في ضوء ما تقدمت به جمهورية الصومال الفيدرالية من طلب رسمي جديد إلى جامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، وذلك على خلفية التطورات الأخيرة المرتبطة بإقليم «أرض الصومال»، وما تمثله من مساس مباشر بسيادة الدولة الصومالية ووحدة أراضيها، لا سيما عقب الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «صوماليلاند» كدولة مستقلة، وهو ما اعتبرته مقديشو تصعيدًا خطيرًا يستوجب موقفًا عربيًا جماعيًا واضحًا. ويأتي هذا الطلب في سياق حرص الصومال على استمرار التنسيق العربي لمواجهة أية خطوات أحادية من شأنها فرض أمر واقع جديد في منطقة القرن الأفريقي، أو فتح الباب أمام محاولات الاعتراف أو التعامل مع كيانات انفصالية، بالمخالفة للقانون الدولي ومواثيق المنظمات الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار، حرصت الجامعة العربية على إدانة الخطوة الإسرائيلية الأخيرة بأشد العبارات، مؤكدة من خلال بيانها الصادر مساء أمس موقفها الثابت والداعم بشكل كامل لسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية ووحدة وسلامة أراضيها. ويستند هذا الموقف العربي إلى قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم (8988)، الصادر عن الاجتماع الوزاري غير العادي المنعقد في 17 يناير 2024، والذي أعلن التضامن الكامل مع الصومال، واعتبر في ذلك الوقت مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال» بتاريخ 1 يناير 2024 لاغية وغير مقبولة، مع رفض أية آثار قانونية أو سياسية أو عسكرية أو تجارية تترتب عليها. وفي هذا السياق، أعلنت الجامعة العربية تضامنها التام مع حكومة الصومال في رفض وإدانة مذكرة التفاهم الموقعة بين جمهورية إثيوبيا الفيدرالية وإقليم «أرض الصومال»، باعتبارها انتهاكًا لسيادة الدولة الصومالية وسلامة أراضيها، وذلك من خلال بيان رسمي أصدرته بتاريخ 3 يناير 2024. وعلى صعيد المتابعة العملية، كثفت الأمانة العامة للجامعة تحركاتها السياسية والدبلوماسية، حيث استقبل أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وزير الدولة الصومالي القائم بأعمال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي محمد علي عمر، قبيل انعقاد اجتماعات مجلس الجامعة في دورته العادية (161)، بتاريخ 5 مارس 2024، مؤكدًا دعم الجامعة الكامل للصومال في الدفاع عن سيادته ووحدة أراضيه. كما شكّل الأمين العام لجامعة الدول العربية مجموعة عمل وزارية عربية لمتابعة تنفيذ القرار (8988)، باعتبارها آلية سياسية مهمة لإسناد الموقف الصومالي، وتمهيدًا لعرض نتائج أعمالها على مجلس الجامعة، ثم على القمة العربية في العاصمة البحرينية المنامة. وفي السياق ذاته، أوفدت الجامعة العربية وفدًا رفيع المستوى إلى العاصمة الصوماليةمقديشو، برئاسة السفير خليل إبراهيم الذوادي، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي، حيث نقل رسالة خطية من الأمين العام إلى الرئيس حسن شيخ محمود، تضمنت تأكيد الالتزام العربي بتنفيذ القرار الوزاري، واستعراض التحركات التي قامت بها الجامعة على المستويين الإقليمي والدولي دعمًا للمواقف الصومالية. وبتاريخ 20 يناير 2024، شهدت الأمانة العامة لقاءً بين الأمين العام لجامعة الدول العربية والرئيس حسن شيخ محمود، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حيث جرى خلال اللقاء التأكيد مجددًا على الموقف العربي الرافض لمذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، استنادًا إلى قرار مجلس الجامعة رقم 8988 الصادر في 17 يناير 2024، كما بحث الجانبان الخطوات الدبلوماسية التي تتخذها الصومال على المستويات العربية والأفريقية والدولية، مع الإشارة إلى بيان 3 يناير وقرار مجلس الجامعة الأخير. وعلى هامش مشاركة جامعة الدول العربية في أعمال القمة الاستثنائية ال42 للهيئة الحكومية للتنمية «إيجاد»، التي عقدت بتاريخ 18 يناير 2024 في عنتيبي بأوغندا، برئاسة الرئيس إسماعيل عمر جيلي، رئيس جمهورية جيبوتي ورئيس الدورة ال42، حرص السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، ممثلًا عن الأمين العام أحمد أبو الغيط، على التصريح عقب انتهاء القمة برؤية الجامعة العربية بشأن الأزمة في جمهورية الصومال على خلفية توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال». وشدد زكي على أن الموقف العربي من مذكرة «التفاهم للشراكة والتعاون» الموقعة بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، بموجب القرار الصادر عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في 17 يناير، يتمثل في التضامن الكامل مع الدولة الصومالية وتأييد موقفها، واعتبار هذه المذكرة باطلة ولاغية وغير مقبولة، مع رفض أية آثار مترتبة عليها، سواء كانت قانونية أو سياسية أو تجارية أو عسكرية. وأكد السفير حسام زكي أن الجامعة العربية تعتبر إقليم «أرض الصومال» جزءًا لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، وأن أية ترتيبات متعلقة بهذا الإقليم ينبغي أن تنتج بشكل أساسي عن الحوار السياسي بين أبناء الشعب الصومالي الواحد.