أحد القراء الأعزاء كتب معلقا على ما كتبته الأربعاء الماضى بعنوان «مشهد فى لاظوغلى» وانتهى إلى نتيجة مفادها أن الحكومة المصرية علمت الشعب الجبن وعدم الشجاعة. هذا هو رأى القارئ وربما هو رأى كثير من المواطنين أيضا، لكن الذى شغلنى وآلمنى وأصابنى بالرعب فى رسالة القارئ العزيز هو وقوعه فى أخطاء إملائية ينبغى ألا يقع فيها تلميذ فى الصف الأول الابتدائى، وليس شخصا يبدو من رسالته أنه مثقف ومطلع وصاحب موقف من النظام وله وجهة نظر فى الحياة بأكملها. رسالة القارئ قليلة الكلمات، لكنها حافلة بالأخطاء الفادحة.. وإليكم أمثلة سريعة مما ورد فيها.يبدأ القارئ رسالته ب«الله صبحانة وتعالى» قاصدا أن يقول «الله سبحانه» وفى السطر الثانى يكتب «الصفة الذى زكرها» بدلا من «التى ذكرها»، وفى السطر الثالث «التى تخيفة وتجعلة» بدلا من «تخيفه وتجعله»، وفى السطر الرابع يقول «جند لة 2 مليون ونصف مليون من الجنود الآوميون» بدلا من «جند له اثنين ونصف مليون من الجنود الأميين». وبدلا من رأينا كتب «رائينا»، أما كذلك فتحولت عنده إلى «كذالك» وإنقاذهم أصبحت «انقازهم» والزمن صار عنده «الذمن» وأولى تحولت إلى «أولا».قد نتفهم الخطأ الشائع الذى يقع فيه معظم المصريين وخلطهم بين «الذال والزين»، لكن أن يكتب شخص «صبحانة» بدلا من «سبحانه» فمعنى ذلك أننا وصلنا إلى بئر الهاوية اللغوية، والغريب أن هذا القارئ يبدو عليه التدين، والاستشهاد بالقرآن والسنة، ورغم ذلك لم يستفد شيئا من مطالعته للقرآن لتحسين لغته. يعلم الله أننى لا أريد أن أقلل من شأن هذا القارئ فلم أكتب اسمه أو مدينته أو ما يدل عليه.. فهو ليس حالة خاصة.. لكنه يشير إلى حالة عامة نطالعها كل يوم، بل إن بعض الإعلاميين.. والمفترض أنهم قدوة صاروا يرتكبون أخطاء قاتلة أيضا. قبل أيام نشرت «الشروق» فى صفحتها الأخيرة تقريرا عن الأخطاء التى قال مصححون إن تلاميذ فى الإعدادية وقعوا فيها، ومنها إعراب كلمة «بعوضة» حيث اعتبر أحد الطلاب «الباء» حرف جر، و«عوضة» مجرور بالياء، فى حين أن طالبا آخر أعرب يوسف باعتباره فعل مضارع مبدوء بالياء!!!. إذن وبضمير مستريح يمكن القول إن اتهام الحكومة بتعليم الشعب الجبن ليس هو الجريمة الرئيسية، لأنه يظل أمرا قابلا للنقاش ويمكن تغييره فى انتخابات أو إضراب سلمى أو عنيف، لكن الجريمة الفعلية هى تعليم الشعب الجهل والإصرار على أن يظل التعليم هو الباب الشرعى لتخريج جنود الأمن المركزى أو المتطرفين أو الصامتين ولا رابع بينهم. فى بلد يتم فيه إعراب «بعوضة» على أنها جار ومجرور ويكتب فيها «سبحانه» بالصاد والتاء المربوطة ويصبح معظم الإعلاميين من فصيلة «على حسن سلوكة»، لا يوجد مستقبل.