منذ شهر تقريبا تولى الدكتور رضا الوكيل رئاسة البيت الفنى لدار الأوبرا المصرية، وهذا المكان هو المطبخ الخاص بهذا الكيان الكبير، وبالتالى فهو يحتاج إلى فنان من نوعية خاصة، لا ينحاز إلى لون موسيقى أو غنائى على حساب عمل آخر، طوال السنوات الماضية شعرنا بإهمال قطاع الموسيقى العربية، واهتمام شديد بالموسيقى الكلاسيكية، والباليه، والأوبرا «الغناء الأوبرالى»، على اعتبار أن الرئيس السابق للبيت الفنى كان من عازفى أوركسترا أوبرا القاهرة، وبالتالى انحاز لثقافته، وبما أن الدكتور عبدالمنعم كامل مخرج باليه فى الأساس بالتالى زادت العروض دون أن نشعر. ونجوم فرقة الأوبرا لهم أنياب لذلك حصلوا على حقوقهم، وطوال هذه السنوات الأربع الماضية كانت الموسيقى العربية تتذيل القائمة، والإهمال هناك لا نقصد به عدد الحفلات أو تجاهل المهرجان الخاص بهذا اللون الغنائى، لكن الإهمال ظهر فى مستوى الحفلات، وعدم الاهتمام بضرورة الارتقاء بالمستوى الفنى للعازفين، والمطربين، والكورال، وكذلك الاهتمام بالمستوى المادى لهم، وإعادة الانضباط للفرق، لأن هناك عازفين يعملون فى فرق خاصة دون حساب، كل هذا لابد من وضع نظام يطبق على الجميع. وكذلك مستوى البرنامج الغنائى المقدم فى الحفلات، كل هذا سببه أن رئيس البيت الفنى ترك الحرية المطلقة للمسئولين عن الموسيقى العربية، وكذلك مستشار الموسيقى العربية، بالقدر الذى جعل هناك نوعا من التسيب، والإهمال، وطوال السنوات الماضية، وحتى وقتنا الحالى لم يتول هذا القطاع إنسان أمين على هذا النوع من الغناء الذى نخشى أن يندثر، لأن قادة الفرق للأسف الشديد أصبحوا يقدمون الأعمال الموجودة على «وش القفص» كما تقول المقولة الشعبية ولم يحاول أحدهم أو المسئول عن قطاع الموسيقى الشرقية أن يلفت نظرهم بضرورة الغوص فى أعماق التراث، وتلميع أعمال كبار الموسيقيين.. فالغناء العربى ليس أم كلثوم، وعبدالحليم، وعبدالوهاب، والأغانى ليست الأطلال، وهذه ليلتى، واسأل روحك، وأنت عمرى، وقارئة الفنجان، وأى دمعة حزن لا، وتوبه فقط، هناك أسماء آخرى، وأعمال آخرى، وهناك ألوان أخرى من الموسيقى العربية مثل الموشحات، والأدوار، والطقاطيق، والبشارف، لذلك فهذا التساهل للأسف الشديد أنسانا جزءا كبيرا من الجذور. ونحن أمة لم تعد تملك سوى هذا التراث بعد أن فقدنا كل شىء سياسيا، واقتصاديا، وعلميا، هناك شعوب لا تملك تراثا وبالرغم من هذا فهى تحاول أن تصنعه حتى ولو بالسرقة مثل إسرائيل، لذلك على رئىس البيت الفنى الجديد أن يفتح ملف الموسيقى العربية داخل دار الأوبرا، قبل أن يندثر التراث، خاصة أن القائمين عليه لا ينتمون إليه، وهو الأمر الأخطر فى القضية ولنا عودة فى هذه القضية. أمجد مصطفى [email protected]