رحب خبراء التعليم والمناهج بإعلان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء عن بدء مقترح تطبيق نظام البكالوريا المصرية بشكل اختياري. وأوضح الدكتور علاء العشماوى رئيس هيئة جودة التعليم أن من أعظم التحديات التى تواجه التعليم والارتقاء بجودته فى مصر هو اعتماد طرفى العملية التعليمية المتعلم والمعلم بدرجة كبيرة على ثقافة الاستذكار والاستظهار أو التلقين، بهدف الوصول إلى «الإجابة الصحيحة» على ورقة الامتحان. اقرأ أيضًا | افتتاح معرض مصر الدولى لليخوت بمشاركة 40 شركة وعلى الرغم من إيجابيات نظام الثانوية العامة التى انعكست على العديد من الأجيال الماضية فى نجاحاتهم على المستويين المحلى والدولي، أصبح من الضرورى إتاحة بدائل حديثة لهذا النظام، خاصة فى ضوء تطور طرق التدريس والتعلم على المستوى الدولي، والتسارع غير المسبوق فى المعارف والمهارات المطلوبة فى أسواق العمل عالمياً، واتساع الفجوة بين مخرجات نظام الثانوية العامة والمدخلات المتوقعة عند الالتحاق بالتعليم العالى أو بسوق العمل. وأضاف أن نظام البكالوريا المقترح يشكل مساراً بديلاً مواكباً للتطورات الهائلة فى العلوم والتكنولوجيا والثقافة المجتمعية على مدى السنوات القليلة الماضية، ومواكبة متطلبات سوق العمل، وعلى الرغم من تحفظ عدد من المشاركين بالحوار المجتمعى ورغبتهم فى المزيد من الوقت لدراسة المقترح قبل التطبيق، فإن العديد من التجارب السابقة تشير إلى إمكانية ايجاد آليات متابعة وتقييم تتيح تفعيل المقترح فى نطاق محدد خلال المرحلة الأولى، بالتوازى مع مسارات التعليم الأخرى، سواء العامة والأزهرية والتكنولوجية. أما فيما يخص ضمان جودة نظام البكالوريا المقترح، فإن التجارب والأنظمة المماثلة بالدول الأخرى تشير إلى تميز نظام البكالوريا وفقاً لمعايير الجودة المتعارف عليها دولياً مقارنة بنظام الثانوية العامة فى العديد من العناصر، أولها طرق التقييم المتنوعة مما يتيح للطالب أكثر من فرصة لتحسين الأداء وإثبات مدى تحصيل المعلومات وفهم المعارف فى إطار زمنى منطقى موزع على مدار سنتين، مقارنة بامتحان الثانوية العامة والذى أصبح يشكل عبئاً مادياً ونفسياً على المتعلم وأسرته، ويختزل العملية التعليمية فى امتحان واحد فى نهاية العام الثانوى الثالث يتحدد على أساسه مصير الطالب. كما يتيح نظام البكالوريا للطالب أكثر من فرصة لتحديد مدى اتساق قدراته مع المعارف والمهارات المطلوبة للالتحاق بالتخصص المناسب له مهنياً وعلمياً. وتتميز البكالوريا عن الثانوية العامة من حيث التنوع فى المعارف مما يدعم تنمية المهارات الذهنية والمهنية والعملية وكذلك مهارات التواصل والعمل الجماعى والتى تمثل ميزة تنافسية قوية للخريج وعنصراً أساسياً فى بناء إنسان متكامل تعليمياً وتربوياً. وقال العشماوي: يعتمد نجاح نظام البكالوريا بدرجة كبيرة على عناصر عدة منها التصميم الصحيح للمناهج والتنوع فى طرق التعليم والتقييم، والاعتماد على الامتحانات كوسيلة لتحسين مدى التعلم اولا والتقييم الفعال ثانيا. كما يتوقف نجاح النظام أولاً واخيراً على التأهيل الجيد للمعلم لتعزيز فهمه لأهداف المؤهل الجديد وآليات تطبيقه. وأود أن أؤكد على الدور المحورى الذى تلعبه الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد فى دعم منظومة التعليم قبل الجامعى والعالي، وضمان اتساق البكالوريا مع أفضل الممارسات والمعايير الدولية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. ومن جانبه، يرى الدكتور تامر شوقى الخبير التربوي، وأستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، أن مقترح البكالوريا المصرية يمثل أحد المشروعات الواعدة للقضاء على بعبع الثانوية العامة والذى طالما عانت منه الأسر المصرية، حيث تضمنت العديد من السلبيات التى ألقت بظلالها على كافة أطراف العملية التعليمية من طلاب وأولياء الأمور والمعلمين بل والوزارة نفسها، ومن بين تلك السلبيات الإفراط فى عدد المقررات الدراسية على نحو لا يوجد مثيل له فى العالم، والحشو والتكرار فى المناهج، فضلا عن انفصالها عن متطلبات سوق العمل وعن علوم المستقبل، واعتماد المناهج على عمليات التذكر والحفظ لدى الطلاب دون الاهتمام بتنمية التفكير والإبداع، وانتشار الدروس الخصوصية بشكل مفرط والتى زادت من الأعباء المادية لأولياء الأمور. وأشار إلى اعتماد نظام الثانوية العامة على الفرصة الواحدة والذى يتحدد فيه مستقبل الطالب فى ضوء دخوله الامتحانات مرة واحدة فقط؛ وبالتالى احتمال تناقص درجاته فى حالة تعرضه لظروف طارئة أثناء الامتحانات مثل المرض أو التأخير عن الالتحاق بالامتحان، إضافة إلى عدم إتاحة الفرصة للطالب لتحسين درجاته فى أى مادة، حتى مع دخوله الدور الثانى حال رسوبه فى مادة أو مادتين يحسب له 50% من درجة النجاح حتى لو أجاب على كل أسئلة الامتحان بشكل صحيح. ولفت شوقى إلى أن مقترح البكالوريا يساهم فى القضاء على كل الأزمات المتصلة بالثانوية العامة ويعالجها بشكل جذرى بما يقضى على مشكلاتها، ويجعلها مرحلة عادية فى حياة المصريين، حيث يحمل مقترح البكالوريا العديد من الإيجابيات والتى تشمل تخفيف عدد المقررات بحيث لا يزيد عن 7 مقررات فقط، مما يقلل من الدروس الخصوصية ويخفف الأعباء الدراسية على الطالب، وتقسيم المقررات على عامين بحيث أصبحت 4 مقررات فقط فى السنة الثانية، و3 مقررات فقط فى السنة الثالثة، إلى جانب إتاحة الفرصة للطالب لدخول الامتحانات أربع مرات وليس مرة واحدة فقط مما يخفف من الضغوط الدراسية على الطالب ويتيح له تحسين درجاته. وأشار إلى أن البكالوريا تشمل مقررات جديدة مرتبطة بسوق العمل مثل المحاسبة وإدارة الأعمال ومقررات متصلة بعلوم المستقبل مثل البرمجة وعلوم الحاسب.