صور | انطلاق الدراسة بمعاهد الأزهر في الوادي الجديد بانتظام    قيادات جامعة القناة تشارك طلاب كلية علوم الرياضة مراسم تحية العلم    محافظ مطروح يتابع انطلاق العام الدراسي الجديد    المتحدث باسم فتح: اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين إنجاز كبير رغم تأخره    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الاسرائيلي على غزة إلى 65 ألفا و283 شهيدا    الكرملين: بريطانيا من أبرز الداعمين لاستمرار الحرب في أوكرانيا    الشرع يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة    طالبان: أوضحنا لأمريكا أن استقلال أفغانستان هو أولويتنا    الدوري الإنجليزي.. جيوكريس يقود تشكيل أرسنال المتوقع أمام مانشستر سيتي    "الاتفاق تم مع منصور".. شوبير يكشف تطورات مفاجئة حول ترشح الخطيب للانتخابات    الداخلية ضبط شخص روج لبيع أسلحة بيضاء بالإسكندرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    28 سبتمبر الحكم في دعوى إبراهيم سعيد بضم حضانة بناته    جولات ميدانية واستعدادات موسعة بالمنيا لانطلاق المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    «بونبوني وهدايا تذكارية».. وكيل «تعليم دمياط» يشارك التلاميذ فرحة أول أيام العام الدراسي الجديد    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين للجيش (المستندات المطلوبة)    أعز من الولد ولد الولد.. جدة تصطحب حفيدها للحضانة بأول أيام العام الدراسي بكفر الشيخ    مشتريات المصريين والأجانب تدعم ارتفاع مؤشرات البورصة في المنتصف    وزير الإنتاج الحربي يستقبل السفير الباكستاني للتعاون في مجال التصنيع العسكري والمدني    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    انطلاق معرض تراثنا 4 أكتوبر القادم بمركز مصر للمعارض الدولية    "أكرو مصر" تبرر أسباب رغبتها في الشطب الاختياري من البورصة    فيريرا يدرس منح المغربي معالي فرصة المشاركة أساسيا في تشكيل الزمالك    مانشستر سيتي ضد أرسنال.. كل ما تريد معرفته موعد والقنوات الناقلة وتاريخ المواجهات    "الغضب يزداد من هلال".. الغندور يفجر مفاجأة حول مدرب الأهلي الجديد    مصطفى جاد: أدوات المائدة المصنوعة من الستانلس ستيل تتحول من الاستيراد إلى التصدير    وزير الاتصالات يتوجه إلى الولايات المتحدة لبحث توسيع آفاق التعاون    السجن 5 سنوات لمتهم باستعراض القوة وإحراز سلاح ناري بسوهاج    «سرقوها وسيحوها».. قرار جديد بحق المتهمين بسرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري    مبادرات الداخلية تكرّس الثقة.. خدمات رسمية للمرضى فى مواقعهم    من اليوم.. الداخلية تعدل اشتراطات الحصول على رخصة قيادة السيارة - مستند    في دورة الثامنة.. مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما يُكرِّم عبدالعزيز مخيون    مي كمال الدين تكشف لأول مرة تفاصيل زواجها من أحمد مكي: استمر 3 سنوات ولم يكن سرًا (فيديو)    محاولة صلح فاشلة.. قرار عاجل من المحكمة بشأن مدربة الأسود أنوسة كوتة    ختام الورش المجانية في كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    ياسمينا العبد تصل إلى الأقصر لتصوير فيلمها كان ياما كان مع نور النبوي    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    وزير الإسكان يُصدر 7 قرارات إزالة لمخالفات بناء بمدينة السادات والساحل الشمالي الغربي    وزير الصحة يلتقي ممثلي مركز «نينغبو» للباثولوجيا الإكلينيكية التشخيصي بالصين    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مدينة الدواء «جيبتو فارما» أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن    صور | مشروعات خدمية وحملات موسعة بالوادي الجديد    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم 21 سبتمبر 2025.. كيف تعرف أوقات الصلاة بدقة    موعد مباراة أولمبيك مارسيليا ضد باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس| هل يظهر في مصر؟.. خبير يوضح    دواء إتانيرسيب لعلاج السكتة الدماغية: دراسة تكشف الحقيقة الكاملة    المؤسسة الخيرية لمصرف أبوظبي الإسلامي تفتتح مدرستين جديدتين في قنا والأقصر    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    حزب المؤتمر يطلق خطة متكاملة لإدارة حملات مرشحيه في انتخابات النواب    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    ب22 هدفًا.. ميسي هداف الدوري الأمريكي    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    «أغلى من الياقوت».. مي كمال تكشف تفاصيل علاقتها بأحمد مكي وترد على الشائعات    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فِرق الإمداد السريع بالبلح والتمر الهندى
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 08 - 2010

لن يلاحظهم أحد سوى قبل أذان المغرب بنصف الساعة على الأكثر، يتفرقون فى الطرقات دون خطة مسبقة وبيد كل واحد إفطار سيوزعه على المارة فى الوقت المناسب، كان هذا العام هو التجربة الأولى لسمير عنتر، الذى انضم إلى هذه المجموعة مع بداية رمضان، فى الأعوام السابقة كان يشاهدهم من بعيد وقت الإفطار دون أن يشارك، أما اليوم فأصبحت له طقوس يومية من الصعب أن يتخلى عنها.
قبل أذان المغرب بوقت مناسب يغلق باب المحل بإحكام ثم ينطلق فى رحلته مع الصائمين حتى يصل إلى منزله فى منطقة المرج، حيث نهاية خط مترو الأنفاق. يعمل سمير فى محل لخدمات المحمول جوار محطة غمرة، يقف نهارا فى شد وجذب مع الزبائن أثناء الصيام، وإلى جواره حقيبة لا تظهر أهميتها سوى وقت الإفطار يعبئها بالتمر فى كمية تتغير ما بين نصف الكيلو أو الكيلو. يقول: «قبل التوزيع أقوم بغسيل كل تمرة وأغلفها فى كيس صغير بحجمها». يتعامل سمير مع الأمر وكأنه سيضع هذه التمرات فى يد الله.
فى رحلته اليومية يودع غمرة متجها إلى المترو، يعلق قائلا: «فى أول رمضان حين جربت توزيع التمر على الركاب كنت أخشى ردود الأفعال العكسية، وشعرت بخجل شديد أثناء التوزيع، لكن كنت أقول لنفسى إننى وقفت فى يوم من الأيام فى الشارع كبائع حر، هل أخجل اليوم من عمل الخير؟».
أثناء عبوره ناحية المترو يظهر فى شارع رمسيس من اختار توزيع علب العصير على السيارات المارة أسفل كوبرى غمرة، أما داخل محطة المترو يتلقى سمير نفسه كيسا يحوى عصيرا وخبزا للإفطار من أحد المتطوعين داخل المحطة، بمجرد أن يظهر المترو المزدحم يتوقع سمير السيناريو اليومى: «قد أفرغ ما معى من تمر فى عربة مترو واحدة، ومن المهم جدا أن أنهى ما لدى قبل الأذان، وكذلك قبل محطة المطرية، حيث يظهر شباب آخرون فى المحطات التالية يوزعون بدورهم التمر ووجبات أخرى، وهؤلاء لن أدخل معهم فى منافسة، بل على العكس أحيانا ما أتعمد أن أفطر على ما يقدمونه كى أجرب إحساس من أوزع عليهم التمر».
داخل عربة المترو تختلف الأجواء قليلا، ففى أوقات الزحام التى يزيد فيها التوتر والعصبية تتلاشى المشاعر السلبية ويخترق سمير صفوف الركاب بسهولة، وما إن ينهى عمله حتى يستقر فى مكانه كأى راكب آخر، وفى طريقه إلى المرج لا يتوقف الشباب عن عطائهم داخل المترو، بعض الشباب يلقون أكياس من خارج العربة خوفا من الدخول وإغلاق أبواب المترو عليهم، وآخرون تركوا بعض التمر فوق ماكينات التذاكر جوار أبواب المحطات. يعلق سمير بعد أن ينهى مهمته قائلا: «العبارة التى توجه إلى دائما بشكل متكرر هى جزاك الله خيرا، أوزع على الجميع.. حتى المسيحيين لا يرفضون التمر ويشاركون الصائمين فرحة الإفطار».
أحد الركاب المسنين المداومين على استخدام عربات المترو يذكر أن مشهد توزيع التمر والعصائر على الصائمين لم يكن منتشرا بهذا الكم قبل سنوات، وحتى فى فترات صباه فى الخمسينيات والستينيات لم تكن هذه الفكرة منتشرة ما يجعله يشعر بالأمل قائلا: «الشباب دلوقتى أكثر التزاما من زمان، ومجتهدين أكتر».
هذا الاتجاه نحو إفطار الصائمين سبقه فى السنوات السابقة تشجيع من عدد من الدعاة فى محطات التليفزيون الدينية وعلى الإنترنت. فى موقع (الطريق إلى الله way2allah.com) خرجت إحدى المطبوعات تحت عنوان: يوم فى حياة صائم و دعا ناشروها على الإنترنت إلى طبعها ونشرها فى الطرقات،
إحدى أهم توصيات هذا الملصق تقول: فى موعد صلاة المغرب لا تنسى توزيع التمر فى الطريق إلى المسجد. أما سمير عنتر فقد اقتصر توزيعه للتمر داخل عربات المترو، وغالبا ما تنتهى الكمية، التى يحملها معه يوميا فى محطة منشية الصدر أو كوبرى القبة.
ينزل الراكب من محطة مترو كوبرى القبة ليفاجأ بمعتز حسن وهو يستقبله حاملا صينية عليها أكواب مشروب التمر هندى، يشاركه فى هذه المهمة أخته، التى تقف بعيدا جوار زوجها رضا سالم يعدان أكواب الشراب، وما إن ينهى العابرون أكوابهم حتى يكتشفوا وجود حبات تمر مقطعة داخل الكوب يفطرون عليها فى طريقهم، كل هذا احتاج إعداده ساعتين قبل الإفطار حسب حديث رضا سالم الذى قال: «الحقيقة أننا لا نأتى إلى هنا يوميا لتوزيع الشراب والتمر، أكثر الأيام المضمونة لنا هى يوم الجمعة أو فى أى يوم آخر نجده مناسبا لهذه المهمة». أثناء عملية التوزيع يدور العمل بين ثلاثتهم بشكل آلى دون حديث إلا من عبارات تحذيرية توجهها الزوجة لزوجها وأخيها من ألا يسقط منهما شىء، وتعلق بدورها قائلة: «جربنا توزيع الإفطار فى الشارع على المارة فى العام قبل الماضى، ثم توقفنا العام الماضى وتركنا المهمة للمسجد المجاور، لكن الحقيقة، التى اكتشفناها أن أمتع لحظة هى أن أقدم الخير بنفسى».
يحتفظ ثلاثتهم بابتسامة ترحيب أثناء حديثهم، وتستغرق المهمة نحو ثلث الساعة بعد أذان المغرب. يشير معتز إلى أن نفس هذه المهمة التى يقوم بها جوار محطة المترو مجموعة أخرى من الشباب والأصدقاء.
ما يقوم به هؤلاء المتطوعون على الطريق أصبح مثار اهتمام البعض، أحدهم وجه سؤالا إلى دار الإفتاء المصرية حول إمكانية تخصيص جزء من زكاة المال لهذا العمل، لكن رد دار الإفتاء كان واضحا، حيث اعتبرت هذا العمل «نوعا من وجوه الخير والتكافل كالصدقات والتبرعات، لا من الزكاة».
حيث إن للزكاة المال مصارف محددة أوضحتها الفتوى المحفوظة على الموقع الالكترونى لدار الإفتاء على الانترنت.. ومؤخرا دخلت إلى فكرة توزيع التمور وقت الإفطار تأثيرات أخرى سياسية مثلما حدث مؤخرا فى مدينة الإسكندرية حين تطوعت إحدى الفتيات بتوزيع التمور على الصائمين مع ورقة صغيرة تطلب فيها الدعاء بالرحمة والمغفرة لروح الشاب خالد سعيد، الذى لقى مصرعه قبل عدة أشهر فى حادث أثار الجدل حول دور وزارة الداخلية فى وفاته، كما استغل البعض الفكرة فى الدعاية الانتخابية، أما سمير عنتر ورضا سالم وأسرته فهم بعيدون تماما عن مثل هذه الأهداف. بل إن محاولة الحديث مع هذه المجموعة كادت تفشل بسبب ما أفصح عنه رضا وأسرته قائلين: «من يعمل الخير لا يحب أن يتحدث عنه كثيرا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.