«يمنع اعتكاف النساء.. إدارة المسجد».. هذه لافتة وضعتها إدارة مسجد الأزهر الشريف عند مدخله للإعلان وبشكل صريح عن منع النساء من الاعتكاف داخله. والاعتكاف هو أحد السنن التى أمر بها نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، للرجال والنساء، فقد أجاز الإسلام للنساء الذهاب إلى المساجد لكنه لم يوجبه عليهن، أما فى العصر الحديث فاختلف مفهوم وطريقة تطبيق اعتكاف المرأة ما بين اعتباره سنة وعبادة وبين اعتباره نوعا من الموضة ومسايرة العادات والتقاليد الحديثة للنساء. «لا اعتكاف فى المنازل».. هكذا جاء رد الدكتور عبدالله سمك، رئيس قسم الأديان والمذاهب بجامعة الأزهر، حول حكم الشرع فى اعتكاف المرأة. مستشهدا بالآية القرآنية «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد». وشدد سمك على أن اعتكاف النساء يجب ألا يتعارض مع واجباتهن المنزلية والزوجية ولا يترتب عليه أى ضرر، موضحا أن الشرع لم يحرم الاعتكاف للمرأة إذا توافرت شروط الاعتكاف الصحيحة. وروى سمك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما وجد أمهات المؤمنين يواظبن على الاعتكاف فى المسجد أمر بعمل ساتر بينهن وبين أماكن الصلاة حتى لا يتسبب وجودهن داخل المسجد باستمرار فى إصابة الرجال بالحرج. وعرف الفقهاء الاعتكاف بأنه لزوم المسجد بنية العبادة لله تعالى، والأصل فى الشرائع التساوى بين الرجل والمرأة، إلا ما نص الشرع على المفارقة بينهما، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن»، وهذا يعنى أن ذهاب المرأة إلى المسجد مباح شرعا لكنه غير واجب. من جانبها فضلت د. آمنة نصير، أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، اعتكاف المرأة فى بيتها، معللة ذلك بأن الاعتكاف خارج المنزل سيجعلها تترك مهامها المنزلية وتهمل بيتها وزوجها وأطفالها. مشيرة إلى أنها تفضل أيضا إقامة صلاة التراويح للمرأة فى منزلها. ونوهت نصير إلى أنه من يسر الإسلام أنه لم يحرم المرأة من حق الاعتكاف وأنه جائز شرعا ولا مانع منه إذا وجد مسجد يحتوى على مكان تتوافر فيه صلاحيات تناسب اعتكافها. لكنها قالت إن وجود المرأة فى منزلها وتجهيزها لمكان خاص لاعتكافها يجعل لها مظلة تأوى إليها وقت خلوتها بربها، تصلى بصدق وتتفرغ لعبادتها وتكون علاقتها بالله خلال خلوتها فى إطار علاقة محاسبة جميلة فتكون صلاتها لرقيبها مختلفة عن الأوقات الخمسة للصلاة. ووصفت أستاذة العقيدة الإسلامية العلاقة بين المرأة فى اعتكافها وبين ربها بحالة العشم اللامتناهية التى تظهر فيها أجمل وأرقى المعانى، مستشهدة بشهيدة العشق الإلهى، رابعة العدوية، التى أوجدت خلوتها علاقة من النوع الخاص بينها وبين ربها، حيث قالت رابعة العدوية: «إلهى إن كنت أحببتك خوفا من نارك فاحرقنى بها وإن كنت أحببتك طمعا فى جنتك فابعدنى عنها لكننى أحببتك لأنك أهل لذلك». وأكدت أن علاقة الحب والعشم بين المرأة وربها لا تأتى إلا فى الخلوة البيتية، وبالتالى اعتكافها فى منزلها أفضل. وأضافت أن حسن الاعتكاف والخلوة بين العبد وربه يكون لأقل القليل من خلاص النفس وتهذيبها أمام الله وحتى يعلم أن العبد بين يدى الرحمن وبين الخوف من العصيان والرجاء والعشم فى قبول الدعاء. «لا أحبذ اعتكاف المرأة فى المساجد».. هكذا جاء تعليق د. عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، حول رأيه فى اعتكاف النساء بالمساجد فى الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان الكريم. واستشهد بيومى بأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، عندما قال: «أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة»، كذلك «صلاة المرأة فى بيتها أفضل من صلاتها فى حجرتها وصلاتها فى مخدعها أفضل من صلاتها فى بيتها». وقال بيومى: «اعتكاف المرأة فى المسجد يخالف الحكم الأول لها بالصلاة فى بيتها ورعاية منزلها وزوجها وأبنائها فهو أكثر أجرا من اعتكافها».