• التحديث المستمر أصبح ضرورة وطنية ومجتمعية.. والمناهج الجديدة خضعت لمراجعة أساتذة الجامعات والمتخصصين • الوزارة قامت بطباعة كتب التقييمات لتخفيف العبء على الأسر.. ومادة البرمجة ليست ضمن المجموع • نظام البكالوريا يحول الطالب من متلق إلى باحث يمتلك أدوات التعلم.. واليابان نموذج مؤثر ومصر تسير على خطاها • المناهج الجديدة تُعزز المهارات اللغوية الأربعة فى المرحلة الابتدائية أكد مساعد وزير التربية والتعليم لشئون تطوير المناهج التعليمية والمشرف على الإدارة المركزية لتطوير المناهج، أكرم حسن، أن العام الدراسى الحالى شهد طفرة غير مسبوقة فى عملية تحديث المناهج وصلت إلى 94 منهجًا دراسيًا فى مختلف المراحل. وأوضح حسن، فى حوار ل«الشروق»، أن تحديث المناهج لم يعد مجرد خيار أو رفاهية، بل ضرورة تفرضها التطورات المتسارعة فى المعرفة والتكنولوجيا، مؤكدًا أن كتب التقييمات ليست عبئًا على الإطلاق، بل صُممت لصالح الطالب ولخدمة المعلم والأسرة. وإلى نص الحوار: لماذا اتجهت الوزارة لتطوير 94 منهجًا رغم تنفيذ عمليات تطوير سابقة خلال السنوات الأخيرة؟ هذا الأمر ليس مستغربًا من منظور تربوى، فكل فترة زمنية تحمل ملامح جديدة فى العلوم والتكنولوجيا والمجتمع، ومن ثم يجب على المنظومة التعليمية أن تكون فى حالة تجديد دائم. ولهذا فإن المواد التعليمية، وعلى رأسها الكتب الدراسية، بحاجة إلى إعادة النظر والتطوير بصورة دورية، لأنها الأداة التى تحمل الفلسفة التربوية لكل مرحلة، وبالتالى فإن تحديث المناهج ضرورة لضمان مواكبتها للتغيرات، وإعداد متعلم قادر على التفاعل مع واقع متغير، وليس تكرارًا لعمليات التطوير السابقة. والوزارة لا تُقدم على أى تعديل أو تطوير دون مؤشرات واضحة وعمليات تشخيص دقيقة تشمل تحليل أداء الطلاب، وتقييم نواتج التعلم، ودراسة المستجدات العالمية فى بناء المناهج، ضمن رؤية شاملة يقودها الوزير محمد عبد اللطيف لإحداث نقلة نوعية فى جودة التعليم. ومن هذا المنطلق فإن تطوير 94 منهجًا ليس تكرارًا أو إجراءً عشوائيًا، بل هو استجابة واعية وطبيعية لمنهجية تربوية حديثة تقوم على مواكبة التغيرات، والتحديث المستمر، وتعظيم جودة المقررات، وضمان أن تظل المناهج متقدمة ومتسقة مع متطلبات العصر. هل ستشهد المناهج المطورة حديثًا أو تعديلات إضافية خلال الأعوام المقبلة؟ بالطبع، تطوير المناهج لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية ومجتمعية لضمان قدرة الأجيال القادمة على التعامل مع متغيرات المستقبل بكفاءة، لأن العالم يشهد طفرات متلاحقة تتسارع وتيرتها يومًا بعد يوم، مدفوعة بالتقدم العلمى والتقنى والتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وفى ظل هذا الإيقاع المتسارع لم يعد بوسع المنظومات التعليمية أن تكتفى بعمليات تطوير تقليدية أو دورية. ومن سمات هذه الفترة أن التعليم لم يعد عملية تلقين بل عملية بنائية تستهدف إعداد متعلمين قادرين على التكيف والتحليل والابتكار والتفاعل الإيجابى مع عالم متغير، وبالتالى يجب إعادة صياغة المقررات الدراسية لتعكس مستجدات المعرفة، وتدعم بناء مهارات القرن الحادى والعشرين، مثل التفكير النقدى والابتكار والاتصال وحل المشكلات. ومن الطبيعى تربويًا أن العام الأول لأى منهج جديد يُعد مرحلة مراقبة دقيقة لكيفية التطبيق داخل المدرسة، من خلال: مدى تفاعل الطلاب، وصلاحية الأنشطة، وآراء المعلمين، وملاءمة التسلسل التعليمى. وبناء على هذا الرصد تظهر احتياجات تطور جزئى محدود، غالبًا فى شكل تحديث بيانات أو تحسين فقرات معينة، دون المساس بالبنية الأساسية للمنهج، أما التطوير الشامل يحتاج دورة زمنية أطول، وما قد يُجرى فى السنة التالية هو مجرد تحسينات تنظيمية أو معلوماتية لضمان جودة التطبيق، وتحقيق المعادلة التربوية الصحيحة. ما تفاصيل التعاون المصرى اليابانى فى تطوير مناهج الرياضيات؟ الوزارة تتبنى أفضل التجارب الدولية فى تطوير مناهج الرياضيات، ويأتى التعاون مع الجانب اليابانى كأحد أهم مسارات التطوير، فالتجربة اليابانية واحدة من أبرز النماذج التى اعتمدت عليها الوزارة لما حققته من نتائج عالمية متميزة، فضلًا عما تتميز به منهجيتها من عمق وفاعلية. والمنهجية اليابانية لا تركز على الحفظ أو الحل النمطى، بل تُعطى الأولوية لاكتساب مهارات حل المشكلات، وتنمية التفكير النقدى والمنطقى، وتعزيز قدرات الاستنتاج والاستقراء. وقد بدأت الوزارة تطبيق هذه المنهجية على طلاب الصف الأول الابتدائى هذا العام، لبناء أساس قوى فى الرياضيات منذ المراحل الأولى للتعليم، مع تنفيذ برامج تدريب موسعة للمعلمين لضمان فهم الفلسفة اليابانية وتطبيقها داخل الفصل بشكل فعال، والمرحلة الحالية تركز على ترسيخ أساس قوى فى مهارات الرياضيات منذ المراحل المبكرة. كيف يتم بلورة المناهج المطورة وهل تمت الاستعانة بخبرات كافة الأطراف؟
المناهج المطورة لم تكن نتاج عمل مغلق، بل خضعت لمنهجية علمية تستند إلى المعايير العالمية فى بناء المناهج، وإلى عمليات مراجعة دقيقة تستوعب آراء الخبراء والممارسين التربويين، فقد تمت صياغة الإطار العام والمواد التعليمية وفق معايير دولية معتمدة، كما شارك عدد من المعلمين فى مراحل الإعداد والتجريب، وتم جمع الملاحظات من الميدان مباشرة. وبعد الانتهاء من الصياغة الأولية، خضعت المناهج الجديدة إلى لجان تقييم علمية من أساتذة الجامعات المتخصصين، فتطوير المناهج عملية تشاركية مفتوحة لكل أصحاب المصلحة، وهو ما يعزز جودتها ويضمن قبولها الميدانى. المرحلة الإعدادية أول مرحلة يتم تطوير مناهجها بالكامل.. ما فلسفة تطويرها؟ المرحلة الإعدادية يتم تطويرها ضمن إطار عام متكامل، بحيث يرتبط تطوير الصف الثالث الإعدادى بما تم بناؤه فى الصفين الأول والثانى، والمناهج الجديدة تستهدف بناء مهارات أعمق، وليس مجرد زيادة محتوى معرفى.
هل تساعد المناهج الجديدة على تنمية مهارات القراءة والكتابة فى المرحلة الابتدائية؟
بالطبع نعم، فمناهج اللغة العربية بالمرحلة الابتدائية تضم قيمًا أخلاقية ومهارات حياتية، وتستند المناهج إلى أدلة علمية وبحوث تربوية حديثة، وتراعى احتياجات الأطفال النفسية واللغوية، وتركز المناهج على تعزيز المهارات اللغوية الأربعة: الاستماع، والتحدث، والقراءة، والكتابة، وتركز على المهارات الأساسية للقراءة والكتابة خاصة فى الصفوف الأولى. هل أثرت كتب التقييمات الجديدة على الطلاب؟ وهل شكلت عبئًا إضافيًا؟
كتب التقييمات ليست عبئًا على الإطلاق، بل صُممت لصالح الطالب ولخدمة المعلم والأسرة، وهى أداة تعليمية مكملة تهدف إلى تعزيز التعلم ورفع كفاءته، وتعد جزءًا مهمًا فى منظومة التقييم البنائى، وتساعد الطلاب على ترسيخ ما تعلموه، ومعرفة نقاط القوة لديهم وتعزيزها، وتحديد الجوانب التى تحتاج إلى دعم أو تدريب إضافى، و تعد بمثابة مؤشر مهم للمعلم لقياس مستوى طلابه، واستخدام الاستراتيجيات المناسبة. وقامت الوزارة بطباعة كتب التقييمات للمواد الدراسية كاملة للمرحلتين الابتدائية والإعدادية لأول مرة هذا العام لتنظيم منهجية استخدامها، وتخفيف الأعباء المهنية عن المعلم والاقتصادية عن ولى الأمر، وتهيئة الطالب للامتحانات. ما فلسفة مناهج البكالوريا المصرية التى بدأ تطبيقها العام الحالى؟
يسعى نظام البكالوريا المصرية إلى إعادة صياغة فلسفة التعليم الثانوى، بحيث يتحول الطالب من متلقٍ للمعلومات إلى باحث ومفكر يمتلك أدوات التعلم الفعال، وتعتمد مناهج البكالوريا على إتاحة مساحات أوسع للتعلم الذاتى والمسارات المرنة. وتضع هذه المناهج فى قلب اهتماماتها تنمية مهارات القرن الحادى والعشرين والتى تشمل الإبداع والابتكار، والتفكير النقدى والمنطقى، والتواصل الفعال، والعمل الجماعى، والثقافة الرقمية، ومهارات ريادة الأعمال، والقدرة على التكيف مع التغيرات المتسارعة. و تهدف المناهج إلى إعداد الطالب للحياة العملية ومجالات العمل الحديثة، من خلال ربط المحتوى المعرفى بتطبيقات واقعية، وتزويدهم بالمهارات المهنية والسلوكية المطلوبة فى سوق العمل، أى إن نظام البكالوريا يقدم نموذجًا تعليميًا يوازن بين العمق الأكاديمى والمهارات التطبيقية. لماذا تم استحداث مادة البرمجة فى الصف الأول الثانوى؟ وهل ستصبح مادة إجبارية؟ إدخال منهج البرمجة والذكاء الاصطناعى لأول مرة يأتى انسجامًا مع رؤية الدولة لدعم الابتكار والتحول الرقمى، ووفق بروتوكول تعاون مع الجانب اليابانى. ويقدم المنهج مهارات البرمجة وأساسيات الذكاء الاصطناعى بأسلوب مبسط يناسب المرحلة العمرية، ويستجيب لتوقعات سوق العمل، ويجمع المنهج بين الجانب النظرى والعملى، مع منصة تطبيقية تفاعلية مثل «كيريو» تتيح للطلاب التدريب العملى. وتُدرّس المادة لجميع طلاب أولى ثانوى، ولكن دون إضافتها للمجموع حتى لا يشكل ذلك ضغطًا على الطلاب، وليتيح لهم تعلمًا حقيقيًا قائمًا على الفهم والتطبيق.