تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات تقبل من 50% حتي 60%    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات الهندسة والحاسبات والتجارة دبلوم صنايع 3 سنوات "قائمة الأماكن الشاغرة"    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال يوليو    بقيادة بنك مصر.. كونسورتيوم مصرفى يمنح «ماونتن فيو» 6.2 مليار جنيه لتمويل مشروع عقارى    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 10 أغسطس 2025    «بيت التمويل الكويتى- مصر» يطلق المدفوعات اللحظية عبر الإنترنت والموبايل البنكي    تعرف على أعلى شهادة ادخار في البنوك المصرية    الضرائب: 12 أغسطس آخر موعد لانتهاء التسهيلات الضريبية    إعلام فلسطيني: قصف إسرائيلي يستهدف خان يونس وشرق غزة ومخيم النصيرات    صواريخ مصرية- إيرانية متبادلة في جامعة القاهرة! (الحلقة الأخيرة)    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    البحرين ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا برعاية أمريكية    نعم لعبّاس لا لحماس    موعد مباراة الأهلي المقبلة في الدوري بعد التعادل أمام مودرن سبورت    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    " مركز معايا ".. تفاصيل مشاهدة زيزو وحكم مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    أمير هشام: الأهلي ظهر بشكل عشوائي أمام مودرن.. وأخطاء ريبيرو وراء التعادل    20 صفقة تدعم كهرباء الإسماعيلية قبل بداية مشواره في الدوري الممتاز    موعد مباراة الهلال ضد آراو الودية.. القنوات الناقلة والمعلق    ننشر أسماء المصابين في حريق محلات شبرا الخيمة    طقس مصر اليوم.. ارتفاع جديد في درجات الحرارة اليوم الأحد.. والقاهرة تسجل 38 درجة    بحضور جماهيري كامل العدد.. حفلا غنائيًا ل "حمزة نمرة" بمكتبة الإسكندرية    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    لا تبخل على صحتك.. حظك اليوم برج الدلو 10 أغسطس    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    الشرطة البريطانية تعتقل أكثر من 470 مناصرا لحركة "فلسطين أكشن" (صور)    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    مراد مكرم: تربيت على أن مناداة المرأة باسمها في مكان عام عيب.. والهجوم عليَ كان مقصودا    وزير العمل: سأعاقب صاحب العمل الذي لا يبرم عقدا مع العامل بتحويل العقد إلى دائم    خالد الجندي: أعدت شقة إيجار قديم ب3 جنيهات ونصف لصاحبها تطبيقا للقرآن الكريم    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    سهام فودة تكتب: أسواق النميمة الرقمية.. فراغ يحرق الأرواح    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    توقف مترو الأنفاق وإصابة 4 أشخاص.. تفاصيل حريق محلات شبرا الخيمة -آخر تحديث    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بشكاوى تداعيات ارتفاع الحرارة في بعض الفترات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام أسمى من أن يكون مجرد حل
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 06 - 2010

حينما طرحت الثورة فى عامها العاشر «الميثاق الوطنى»، واعتمدت فيه مبدأ الحرية الاجتماعية، اعتبرت أن هذا يفرض الأخذ بالنهج الاشتراكى باعتبار أن الأمر يتجاوز الحرية الفردية بمعناها الضيق الذى يقوم على أساسه النهج الرأسمالى. ومن ثم جرى التأكيد على «حتمية الحل الاشتراكى» الذى يوازن بين المصالح الفردية وصالح المجتمع الساعى إلى التنمية.
وتم هذا فى ضوء مراجعة حصيلة خبرة السنوات العشر، التى شملت تحرك الدولة على مستوى المشروع (من خلال مجلس الإنتاج ثم المؤسسة الاقتصادية) وعلى مستوى البرنامج، وبخاصة برنامج التصنيع الذى يتجاوز مشروعات متناثرة يقوم بها قطاع خاص محدود الموارد المالية والمعرفية، وعلى مستوى الخطة الشاملة المستهدفة مضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات، وحشد ما يلزم لذلك من جهود، يشارك فيها القطاع الخاص قدر استطاعته.
وهكذا استخدم مصطلح «الحل» للخروج من مشكلة قصور الجهود الفردية عن دفع عجلة الإنتاج وضمان العدالة الاجتماعية التى لا يستقيم الحديث عن تنمية حقيقية بدونها. أى أن لفظ الحل كان يعنى أمرين: وجود مشكلة مجتمعية، والأخذ بمنهج معين من بين مناهج بديلة باعتباره هو الأصلح لمعالجتها، من بين بدائل مستوحاة من تجارب سابقة أو لآخرين، أو مبيتة على تفكير علمى خلاق.
لذلك فإنى أربأ بالإسلام أن يعتبر بديلا لحلول وضعية، حتى يجوز المناداة بأنه هو الحل لما نعانيه من مشاكل. قد تكون المشكلة التى يعتبر حلا لها هى مشكلة فئة فى سعيها للاستيلاء على الحكم، مستغلة سمو موقعه فى نفوس معتنقيه، وهو ما يواجهنا بمشاكل أخرى ليس هنا مكان الحديث عنها. فإذا كان ذلك هو المقصود فإن الأمر مرفوض رفضا قاطعا، لأن قضية الحكم ليست فيما يفرضه من يحلم بالحكم، بل هى بالضرورة ناتج عملية مجتمعية يشارك فيها الجميع، ليس فقط فى الأسس التى يقوم عليها فى نقطة بدء نختارها، وإنما على نحو مستمر بحكم ما ينتاب الحياة البشرية من تغيرات، لا ينكر أحد أنها أخذت معدلات غير مسبوقة فى أبعادها أو سرعاتها فى عصرنا هذا.
ولعلنا نتذكر أن الصيحات التى تصاعدت بعد نكسة 1967 ألقت باللوم على التفسير الذى كانت تغذيه الدعاوى الأمريكية فى صراعها مع الاتحاد السوفييتى، من أن مصادقته ورفع راية الاشتراكية هما إيذان بالتحول إلى الشيوعية التى قيل إنها صنو للإلحاد. وفى ظل رفض الهزيمة جرى اعتبار أنها عقاب من الله على ابتعادنا عن الدين الحنيف، وهو تفسير لا يبين لنا كيف قصر العقاب علينا وأجاز انتصار من ينكرونه ويسعون إلى هدم المسجد الأقصى. وأوجد مجالا خصبا لسريان دعاوى استغلها السادات فى انقلابه على الثورة ليتخلص بها من أعباء الانتماء العربى الذى دفع إلى اعتماد شعار «حرية اشتراكية وحدة».
لعلنا جميعا نتفق على أن الأوضاع فى وطننا ليست على ما يرام، وأنه كان جديرا بما يملكه من قدرات تتعدد الشواهد على تفوقها بموقع أفضل على خريطة العالم، وليس فقط على مستوى الإقليم، حاضرا ومستقبلا.
ولعل كلا منا ينشد الإصلاح على نحو يراه، وهو ما يفضى إلى تعدد الرؤى، وليس فى هذا ضير، بل هو عين الباب إلى الأمل فى المستقبل، إذا طرحنا جانبا الدعاوى التى تغلق جميع الأبواب إلا ما ترى فى نفسها القدرة على النفاذ منه إلى كراسى الحكم، سواء الحزب المنفرد بالحكم، أو الجماعة التى تلوح براية «الإسلام هو الحل». وإذا كان المقصود بالحل هو التصدى للخلل الذى تعانى منه الدولة، فلنا مرشد من خطاب وجهه على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، إلى مالك بن الحارث الأشتر عندما ولاه أمر مصر حينما اضطرب أمر أميرها محمد بن أبى بكر، يصفه كتاب نهج البلاغة بأنه أطول عهد كتبه وأجمعه للمحاسن.
فقد استهله بأن مهمة الوالى «جباية خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها». أى أنها مهام تتعلق بالعلاقة المالية مع المركز، ويبرز فيها الأمن والإنماء بدءا باستصلاح البشر ثم تعمير البلاد. كُتب هذا فى وقت كان الدافع الأساسى للفتوحات العربية هو نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية.
وبعد أن استرسل فى تحديد الصفات التى يجب أن يتصف بها الوالى وفيمن يختاره لمعاونته (لعل ولاة العرب يجدون من يقرأها عليهم، لأن القراءة ليست من خصالهم) قال «واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض: فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوى الحاجة والمسكنة، وكل قد سمى الله له سهمه...» فالجنود هم حصون الرعية، يزودهم القائمون على الخراج بحاجاتهم، ولابد للفئتين من قضاة وعمال وكتاب (الجهازان الإدارى والقضائى)، ودعاه إلى حسن اختيارهم وضبط سلوكهم.
أما الفئتان الأخيرتان فهما يناظران ما يسمى حديثا أصحاب الأعمال والعمال (أو البورجوازية والبروليتاريا) وطالبه بحسن معاملتهم. وهكذا عدد فئات (طبقات) المجتمع وأوضح تمايز مصالح كل فئة ومسئولياتها عن غيرها، وفى نفس الوقت بين أنه داخل كل فئة يوجد من هو معوج يحتاج إلى تقويمه. من ذلك قوله: «ثم استوص بالتجار وذوى الصناعات، وأوصى بهم خيرا: المقيم منهم والمضطرب بماله، والمترفق ببدنه، فإنهم مواد المنافع، وأسباب المرافق، وجلابها من المباعد والمطارح، فى بَرَّك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها، ولا يجتئرون عليها، فإنهم سلم لا تخاف بائقته، وصلح لا تخشى غائلته، وتفقد أمورهم بحضرتك وفى حواشى بلادك.
واعلم مع ذلك أن فى كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما فى البياعات، وذلك باب مضرة للعامة، وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منع منه...فمن قارف حُكرة بعد نهيك إياه فنكل به، وعاقبه فى غير إسراف». ثم أوصاه خيرا بالطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤس (الفقراء) والزَّمنى (ذوى العاهات)، وطالبه بأن يجعل لهم قسما من بيت المال «فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تُعذَر بتضييعك التافه لإحكامك الكثير المهم». وعلى من عبأوا الجهود فى 1995 للخروج بإعلام كوبنهاجن للتنمية الاجتماعية أن يقرأوا تلك الفقرات من خطاب أمير المؤمنين.
فى 1986 نظم مركز دراسات الوحدة العربية ندوة عن التنمية المستقلة فى الوطن العربى. وحينما عرض الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله مفهومه لنموذج التنمية من منطلق ماركسى يقوم على حسم الصراع الطبقى لصالح المساهمين فعلا فى الإنتاج، عرضت نموذجا تنمويا مستخلصا من الخطاب السابق، حقق نفس المعايير ولكن من منطلق عربى جوهره الإسلام. لم يشر الخطاب المذكور إلى أن الخروج من حالة الاضطراب هو مجرد المناداة بالإسلام، لأن الولاية على مصر كانت لرفع رايته.
وإذا كان على رضى الله عنه قد طرح هذا الفكر الراقى العميق على أحد ولاته، فكيف للأمور لا تستقر فى خلافته لتنتهى باستشهاده؟ إن المشكلة التى أوقعت العالم الإسلامى حتى يومنا هذا كانت فيمن نحوا جانبا رؤيته لإدارة شئون المجتمع الإسلامى، وجعلوا تجارتهم الإسلام ذاته، يتحاربون فيَقتُلون ويُقتلون بدعوى طرح ما يرونه إسلاما فيه الحل.
من أجل هذا يجب وضع الإسلام (والأديان عامة) فى موضعها الصحيح من المنظومة الثقافية للأفراد والشعوب، باعتبارها البنية الأساسية التى يقوم عليها الصرح الاجتماعى، وما يحتويه من شئون سياسية واقتصادية هى من قبيل ما اعتبره رسول الله عليه الصلاة والسلام من قبيل «شئونكم التى أنتم أدرى بها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.