«ممكن نوفر 15% من استهلاكنا لدقيق القمح لو زرعنا بطاطا، وصنعنا الخبز من عجينة القمح والبطاطا». د. ناجى ونس أستاذ الخضر بمعهد بحوث البساتين يتحدث عن «مشروع قومى لم يتم تنفيذه أبدا». قبل سنوات توصل فريق من المتخصصين من مركز البحوث الزراعية بالتعاون مع المعهد القومى للتغذية، إلى تصنيع رغيف الخبز من دقيق القمح، مع نسبة 15% من دقيق البطاطا. «لو كان اتنفذ المشروع، الصحراء كانت تبقى خضرا بمحصول يحمينا من ارتفاع اسعار القمح». قبل أيام قليلة أعلنت روسيا وقف تصدير القمح بسبب موجة الجفاف الحارة التى ضربت البلاد، فيما يتوقع المحللون أن العالم على أبواب أزمة قمح لا تقل ضراوة عن 2008. وتختلف الآراء الخاصة بتأثير ما سبق على مصر، المستورد الأول للقمح على مستوى العالم، لكن التقدير الرسمى يتوقع أن تتكبد مصر 5 مليارات جنيه على الأقل، كما قال على شرف الدين رئيس غرفة الحبوب ل«الشروق» قبل أيام، بسبب إلغاء عقود القمح الروسى. «مشروع زراعة البطاطا فى شرق العوينات والبحيرة كان على وشك التنفيذ فى بداية التسعينيات»، كما يتذكر ونس، ولكن فجأة وبدون مقدمات توقف كل شىء. حتى الآن لا يعرف ونس تحديدا السبب ولكن «كان فيه وقتها مشاريع لها اتجاهات تانية عجبت الناس الكبار»، فى إشارة إلى مشروعات زراعة الفراولة والخروب فى صحارى مصر وقتها. «البطاطا محصول غير مكلف، فأراضى مصر الصحراوية الخفيفة، منخفضة العناصر الغذائية هى الأنسب له على مستوى العالم». الطقس الصيفى هو الأنسب لمحصول وافر، يحتاج درجة حرارة تتراوح بين 25 و39 درجة مئوية. أما انتاج فدان البطاطا الواحد من الدقيق فلا يقل عن 3 أطنان، عندما قارنها ونس فى دراساته بإنتاج فدان القمح «كان الناتج نفس كمية الدقيق مع فرق إن كلفة انتاج فدان البطاطا أقل، ولا تحتاج رعايتها لمجهود كبير». وقتها استخدم القائمون على المشروع نوعا من البطاطا المستوردة، تمت زراعتها فى المركز الدولى للبطاطا والبطاطس، «الموجود حاليا باسمه فقط، بعد زراعة أرضه بالبرسيم». يتذكر ونس أن مصر كانت من كبار مصدرى البطاطا، قبل أن تتراجع إلى المكانة قبل الأخيرة بين عشرين دولة تزرع البطاطا وتصدرها، تقودها الصين. تراجع التصدير يشترك فيه أيضا المزارعون، فهم يفضلون زراعة «البطاطا المنجاوى»، ذات القلب الأحمر والإنتاج الوفير، على حساب الأنواع البيضاء. يشرح فلاح الباجور أمجد أن «المنجاوى مطلوبة فى السوق أكثر فى موسم الشتاء، لأن الناس تحب تأكل بطاطا مشوية وتعملها فى الفرن». أما الأوروبيون فيفضلون البطاطا باللون الأبيض الكريمى، المناسب للمعلبات والبطاطا المقلية. حتى الآن التكنولوجيا الخاصة بقلى البطاطا «شيبسى»، والتى تحتاج لدرجة حرارة وضغط منخفض لم تصل مصر بعد. بزراعة البطاطا، يرتاح أمجد الذى يعمل مدرسا للغة الإنجليزية من التكلفة، ويستفيد من الجذور، والأهم «عروش البطاطا التى يتنافس عليها الفلاحون وقت أزمات البرسيم»، فكما يوضح ونس تحتوى الفروع على بروتين وألياف تجعلها من أفضل المواد «للتسمين وزيادة الدهن فى الحيوانات كبدليل عن الأعلاف». أما الجذور فتحتوى على نسبة عالية من فيتامين أ، المجدد لخلايا البشرة والأنسجة، بالإضافة إلى النشويات والسكريات التى تجعل قطعة من البطاطا وجبة مشبعة ومفيدة. فكرة المشروع كما يوضح أنس، استخدمها قبله قدامى الفلاحين المصريين عندما كان يتم طهو البطاطا لتساعد على تماسك دقيق القمح. أوراق المشروع كانت تحمل الجدوى الاقتصادية والغذائية وفكرة متكاملة عن الأماكن الممكن زراعتها فى مصر، يتذكر د. ونس مشروعه القديم «الحبر على ورق»، والذى لا يعرف له مكانا. فقط موجود بمحاضر معهد البساتين الذى سجل فيها البحث وقتها. .. والعيش يخرج ساخنًا