«الدولة التى تغير الدستور بتاعها عشان شخص معين أو فئة معينة تبقى لا مؤاخذة دولة هزؤ، ونظامها السياسى أيضا نظام هزؤ». هذا نص كلمات للدكتور على الدين هلال أمين الإعلام فى الحزب الوطنى نشرتها صحف كثيرة صباح أمس الأول. جاءت فى سياق رده على أسئلة طلاب الجامعات المشاركين فى معسكر أبوبكر الصديق مساء السبت الماضى بالإسكندرية. الدكتور هلال أستاذ علوم سياسية بارع ومفوه وله مؤلفات كثيرة متميزة بعضها فى الأحزاب السياسية والنظم الدستورية، وتشرفت أننى كنت تلميذه فى أولى إعلام القاهرة أواخر عام 1982.. ومعروف عنه فى خطبه وتصريحاته الصحفية أنه يختار كلماته بعناية، ويصعب أن تفلت منه كلمة هنا أو عبارة هناك إلا إذا كان يقصدها بالفعل. قد نختلف أو نتفق مع د. على الدين هلال حول الأفكار والرؤى والسياسات فهى فى النهاية وجهات نظر، لكن الحقائق يصعب القفز عليها والتعامل مع البشر وكأنهم لا يتذكرون شيئا. سندخل فى صلب الموضوع ونسأل د. هلال بعض الأسئلة عله يتذكر ما حدث وربما وقتها يعيد التفكير فى مسألة هل تغيير الدستور علشان شخص هو أمر هزؤ أم لا؟! يا دكتور على لعلك تتذكر أن كل القوى السياسية طالبت بتعديل الدستور، فقام الرئيس مبارك مشكورا فى عام 2005 بتعديله ليصبح انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الحر المباشر وليس عبر الاستفتاء وهو الأمر الذى رحب به الجميع. بعدها حاولت نفس القوى والأحزاب اقناع الحكومة والنظام بتعديل المادة 76 فظلت الحكومة ترفض باصرار، والرئيس نفسه وأنت تتذكر قال كلاما واضحا لا لبس فيه بأن المادة لن يتم تعديلها، وبعد أقل من شهر واحد قام بتعديلها فى 2007. لكن هذا التعديل يا دكتور على كان تفصيلا على شخص معين بحيث لن يكون هناك رئيس للجمهورية إلا الرئيس حسنى مبارك أو ابنه السيد جمال مبارك.. السؤال يا دكتور على: ما هو توصيف الحكومة ولا أقول الدولة التى تفصل المادة 76 بالشكل التى خرجت به؟، واذكرك أن معظم أساتذة القانون الدستورى وصفوها بأنها أغرب مادة دستورية بدءًا من طولها وطريقة صياغتها ونهاية بمضمونها ومقاصدها ونواياها غير المضمرة. السؤال الثانى يا دكتور على هو ما رأيك فى الحكومة والنظام اللذين غيرا فى أوائل الثمانينيات المادة 77 لتتيح انتخاب رئيس الجمهورية أكثر من مرتين.. هذا التعديل كما لا يخفى عليك كان مقصودا به شخص معين واحد هو أنور السادات، واستفاد منه ولا يزال شخص معين آخر اسمه الرئيس حسنى مبارك فما هو موقفك يا دكتور على بشأن المطالبة بتعديل المادة 77 لتقصر فترات تولى الرئاسة لمدتين فقط؟! السؤال الثالث يا دكتور على: ما هو قولك فى الحكومة والإدارة ولا أقول الدولة التى غيرت المادة 179 من الدستور لتمنع الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات وهو الأمر الذى استفادت منه فئة واحدة هى الحزب الوطنى وكانت بشائر هذا التعديل ما وصفته أحزاب وقوى المعارضة والمستقلين بالمهزلة فى انتخابات مجلس الشورى الأخيرة؟ السؤال الرابع: قلتم سيادتكم إن من يريد الترشح لرئاسة الجمهورية عليه العمل من داخل الأحزاب.. قول رائع وجيد ولكن المشكلة أن ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. نتفق معك فى ضرورة تقوية الحياة الحزبية ونتفق معك أن بديل الحياة الحزبية هى الفاشية والاستبداد. لكن يا دكتور على عن أى حياة حزبية تتحدث، ومن الذى أضعف أحزاب المعارضة وأوصلها إلى الهوان التى تعيش فيه؟ يا دكتور على أنت أدرى الناس بواقع الحياة الحزبية الذى نعيشه، أنت تدرك أكثر منا أن حال الأحزاب المعارضة يرثى له وأنها صارت «خرابات» وصار من السهل على مخبر فى أمن الدولة أن يتصل برؤساء الأحزاب ليخبرهم أنه تم اختيارهم للتعيين فى مجلس الشورى، بعد أن تم انتخاب عضو من كل حزب ليتم انتخابه بالإكراه! يا دكتور على أذكرك أن أحد أحزاب المعارضة الورقية تصور للحظة أنه حزب حقيقى ودعا الدكتور البرادعى كى ينضم له ويترشح باسمه.. هذا الحزب فكر بنفس الطريقة التى تحدثت بها فى الإسكندرية.. فماذا كانت النتيجة؟! بعدها بأيام قليلة حدث انشقاق داخل الحزب وقال «أحدهم» انه صار رئيسا للحزب بدلا من الرئيس الذى دعا البرادعى للانخراط فى الحياة السياسية. وبعد «قرصة الودن» الغى هذا الرجل الحالم كل مشاريعه يا دكتور على، جميل أن تكتب فى علوم السياسة، وتطور الدستور المصرى منذ الخديو إسماعيل وحتى ما قبل ثورة يوليو، لكن المشكلة انك عندما تتحدث عن الحكومة الحالية وأحزاب اللحظة الراهنة نفاجأ بأنك خلعت عباءة الاكاديمى المتواضع وعالم السياسة المتزن وصرت تردد الفاظا غريبة من قبيل «الهزؤ» وتلقيح الجتت.