ربما تعد الحساسية الاستثناء الوحيد لقانون الحركة الشهير لإسحق نيوتن عن الفعل ورد الفعل. فبينما يؤكد القانون أن لكل فعل رد فعل مساويا له ومضادا له فى الاتجاه يأتى فعل الحساسية بما يخالف القانون ولا يخضع لأحكامه. تظل «الحساسية» تعبيرا غامضا حتى الآن.. يصفها العلم بدقة لكنه لا يشرح أسبابها أو يكشف كل أسرارها. يعبر مصطلح الحساسية عن رد فعل مبالغ فيه صادر عن مادة أو شىء موجود بصورة طبيعية غير مؤذ فى أى من الأحوال التى يصيب فيها البعض من الناس دون الآخرين المحيطين بهم والمخالطين لهم. تتعدد مظاهر الحساسية وتختلف أسبابها الظاهرة فمنها حساسية الطعام أو حساسية الأدوية وحساسية الإنسان للدغة الحشرات. منها ما يأتى بلا نذر تسبق العاصفة أو ما يمهد لاندلاع النار ومنها ما يفور كالحليب لينتهى كما بدأ فلا أثر يترك وراءه ولا علاقة تؤكد أنه حدث. خلق الله سبحانه للإنسان نظاما مناعيا يحميه من غزو الميكروبات والفيروسات على اختلاف أنواعها يتعامل ذلك النظام مع أى كائن دقيق يغزو الجسم على أنه عدو antigen يفرز فى مقابله مركبات عديدة كيماوية وأجسام مضادة antibodies هدفها الأول القضاء على ذلك الغريب الغازى بطرق ودفاعات مختلفة لحماية الإنسان، لكن فى بعض الأحيان يخطئ الجهاز المناعى فى تقديره فيهاجم صديقا بلا هوادة قبل أن يتحقق من هويته التى تؤكد أنه سليم النية يستنفر الجهاز المناعى كل جنوده لتظهر كل أعراض الحساسية المعروفة. أعراض الحساسية العطس واحتقان الأنف وربما أعراض أزمة الصدر من السعال وصعوبة التنفس وأصوات التنفس العالية «تزييق الصدر». الرغبة فى الهرش فى الجلد واحمراره وربما الطفح الجلدى أيضا. احمرار العين والرغبة فى دعكها وهياج الغشاء المخاطى المبطن للفم والزور واحتقانه. أعراض سوء الهضم وحرقة الفؤاد فى حساسية الطعام. تصلب العضلات والألم والتهابات المفاصل مع حساسية الأدوية. الحساسية القاتلة كلدغة الحشرات أو الحساسية للأدوية والمركبات المستخدمة فى التخدير أثناء العمليات الجراحية وتسمم الغذاء. متى يجب أن تلجأ للمستشفى أو تستدعى الطبيب؟ عند الاشتباه فى التسمم الغذائى والذى تفوق أعراضه أعراض حساسية الطعام خطورة لتقلصات المعدة العنيفة والإسهال المستمر وأعراض الجفاف. عند حدوث أزمة تنفسية حادة الأعراض كالاختناق وصعوبة التنفس. احمرار الجلد فجأة وصعوبة التنفس والرغبة الشديدة فى هرش أنحاء متفرقة من الجسم قد تنبئ عن الحساسية الصدرية وهى حالة خطيرة من الحساسية تستدعى العلاج الفورى فى المستشفى. حساسية الطعام حساسية الطعام تظهر أعراضها على الإنسان إذا ما تناول اللبن ومنتجاته، البيض، الأسماك والقشريات كالجمبرى، أنواع المكسرات المختلفة والفول السودانى، القمح ومنتجات الصويا المختلفة وقد يضاف إليها السمسم وبعض الفواكه مثل الفراولة والموز ثم الشيكولاتة. وهنا يجب الانتباه إلى حقيقة الأمر هل هذه حساسية بالفعل أم أنها مجرد عدم القدرة على احتمال هذا المركب أو الطعام؟ Allergy orintolerena كمثال عدم القدرة على احتمال سكر اللبن اللاكتوز الذى قد يستنفر تفاعل الحساسية إذا ما شرب الإنسان اللبن فيؤدى إلى مشاكل الهضم المعروفة من نوبات إسهال وإمساك وتجمع للغازات فى الأمعاء مؤلم ورغبة فى القىء لكن إذا تناول الإنسان الزبادى على سبيل المثال فلا حرج أو مشكلات. حساسية الجلد تعرض الجلد المباشر لعوامل متعددة كالشمس أو أنواع الكريمات المختلفة قد يؤدى لتفاعل الحساسية الذى يظهر فى إحمرار الجلد وربما التهابه وتشققه وحدوث ما يسمى بالثآليل أو الالتهاب الذى ينتج عنه انتفاخات رقيقة مملوءة بسائل أصفر شفاف قد يتعرض لغزو البكتيريا فيما بعد فيمتلئ بالصديد قد ينتج أيضا من البرد والحر والتعرض للدغات الحشرات والبعوض أو التعرض للضغوط العصبية بلا سبب مباشر يلامس الجلد أو يؤذيه. الحساسية للأدوية تعد عائلة البنسلين أهم أسباب حساسية الأدوية لذا ينبه على من يحقنون بالبنسلين لفترات قصيرة «علاج العدوى» أو لفترات طويلة «للوقاية من روماتيزم القلب» أن يجروا اختبار حساسية البنسلين فى كل مرة وبصورة دائمة قبل أن يتلقوا الحقن. هناك أيضا حساسية أدوية مختلفة مثل أدوية علاج الصرع والحساسية للأنسولين والحساسية للمواد المستخدمة فى التخدير قبل إجراء العمليات الجراحية أيضا الأسبرين رغم أنها حساسية خفيفة. كيف يمكن تشخيص الحساسية؟ دراسة وافية لتاريخ الإنسان المرضى والعائلى إلى جانب قائمة تعرض عليه للمواد المسببة للحساسية لاختيار المواد التى يرى أنه يتأثر بها ولو فى شكل محدود تحدد خريطة واقعية لعلاقة الإنسان بما يستفز فعل الحساسية من داخله. اختبارات الحساسية للجلد تتيح التعرف على المواد التى تتسبب فى الحساسية خاصة حساسية الطعام والبنسلين ولدغة الحشرات لكنها فى الواقع ليست قاطعة فى بعض الأحوال. اختبارات الدم لوجود الأجسام المضادة لمواد بعينها مسببة للحساسية هى أدق الاختبارات المعروفة لتحديد أنواع الحساسية ومسبباتها. علاج الحساسية أفضل ما تعالج به الحساسية هو تجنب مسبباتها متى كانت معروفة للإنسان وقراءة مكونات الأغذية على اختلاف أنواعها والتى غالبا ما يحملها ملصق على العلبة أو العبوة أمر ضرورى ومهم للغاية فى اكتشاف أى مسبب للحساسية. تبقى مضادات الهيستامين على اختلاف أنواعها وتعدد أغراضها فمنها ذات المفعول السريع أو الذى يمتد لأربع وعشرين ساعة، منها أيضا ما يمكن استخدامه فى ساعات النهار فلا يؤثر على مركز النوم أو الذى يجب استخدامه فى المساء فقط يترك هذا لإرشادات الطبيب. الكورتيزون ومشتقاته يفيد كثيرا فى الحالات القاسية والتى تلازم الإنسان لفترة طويلة. الابنيفرين Epinephrine والذى يستخدم بالحقن فى الوريد فى حالات الصدمة أو الحالات القاسية من الحساسية.