من السوبر إلى السوبر.. ديمبيلي كلمة السر في خماسية باريس سان جيرمان    أروى جودة تطلب الدعاء لابن شقيقتها بعد تعرضه لحادث سير خطير    سعر الذهب اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الارتفاع العالمي الجديد وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الهبوط الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    رئيس الوزراء: قرارات مصر السياسية لا تتأثر بتمديد «اتفاق الغاز»    سفير مصر السابق بفلسطين أشرف عقل ل« المصري اليوم»: أسامة الباز قال لي لا تقل القضية الفلسطينية بل المصرية.. هذه قضيتنا (الحلقة 36)    ترامب: الجيش الأمريكي "سيحرر" واشنطن    اشتعال مئات المركبات بسبب انتشار أكثر من 100 حريق في غابات اليونان (صور وفيديو)    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    موعد مباراة مصر والسنغال والقنوات الناقلة مباشر في بطولة أفريقيا لكرة السلة    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    درجة الحرارة تصل ل49.. حالة الطقس اليوم وغدًا وموعد انتهاء الموجة الحارة    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    الاَن.. رابط تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلة الأولى والثانية (الشروط وطرق التحويل بين الكليات)    بعد إحالة بدرية طلبة للتحقيق.. ماجدة موريس تطالب بلجنة قانونية داخل «المهن التمثيلية» لضبط الفن المصري    ناهد السباعي عن انتهاء تصوير «السادة الأفاضل»: زعلانة    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    العدوى قد تبدأ بحُمى وصداع.. أسباب وأعراض «الليستيريا» بعد وفاة شخصين وإصابة 21 في فرنسا    توب وشنطة يد ب"نص مليون جنيه"، سعر إطلالة إليسا الخيالية بمطار القاهرة قبل حفل الساحل (صور)    "وفا": إسرائيل تطرح 6 عطاءات لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في سلفيت والقدس    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية ترفض مبادرات السلام مع كوريا الجنوبية.. ما السبب؟    بأكياس الدقيق، إسرائيليون يقتحمون مطار بن جوريون لوقف حرب غزة (فيديو)    وزير خارجية فرنسا: ترامب وعد بالمساهمة في الضمانات الأمنية ل أوكرانيا    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    لحق بوالده، وفاة نجل مدير مكتب الأمن الصناعي بالعدوة في حادث صحراوي المنيا    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    وداعًا لرسوم ال 1%.. «فودافون كاش» تخفض وتثبت رسوم السحب النقدي    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    طريقة عمل كفتة داود باشا أكلة لذيذة وسريعة التحضير    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    القمر الدموي.. موعد الخسوف الكلي للقمر 2025 (التفاصيل وأماكن رؤيته)    رئيس الأركان الإسرائيلي: اغتلنا 240 من عناصر حزب الله منذ وقف إطلاق النار مع لبنان    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    متحدث الحكومة: لجان حصر مناطق "الإيجار القديم" تُنهي مهامها خلال 3 أشهر    حدث بالفن | أزمة نجمة واحالتها للتحقيق ووفاة أديب وفنانة تطلب الدعاء    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناس والصيف والساحل
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 07 - 2010

أحس بما يشبه وخز الضمير كلما نبهنى صديق أو قريب إلى أننى لا أقضى فى «الساحل» مثل الناس بعض أسابيع الصيف. ألمح بعض التأنيب أو الاستنكار فى لهجة تنبيهى إلى عواقب تقصيرى وضخامة ما أفقد حتى وان كنت لا أشعر أننى أفتقد شيئا.
أصبحت مع تكرار التنبيه أعتقد أن كثيرا من الناس يعتبرون رحلة الصيف إلى الساحل الشمالى واجبا وطنيا، ومن لا يؤديه فقد أساء إلى سمعة الوطن وكرامته. لا أعتذر، وأنا غير نادم فأنا طرف مستفيد من رحلة غيرى من الناس إلى الساحل. إذ تحلو لى فى أسابيع التصييف ممارسة هواية الاستماع إلى قصص المصايف. وما أكثرها.
للمصايف سحر. وبعض هذا السحر يصنع روايات أحلى وأعذب من روايات الخيال لأنها روايات ينسجها بأفعالهم المصيفون والمصيفات..أعرف عن هذا السحر وأتابعه منذ كنت شابا يافعا أقضى مع الأهل ثم مع الأصدقاء معظم شهور الصيف وبعض الخريف على شاطئ من شواطئ الإسكندرية.
عرفت وقتها أن المصيف يعنى، إلى جانب أشياء أخرى، التحرر. فالناس على الشواطئ لا تتحرر فقط من ملابسها، أو المعتاد منها، بل إنها تتحرر، أو تجرب أن تتحرر، من كل قيد ينتقص من حريتها بقية العام. هناك فى المصيف يتعمد الانسان ألا يقرأ ما تعود على قراءته ولا يشاهد ما كتب عليه أن يشاهده بقية العام.
وهو فى الغالب لا يريد أن يجالس من هم فى مثل عمره ومهنته وعمله. أعرف كثيرات وكثيرين يخططون منذ الشتاء لقضاء وقت مختلف ولبناء علاقات جديدة والانعتاق من قيود وفضائل عديدة.
ومن كان على شاكلتى يتابع السلوكيات عن قرب يعرف أن النشاط لإعداد هذه الخطط يتكثف فى شهرى مايو ويونيو من كل عام.
أتى الصيف وفى جعبته السؤال التقليدى عن امتناعى عن اللحاق بقوافل الطريق الصحراوى. عاد وخز الضمير ولكن جاءت معه هذه المرة رغبة عارمة لمعرفة أصل ظاهرة النزوح إلى الشواطئ مع حلول كل صيف.
كنت أعرف أن المصريين والعرب عموما، كالأفارقة، لم يقتربوا من البحر فى قديم الزمان إلا للسفر والصيد والحرب. لم يعرفوا المصايف إلا حديثا جدا. وقليلون اهتموا بالبحث عن جذور الظاهرة إلى أن صارت سياحة المصايف صناعة عالمية تدر عائدات وفيرة.
وأثناء السعى لإشباع رغبتى وقعت على كتاب يزعم مؤلفه إن سياحة الشواطئ اختراع انجليزى يستحق أن يصطف مع كرة القدم والسكك الحديدية باعتبار أنهما أهم ما اخترعته انجلترا.
كتب ترافيز البورو فى كتابه بعنوان « ليتك كنت معى» يقول إن طبيبا انجليزيا نشر فى عام 1667 فى صحيفة محلية كانت تصدر فى جنوب انجلترا مقالا نصح فيه مرضى النقرس بغرس أقدامهم فى رمال البحر المالح.
وهرع الناس إلى الشواطئ وبخاصة عائلات الطبقة الأرستقراطية التى ينتشر فيها هذا المرض. وكعادة الانجليز قاموا بإضافة لمسة وطنية إلى هذا الاكتشاف، حتى إنه فى أواخر القرن الثامن عشر كان ملك انجلترا يأمر بأن تعد له رحلات دورية إلى الساحل مستقلا عربة يجرها خدم ويحيط بها حرس ونبلاء من البلاط وتنزل به إلى البحر.
وعندما يتأهب الموكب للعودة بخروج العربة الملكية من البحر تصطف الفرقة الموسيقية لتعزف السلام الوطنى ويبدأ الموكب رحلة العودة.
اتهام المصايف بأنها ولادة حكايات وروايات وقصص نميمة غير جديدة بل قديمة قدم نشأة ظاهرة التصييف على شواطئ البحار. كتبت جين أوستين على لسان شاهدة فى روايتها الشهيرة الكبرياء والتحيز كيف كانت سعادة ايما فى كل مرة قضت فيها الصيف على شاطئ برايتون بجنوب إنجلترا، وكيف استمتعت حتى «نعمت بصحبة سبعة رجال فى رحلة واحدة.».
لم تكن برايتون وحدها صاحبة هذه السمعة، ففى ايطاليا مثلا تخصصت مجلات خلال الصيف فى نقل تفاصيل العلاقات التى تنتهى بالزواج أو بالطلاق أوبهما معا فى آن واحد. ونادرا ما تتستر هذه المجلات على أسماء كبار الشخصيات السياسية ورجال الأعمال. وفى وقت من الأوقات خصصت إحدى المجلات جائزة سنوية للمصيف الذى يحقق أكبر عدد من الفضائح الصارخة فى موسم واحد.
كانت هذه السمعة وراء المنافسة الضارية التى تنشب كل عام بين أشهر المصايف فى الأرجنتين والأوروجواى وشيلى، وهى المنتجعات التى تحتل مواقع الأسبقية فى أوساط الطبقات الأكثر ثراء فى أوروبا والولايات المتحدة. والشائع بين رجال ونساء هذه الأوساط الاستمتاع بصيفين فى العام الواحد، صيف يقضونه فى نصف الكرة الجنوبى خلال شتاء الشمال، وصيف يقضونه فى الريفييرا وشواطئ الأدرياتيكى وفلوريدا.
يقال فى السياسة إن الناس فى الصيف يتعاملون مع الشأن العام بشكل يختلف عن الشكل الذى يتعاملون به مع هذا الشأن خلال بقية الفصول. ويؤكد صديق يقرأ فى علم النفس أن أكثر الناس فى المصايف يتعاملون مع الشأن الخاص بشكل يختلف تماما عما تعودوا عليه بقية فصول السنة.
ويعتقد أن الفرد، رجلا كان أم امرأة، إذا لم يفلح فى تغيير جانب من سلوكياته خلال إجازة المصيف سيعود من الساحل خائب الرجا فى أحسن الأحوال ومكتئبا فى أصعبها. أما من أفلح فسيعود متجددا ومجددا وأكثر استعدادا لمواجهة كل ما هو ممل ومضنى فى «المعتاد».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.