا عليهم وأن هذه الأرض ملك له وحده ليستفيد من خيرها ولا يحق لأحد أن يقول له إنه يقوم بممارسات خاطئة ستضر بالنباتات».
ويشير إلى أن بناء الثقة مع الأهالى تطلب حملات توعية كثيرة، بالإضافة إلى بعض المساعدات مثل توفير مواقد غاز بدلا من استخدام النباتات كمصدر للطاقة، وقروض دوارة لبدء مشاريع صغيرة، وفتح صيدلية تقدم أدوية مدعمة للتحول عن الضغط على النباتات كسبيل للعلاج.
كما قام المشروع بإعادة تشغيل مخبز الخبز البلدى الوحيد فى سانت كاترين، الذى تصل طاقته الإنتاجية إلى 9000 رغيف يوميا، والذى يخدم جميع سكان مدينة سانت كاترين والتجمعات البدوية بها مما ساهم فى انفراج أزمة الخبز وتقليل نشاط التحطيب الضار بالبيئة.
ويشير تاج الدين إلى أن الوزارة تهدف حاليا إلى إكمال المنظومة فى سانت كاترين كلها، التى يصل تعداد سكانها إلى 8 آلاف نسمة تقريبا، بالإضافة إلى التطلع إلى تكرار التجربة فى محمية وادى الجمال (علبة) أو إحدى محميات الفيوم.
يقول تاج الدين: «كل المحميات تعد أماكن واعدة يمكن تكرار التجربة بها لكن هذه المرة ستكون أسهل وتكلفتها أقل بعد اكتساب الخبرة مع قبيلة الجبلية، فيمكن بنصف تكلفة المشروع الأول تطوير منطقة أو اثنتين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.