تصاعد الجدل بين القانونيين حول الطلب الذى تقدم به شيوخ القضاة للمستشار سرى صيام، رئيس محكمة النقض بمنع دخول كاميرات التصوير التليفزيونية إلى قاعات المحكمة أثناء نظر القضايا، حيث يؤكد عدد من شيوخ القضاة أن كاميرات التليفزيون تؤثر على سير إجراءات العدالة ومنعها لا يحرم المتهم من محاكمة عادلة. وقد تقدم رؤساء الدوائر الجنائية بمحكمة النقض أمس الأول باقتراح حظر بث وقائع الجلسات أو تسجيلها أو تصوير أطراف الخصومة فيها، وأصدرت محكمة النقض برئاسة القاضى سرى صيام رئيس المحكمة بيانا أمس الأول أكدت فيه أن علانية جلسات المحاكمة لا تعنى بث أو تسجيل وقائعها أو تصوير المتهمين فيها، وأن التسجيل وتصوير المتهمين يتناقض مع أصل البراءة فى المتهم، ويؤثر على الرأى العام. وأشار البيان إلى ضرورة امتناع القضاة، عن تناول القضايا المنظورة فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة أو مراحل الدعوة الجنائية بأحاديث أو التعليق فى وسائل الإعلام، وعدم إصدار بيانات بشأن القضايا المنظورة خارج نطاق أسباب الحكم ومنطوقه. وقال القاضى أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض إن تصوير وبث وتسجيل وقائع المحاكمة بالكاميرات التليفزيونية يحول جلسة المحاكمة ل«مسرحية» يقوم بأدوار التمثيل فيها الشهود والمحامون والمتهمون، وقد ثؤثر على القاضى نفسه، مؤكدا أن المنع لا يتعلق بحقوق المتهم والمجنى عليه، بل بإجراءات سير العدالة. وأوضح مكى أن منع التصوير داخل المحاكم نطام عالمى ودولى، حيث إن وجود كاميرات تليفزيونية داخل جلسة المحاكمة يحول الشهود والمحامين إلى ممثلين، ويؤثر على سير جلسات المحاكمة، مستشهدا بوقائع جلسات محاكمة قاتل شهيدة الحجاب مروة الشربينى فى دريسدن بألمانيا، ونظام المحاكم المعمول به فى أمريكا وإنجلترا. واستشهد مكى بلقاءات الرئيس مبارك الرسمية، حيث نجد الكاميرات تصور أول اللقاء فقط ولا تصور المباحثات والاتفاقات، مشيرا إلى أن علانية جلسات المحاكمة تعنى السماح بحضورها والنشر عنها فى وسائل الإعلام، بشرط ألا يكون بتصوير تليفزيونى، ولا مانع من وجود كاميرات تصوير فوتوغرافى، لنشر الصور فى الصحف المطبوعة والمواقع الإلكترونية، موضحا أن القاضى سرى صيام متحمس جدا لهذا الاقتراح وسوف يصدر قريبا قرارا ملزما به. وعن ضرورة امتناع القضاة، عن تناول القضايا المنظورة فى مرحلتى التحقيق والمحاكمة أو مراحل الدعوة الجنائية بالحديث أو التعليق فى وسائل الإعلام، قال مكى إن من حق القاضى فقط قول أسباب وحيثيات حكمه، وليس التعليق على حكمه ومناقشته. فيما اعترض جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان على منع التصوير كليا داخل المحاكم، مرجعا المنع إلى ظروف كل قضية وتقدير القاضى، فالقضايا التى تمس الشرف والسمعة يمنع تصويرها، لأنها تؤثر سلبا على أطراف القضية، أما قضايا الفساد فلا مانع من تصويرها، موضحا أن الثابت عالميا ودوليا عدم تصوير وقائع المحاكمة، وإن كان الأمر فى الأساس يرجع لتقدير القاضى. وأضاف عيد أن الدول التى ليس فيها قضاء مستقل مثل مصر يفضل فيها التصوير داخل المحاكم، لأن التصوير والنشر فى وسائل الإعلام يعتبر فى هذه الحالة سندا وداعما لعدالة المحاكمة، ويشعر الشهود بالاطمئنان. ويؤكد الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، أن منع التصوير داخل المحاكم لا يتعارض مع علانية جلسات المحاكم التى ينص عليها الدستور، فالمحاكمة علنية إلا إذا قررت المحكمة فى قضايا خاصة أن تجعلها سرية مثل قضايا الأحداث، أو مراعاة للنظام العام أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية. وأشار البنا إلى أن علانية الجلسات تعنى أن قاعة المحكمة مفتوحة للجميع، ولكن ليس معنى ذلك أن أصورها تليفزيونيا وأذيعها فى وسائل الإعلام، ولا يتعلق الأمر بحقوق المتهم والمجنى عليهم، وإنما يتعلق بإجراءات المحاكمة، والمسائل التنظيمية.