أكد العالم المصري الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن، أن العالم لا يمكنه إغفال المساهمات المصرية والعربية في مجال علوم الفضاء، وأن الإنجاز الكبير الذي حققه الإنسان في الصعود إلى القمر لم يكن ليتحقق بدون إنجازات عدد هائل من العلماء المسلمين، حيث مثلت مساهمات العلماء، مثل جابر بن حيان وأبو الفداء والبيروني، الأسس العلمية السليمة التي اعتمد عليها العالم في تطوير علوم الفضاء إلى يومنا هذا. وأشار، في كلمته اليوم الاثنين خلال ندوة تجربة ناسا: "رحلة القمر ودراسة المريخ"، إلى أنه حرص على ربط الثقافة المصرية والعربية بالإنجازات التي توصل إليها العلماء خلال مشروع أبوللو، فقد حمل رواد الفضاء سورة الفاتحة معهم أثناء رحلتهم إلى القمر، كما تمت تسمية أحد معالم كوكب المريخ باسم "القاهرة". وقال الباز إن شحنة الأمل التي يتمتع بها في حياته وعمله تأتي من كهرباء مصرية خالصة، مشيرا إلى أنه يؤمن بعبقرية العقول المصرية الشابة، التي يمكن أن تقود مصر إلى النهضة والتقدم العلمي بالتعليم وحصولها على الدعم الذي تستحقه. وأشار إلى أهم التحديات التي يواجهها العالم في مجال العلوم والفضاء في المستقبل، ومنها ظاهرة الحمم الشمسية، وهو التحدي الذي يواجه العلماء في الفترة الحالية، والذي يجب أن يفكر الإنسان في آثاره في الأعوام المقبلة، مؤكدا أن الدراسات أثبتت أن الدورة الشمسية ستكون أكثر كثافة في المرات المقبلة مما سيؤثر على الحمم الشمسية، وهي طاقة وإشعاع هائل سينطلق من الشمس ويؤثر على الأرض والنظم الكهربائية الخاصة بها. وعن مهمة وصول الإنسان إلى كوكب المريخ قال العالم المصري إن هذه المهمة تجول في أذهان العلماء والباحثين منذ سنوات لسبب هام؛ هو أن كوكب المريخ يمكن أن يدعم الحياة البشرية عليه، لأنه يحتوي على الثلج الذي يمكن أن يتحول إلى مياه، كما أنه يحتوي على غلاف جوي؛ مما يمكن الإنسان من التواجد به لفترة طويلة. وأضاف أن جهود العلماء في الوصول إلى المريخ يواجهها بعض العقبات، ومنها أن رحلة الوصول إلى المريخ تستغرق من 6 إلى 9 أشهر باستخدام التكنولوجيا الحالية، ولذلك يجب التوصل خلال الأعوام المقبلة إلى وسيلة تنقل مختلفة للوصول إلى المريخ في فترة زمنية أقل ودعم احتياجات رواد الفضاء من الأكسجين والطعام. وفيما يتعلق بالهبوط على القمر أوضح الباز أن رواد مشروع أبوللو نجحوا في الهبوط على سطح القمر والتقاط الصور وأخذ عينات من السطح وما تحت السطح بقليل بواسطة الحفر، مما أعطى فكرة عن الصور والسطح والغطاء الخارجي للقمر، مشيرا إلى أن المشروع أدى إلى اكتشاف خصائص جيولوجية لطبقات متعددة ظهر فيها البازلت والألمنيوم والكريستال، مؤكدا أن كل تلك الاكتشافات كونت فكرة عن تكوين الصخور وتطورها على القمر، وفتحت المجال للتفكير في الأرض ودراسة تاريخ كوكب الأرض. وأشار إلى أن اكتشافات الإنسان لخصائص ومعالم القمر فتحت بوابة جديدة للبحوث العلمية في المستقبل، حيث يقوم العلماء الآن بدراسة مستقبل استخدام المصادر القمرية وإمكانية استخدام المياه على القمر، بعد أن توصلت الأبحاث إلى وجود ثلج على القمر، ليس في شكله المعروف، بل في شكل حبيبات صغيرة تمتزج مع تربة القمر. وأضاف أن كوكب المريخ يرتبط ارتباطا وثيقا بالأرض، فهو قريب جدا منها، وما زال يتغير جيولوجيا مثلها، وقد أدى هذا الارتباط إلى اكتشاف العلاقة والسمات المشتركة بينهما من خلال الأبحاث العلمية في وكالة ناسا، وهو الأمر الذي تم تطبيقه لتوضيح التشابه بين المريخ وصحراء الجزء الجنوبي الغربي في مصر. وأشار إلى أنه بدراسة صور المريخ تم اكتشاف حفر ونقاط سوداء اللون وآثار رماد بركاني متأثر بنشاط الرياح، كما أظهرت الدراسات التي تمت لدراسة طبيعة اللون الأحمر على كوكب المريخ أنه كلما تم الابتعاد عن مصدر الرمال كلما كان اللون أكثر حمرة، مؤكدا أن الكتل الرملية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التي تم تصويرها في المريخ، تم العثور على مثيلتها في صحراء مصر الغربية، ولذلك فإن ما نعرفه عن المريخ يمكن ربطه بالصحراء الغربية في مصر لتشابه التدرج الجيولوجي الذي مرت به تلك المناطق.