تعانى الموسوعات ودوائر المعارف العربية أزمة كبيرة، سواء فى وجودها من الأصل أو فى حداثتها وعصريتها وتغطيتها لأوجه المعارف والحضارة قديمها وحديثها. فنحن قد وصلنا فى عالمنا اليوم إلى درجة هائلة من التراكم الحضارى والمعرفى فى كل مجالات الحياة تجعلنا فى احتياج حقيقى للاطلاع الدائم على تعريفات وأصول الأشياء بلغتنا العربية، ومن وجهة نظر تناسبنا كى لا تختلط الأمور على كبيرنا وصغيرنا، كما هو حادث اليوم، فنجد خريجى الجامعات والأكاديميات فى بلادنا يجهلون أبسط الحقائق عن الحياة والتاريخ والجغرافيا، وغيرها. فإن كان هذا هو الحال عموما، فما بالكم بالموسوعات العربية على الإنترنت، فما نجده من محتوى عربى على الإنترنت هو فى الأغلب منقول عن مصادر ورقية، وحتى هذا يتم بشكل عشوائى وبمبادرات فردية فى أحيان وتجارية فى أحيان أخرى، أما الإسهامات الحكومية فى المحتوى العربى على الإنترنت فهى بحق تحتاج لمراجعة طويلة، حيث تشعر عند اطلاعك على المواقع الحكومية التى يفترض أنها تضم محتوى موسوعيا أو ثقافيا أنها صنعت فقط لذر الرماد فى العيون بفقرها فى المحتوى والشكل والبناء.. ويستثنى من هذا تجارب قليلة هنا أو هناك مثل مشروع CultNat المصرى بالتعاون مع بعض شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية لتوثيق التراث والحضارة المصرية على الإنترنت، والذى يسير بخطى بطيئة بعض الشىء لضخامته ولكنه بالفعل يعتبر إضافة واستثناء. ويبدو أن هناك حالة من الكسل أو العجز القومى لإنجاز موسوعات عربية حديثة وعصرية تضم كل ما نحتاجه للاطلاع على نتاج الحضارة البشرية بكل تراكماتها ومنها حضارتنا بالطبع تكون متاحة لكل إنسان عربى من كل الأعمار فى أى وقت وبكل الأشكال الممكنة، فى محاولة لتقليل الفجوة الحضارية التى تفصلنا عن أمم وشعوب أخرى. وإن ذكرنا موسوعات الإنترنت فيجب أن نذكر على الفور الموسوعة الحرة ويكيبيديا Wikipedia غير الهادفة للربح والتى يحررها متطوعون من كل مكان بالعالم، والتى شكلت فى سنوات قليلة تهديدا لموسوعات عريقة وضخمة مثل موسوعة إنكارتا من مايكروسوفت، والتى أعلنت مؤخرا خروجها من السوق بسبب ويكيبيديا، كما توجد تقارير تفيد بأن موسوعة بريتانيكا البريطانية العريقة تعانى من مشكلات كبيرة فى مبيعاتها بسبب ويكيبيديا أيضا التى باتت الموسوعة الأكثر انتشارا فى العالم.. لقد جمعت ويكيبيديا فى أقل من عشر سنوات منذ إنطلاقها عام 2001 أكثر من 12 مليون مدخل معرفى بأكثر من 238 لغة، ولا تتعدى المقالات الموجودة باللغة العربية عليها 100 ألف مقال فقط، لتأتى فى مرتبة متأخرة بين لغات أخرى عديدة أولها الإنجليزية التى تصل عدد المقالات المكتوبة بها إلى أكثر من 2،8 مليون مقالة. المشكلة ليست فقط فى العدد القليل للمقالات العربية على ويكيبيديا، ولكن أيضا لفقر نسبة كبيرة من هذه المقالات والتى لا يتعدى بعضها بضعة أسطر ولا تجد من يضيف عليها أو يطورها، هذا إلى جانب ندرة المساهمة العربية فى تحرير المقالات بلغات أخرى والتى تتناول موضوعات تخصنا كعرب وكمسلمين كالتاريخ والدين وغيرهما، ما يجعلها عرضة للتحريف والتزييف ونحن نائمون. البعض يُرجع هذا الفقر فى المحتوى العربى على ويكيبيديا والذى هو مثال واضح لفقر المحتوى العربى على الإنترنت عموما إلى أكثر من سبب، منها افتقاد الإنسان العربى لروح التطوع للمشاركة فى مشروع مثل هذا يقوم على جهود تطوعية ودون مقابل، وهذا ربما لعدم اكتراثه أو لعدم إيمانه بجدوى مساهماته الصغيرة وهى النتيجة المنطقية لعقود من القمع والتهميش للشعوب العربية بكل فئاتها وطبقاتها.. فنحن نشهد فى دول عربية عديدة زيادة كبيرة فى أعداد المستخدمين للإنترنت وانتشار استخدام أحدث التقنيات فى الاتصال بالإنترنت الذى أصبح منتشرا على أجهزة الكمبيوتر والموبايل فى البيوت والمدارس والجامعات وأماكن العمل وغيرها. لدينا أيضا أعداد غفيرة من خريجى الجامعات فى مختلف التخصصات، ولدينا كنوز من المعارف والدراسات والآداب العربية التى تفتقد للتوثيق الرقمى بأشكاله وتتعرض للتلف والضياع مع الزمن، فما الذى ينقصنا إذن غير الرغبة والإرادة والتنظيم. نحتاج لمشروعات قومية ترعاها الحكومات والمنظمات الإقليمية المعنية ومنظمات المجتمع المدنى لنقل المحتوى العربى على الإنترنت إلى مستوى آخر سواء بزيادة مشروعات توثيق الحضارة والتراث وإتاحتها رقميا باللغة العربية أو بإطلاق موسوعات عربية عصرية، أو بنشر فكرة التطوع بين الأفراد للمساهمة فى تحرير الموسوعات الحرة والمدونات والمواقع المتخصصة وغيرها، سواء بجعل هذا جزءا أصيلا من الواجبات المدرسية والمهام البحثية فى الجامعات والأكاديميات، أو بأى طريقة كانت.. المسألة لا تحتاج للكثير من المعرفة التقنية أو الإمكانات المادية وأصبحت متاحة للكبير والصغير على حد سواء، فالنشر على الإنترنت أصبح أسهل كثيرا من ذى قبل، سواء على مواقع (الويكى) الحرة مثل «ويكيبيديا» وموسوعة «المعرفة» العربية وغيرهما، هذا إلى جانب خدمات التدوين المجانية والمواقع الإجتماعية والمنتديات وغيرها. روابط مفيدة لمواقع معرفية وموسوعية باللغة العربية: موسوعة ويكيبيديا الحرة باللغة العربية: ar.wikipedia.org موسوعة المعرفة العربية الحرة: www.marefa.org موقع الوراق: www.alwaraq.net وحدة جوجل للمعرفة بالعربية: http://knol.google.com موقع مصر الخالدة: www.eternalegypt.org موقع مكتبة الإسكندرية: www.bibalex.org المركز المصرى لتوثيق التراث الطبيعى والحضارى: beta.cultnat.org باحث المعاجم العربية: http://baheth.info