تذكر مؤسسة الأبحاث البترولية النرويجية «رايستاد» فى تقرير صدر مؤخرًا، أنه فى الوقت الذى أخذت تقلص فيه الشركات البترولية استثماراتها للاستكشاف والتنقيب عن النفط، مركزة أعمالها الاستكشافية والتنقيب فى دول معينة أو مناطق موعودة بتروليًا، مثل ناميبيا، وغيانا، والبرازيل وسورينام، بالإضافة إلى دول أخرى، متبنية سياسة مختلفة عما بدأت فيه بمنتصف العقد الماضى بالاستثمار فى قطاع البترول الصخرى الأمريكى، أخذت السياسة الاستثمارية للشركات البترولية طريقًا جديدًا، وهو الاستثمار فى القطاع البحرى. إذ إن هناك ارتفاعًا بنسبة حوالى 5 فى المائة بهذا القطاع خلال العامين الحالى والمقبل. ويشير التقرير إلى أن شركات النفط والغاز العالمية وجدت تغيرًا مهمًا فى صناعة البترول. فقد كان إنتاج النفط الأمريكى فى انخفاض، من نحو 6 ملايين برميل يوميًا خلال أوائل الثمانينات، ليسجل نحو 5 ملايين برميل يوميًا فى 2008. وقد حدث هذا فى وقت كان الطلب العالمى على النفط فى ارتفاع مستمر، لازدياد هذا الطلب من قبل الدول النامية، خصوصًا الصين. فى حينه كانت الشركات تستثمر لحيازة مصادر طاقوية جديدة فى كل من مياه البحار العميقة والقطبين. فى ظل هذه الخلفية من المحاولات الاستثمارية، كان الحصول على النفط الصخرى الخفيف «ذا فائدة كبرى» للشركات البترولية. فقد كان الحصول على هذا المصدر البترولى الجديد ضمن الإمكانيات البترولية لمعظم الشركات، فاستثمرت فى وقت قصير شركات خاصة وحكومية صغيرة مليارات الدولارات فى قطاع البترول الصخرى ذى التقنية الجديدة. وتضيف «رايستاد» أن التأثير المباشر على زيادة الإنتاج كان مباشرًا، واستعاد الإنتاج حيويته بعد (كوفيد - 19). ومعدل ارتفاع الإنتاج الأمريكى يمكن أن يصل هذا العام إلى حوالى 13.50 مليون برميل يوميًا. وتستنتج «رايستاد» أن «الزيادة فى معدل الإنتاج الأمريكى، بفضل القطاع الصخرى، لم تؤد فقط إلى زيادة طاقة رخيصة للمستهلكين، بل أضافت أيضًا تغييرًا كبيرًا فى الوضع الجيوسياسى للولايات المتحدة، بتقليص اعتمادها على استيراد كميات عالية من نفط الشرق الأوسط. لكن خلال العامين الماضيين، حصلت تغييرات مهمة جدًا فى قطاع النفط الصخرى الأمريكى، فقد بدأت عمليات بيع وشراء ضمن هذا القطاع، الأمر الذى يعنى تقليص الاستثمارات فى تطوير الآبار الجديدة، ويعنى أيضًا أن معدل ارتفاع إنتاج النفط الصخرى بدأ يتقلص. وهذا يعنى بدوره أن استمرار ارتفاع إنتاج النفط الصخرى قد يؤدى إلى انخفاض مجمل الإنتاج النفطى خلال السنوات الخمس المقبلة". فى الوقت نفسه يشير خبراء «رايستاد» إلى أنه فى الوقت الذى ينخفض فيه معدل زيادة إنتاج النفط الصخرى، يتوقع حصول زيادة ملحوظة فى إنتاج المناطق العميقة من المحيط الأطلسى خلال هذا العقد. فشركات النفط تزيد من استثماراتها فى المياه العميقة، وتزيد من أعمالها فى الأحواض الموعودة. وفى الولاياتالمتحدة، قرر الرئيس دونالد ترامب التراجع عن القرار الذى كان قد اتخذه مؤخرًا فى بيع قطع (بلوكات) للاستكشاف والإنتاج بالقرب من الساحل الشرقى للولايات المتحدة، المطل على المحيط الأطلسى. وقد أرجعت وكالة «بلومبرج» السبب فى تغيير القرار إلى معارضة المجموعات البيئية، وأصحاب شركات السياحة والعقارات الضخمة فى فلوريدا والجنوب الشرقى فى الولاياتالمتحدة، خوفًا على أعمال منشآتهم السياحية. لكن، وبحسب «بلومبرج» أيضًا، يبقى الاحتمال مفتوحًا لكى يعيد الرئيس ترامب فتح الشواطئ الأمريكيةالشرقية مرة أخرى للبيع، وذلك عندما يقرر بيع قطع فى «خليج المكسيك»، و«خليج أمريكا»، أو فى الشواطئ المحاذية لولاية ألاسكا. وفى قارة أمريكا اللاتينية، هناك، على سبيل المثال، الاكتشافات البحرية الضخمة فى البرازيل من قبل شركة النفط الوطنية «بتروبراس» والشركات النفطية العملاقة. بلغ إنتاج «بتروبراس» من حقل «بزيوس» فى أواخر شهر يونيو الماضى حوالى 664 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، أو ما يُعادل 822 ألف برميل يوميًا من المكثفات. كما أعلنت شركة «بتروبراس» فى يناير الماضى أن مجمل الإنتاج النفطى فى البرازيل قد سجل رقمًا قياسيًا، فقد فاق 4 ملايين برميل يوميًا. وذلك لزيادة الإنتاج من حقل «بزيوس». ومن المعروف أن حقل «بزيوس» قد تم اكتشافه فى عام 2010، وبدأ الإنتاج منه فى شهر أبريل 2018. من جانبها، وفى الجانب الشرقى من المحيط الأطلسى، تستمر نيجيريا فى دورها الريادى ضمن مجموعة أقطار أفريقيا الغربية للإنتاج من المناطق البحرية نحو 1.5 مليون برميل يوميًا. وليد خدورى خبير اقتصادى عراقى جريدة الشرق الأوسط اللندنية