يحاول الدكتور عبدالمنعم كامل إصلاح ما أفسده بعض العاملين فى الأوبرا فى شتى القطاعات. لذلك فهو أشبه بالجراح الذى يقوم باستئصال الداء، وإيجاد الدواء. والقريب من الدكتور كامل رئيس الأوبرا يشعر أحيانا أنه يكاد يعمل بمفرده، وأن الكثير من الموظفين والفنانين مهمتهم تصدير المشكلات إليه بدلا من حلها، وهذا الأمر لمسناه كثيرا فى العديد من المواقف داخل هذا الكيان الكبير، وبالتالى أصبح عليه أن يجد حلولا للمشكلات، بجانب مهمته الأساسية وهى التخطيط لهذه المؤسسة الفنية. فى هذا الحوار تحدثنا معه عن الطفرة التى حدثت فى الأوبرا على مستوى نسبة الحضور، والعائد من الحفلات بالمقارنة بخمسة سنوات ماضية. ومشكلات الموسيقى العربية، وانخفاض الأجور التى تمنحها الأوبرا للريستيالات. وكذلك قضية اهتمام الأوبرا بتحقيق أرباح رغم أنها جهة غير ربحية «لا تسعى للربح». فى البداية سألته: الشروق:استعرضت خلال مؤتمر صحفى الطفرة التى حدثت فى الأوبرا خلال الموسم الماضى بالمقارنة بخمس سنوات ماضية، هل هذا «نوع من استعراض القوة»؟ عبد المنعم: لا إطلاقا.. لكننى أريد أن أقول إننا نقدم فنونا رفيعة وفى الوقت نفسة ليست بعيدة عن الجمهور. وبالتالى فإننا ارتفعنا بنسبة حضور من 55٪ إلى 85٪، والإيرادات ارتفعت من 2.7 إلى 9 ملايين جنيه، وهذا الأمر سوف يجعلنا حريصين دائما على استقدام الفرق التى تقدم الجديد والهادف، الذى يتناسب مع الذوق المصرى، وفى نفس الوقت لها جماهيرية. الشروق: لكن هذا الأمر قد يجعلك تستقطب فرقا ضد تقاليدنا؟ عبد المنعم: لن أسمح بهذا، ولن يدخل الأوبرا عرض خادش للحياء مهما كان الثمن. الشروق: هذه الطفرة فى الإيرادات هل لها مردود على مستوى فنانى الأوبرا؟ عبد المنعم: أحاول قدر الإمكان أن يكون المستفيد أصحاب الأجور المتدنية، وعلى سبيل المثال، العالمون فى إدارة خشبة المسرح دخلهم ارتفع ثلاث مرات لأن عدد الحفلات زاد. الشروق: لكن هناك أجورا مثل التى تمنح لمن يقدمون ريستيالات مازالت متدنية؟ عبد المنعم: أغلب من يقدمون الريستيالات يعملون بالأوركسترا، وهم يتقاضون رواتب من الأوبرا، لذلك لم ننظر لهم. لكن مستقبلا سوف يشعرون بتحسن فى مستوى الأجور. الشروق: زيادة الدخل حلم تحقق، هل هناك أحلام أخرى؟ عبد المنعم: أحلم لى، ولمن يأتى بعدى بأن تكون الأوبرا المصرية دائما كاملة العدد. لأن هذا هو الوضع السائد فى كل أوبرات العالم. الشروق: سعيك للربح أعتقد أنه ضد سياسة المكان، فالأساس تقديم خدمة فنية راقية دون النظر للعائد؟ عبد المنعم: فى كل بلاد العالم دعم الأنشطة الفنية بدأ يقل نتيجة الأزمة الاقتصادية.. أمريكا مثلا خفضت دعم الفنون من 75٪ إلى 25٪ فقط، وأوروبا وصلت فيها النسبة إلى 50٪. وفى شرق آسيا لا يوجد دعم سوى فى الصين فقط. لذلك نحن نحاول أن نفعل هذا لأننا نقدر المسئولية الملقاة على عاتق الدولة لأن الناس فى حاجة للرغيف المدعوم أكثر من أى شىء، إلى جانب الرعاية الصحية والتعليم. الشروق: لكن الفنون الرفيعة يجب أن تكون فى متناول الجميع؟ عبد المنعم: هذا صحيح ونحن نفعل ذلك والدليل أن أسعار تذاكر الأوبرا أرخص من دور العرض السينمائى. الشروق: هل لهذه الأسباب نجد رعاة، وحفلات خاصة كثيرة بالأوبرا؟ عبد المنعم: نعم فالمستقبل للرعاة، والمجهود الشخصى للأفراد. الشروق: بعض العاملين بالأوبرا فسروا رغبتك فى تحقيق أرباح باللجوء إلى مطربين بعضهم يغنى فى الكباريهات، لتحقيق مصالحهم الشخصية مثلما حدث مع المطرب رامى عياش؟ عبد المنعم: أسعى حاليا إلى إصلاح ذلك، وعدم الاستعانة إلا بالإسماء التى تتناسب مع تقاليد الأوبرا. الشروق: هناك كلام عن سيطرة قادة الفرق بصفة عامة على الأوضاع داخل فرقهم، وعزل العازفيين والعاملين عن كبار المسئولين؟ لذلك هناك سؤال يفرض نفسه: لمن السيطرة؟ عبد المنعم: طبعا للأوبرا. ومكتبى مفتوح لأى شكوى حقيقية، لكننى لا أستطيع أن أفرض أحدا على القادة، لأن النتيجة النهائية تهمنى. الشروق: لكن مشكلات الموسيقى العربية بلا حل؟ عبد المنعم: الآن نحن بصدد تكوين لجنة لوضع نظام يسير عليه الكل داخل هذا القطاع. وسوف تحدد هذه اللجنة السياسات، وإعادة كل فرقة للهدف الأساسى من وجودها، لأن تصحيح المسار فى هذا القطاع أصبح هدفا بعد أن لمست بنفسى وجود سلبيات كثيرة به. الشروق: ماذا عن مهرجان الموسيقى العربية وكيفية إعادته لما كان عليه فى الماضى؟ عبد المنعم: أعلم أن المهرجان أصبح شكله روتينيا. وسوف نعود به إلى الفكرة الأساسية التى وضعها الدكتور ناصر الأنصارى الذى ولد المهرجان فى عهده. الشروق: المؤتمر الذى يقام على هامش المهرجان هل ترى أن له قائدة؟ عبد المنعم: هو مفيد للبحث العلمى. وإن كنت تقصد عدد المدعوين من الدول العربية. فأنا بالفعل أريد تقليص عدد المشاركين، ودعوة عدد محدود، وأنا أعلم أن مكان مثل المجلس الأعلى للثقافة عندما يدعو باحثا فهو يدعوه لمدة لا تتجاوز أربعة أيام لمناقشة بحثه ثم السفر، على عكس ما يحدث عندنا. فالباحث يظل طوال 10 أيام، وهذا يرهقنا ماديا. الشروق: المهرجان تم تقديمه يومين عن موعده الأساسى ما سبب ذلك؟ عبد المنعم: هناك مهرجان ذات صفة دولية مثل السينما سوف تبدأ 10 نوفمبر، وبالتالى فهم يحتاجون المسرح قبله بيومين على الأقل لذلك تغير الموعد. الشروق: إلغاء أوبريت الافتتاح هذا العام ما أسبابه؟ عبد المنعم: الأوبريت يحتاج إلى ميزانية ضخمة، وبالتالى سوف يرهق ميزانية الأوبرا. كما أن الدولة بصفة عامة تتجه إلى ترشيد الإنفاق ويجب أن تكون مع هذه السياسة. الشروق: أعضاء الفرق الموسيقية يشتكون من ضعف رواتبهم؟ عبد المنعم: أعتقد أننا أحدثنا نقلة فى الأجور ونحاول دائما تنميتها، لكن أعدهم مع تشكيل اللجنة الجديدة سوف نبحث هذا الأمر.