البكالوريا (Baccalaureate) المصطلح الذى تردد كثيرا خلال الأيام الماضية ويطرح نفسه بقوة كنظام جاد لتطوير العملية التعليمية فى مصر والعمل على كافة الأساليب العلمية الحديثة فى تطوير شخصية الطلاب وتنمية مهاراتهم الفكرية ليتمكنوا من العيش والتعليم والعمل، جوانب عديدة يطرحها هذا النظام ويفسرها هذا التحقيق فى سطوره التالية. أكد الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم فى تصريح خاص ل «أكتوبر»: أن العملية التعليمية فى مصر سوف تشهد نهضة كبيرة خلال ثلاث سنوات. وأشار إلى أن الوزارة تعمل جاهدة على تطوير العملية التعليمية عن طريق خطط ومشروعات تأتى بنتائج ملموسة فى مستوى الخريج بشكل خاص والتنمية بشكل عام، وأضاف أن هناك ميراثاً ثقيلاً نعمل على تغييره ويطالب الجميع بالتكاتف من أجل تحقيق النهوض بالعملية التعليمية. وقال أبو النصر إن نظام البكالوريا المصرية يعتمد على التعلم والبحث وليس الحفظ والتلقين، وسوف تدرس على مدار السنوات الثلاث للمرحلة الثانوية بدءاً من الصف الأول الثانوى حتى الثالث، وأن الامتحان النهائى للبكالوريا سيكون مركزياً على مستوى الجمهورية وفى نهاية الصف الثالث. ليست القديمة فى حين تضيف د. حنان جودة مساعد الوزير للتطوير والجودة: أن نظام البكالوريا المصرية بعيد كل البعد عن البكالوريا القديمة وهى ليس تغيير مسميات كما يقال، لكن سيتم تطوير المناهج حتى يتم إعداد الطالب وفقا لنظام تعليمى حديث يستطيع من خلاله الالتحاق بها، وهناك خطة قصيرة الأجل تتمثل فى إنشاء مدارس بدءا من مرحلة (kg1) ثم العمل على تطوير المناهج تدريجيا بدءا من الصف الأول الإعدادى حتى الثانوى (نظام البكالوريا المصرية) بحيث يمكن بعد مرور عامين على الأقل تعميم هذا المنظور على أكبر عدد ممكن من المدارس بالتنسيق والتعاون مع رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى لتبنى إنشاء مدرسة فى كل محافظة، وسوف تتم إتاحة الفرصة للطلاب لاختيار المواد الدراسية التى تتناسب وفقا لميوله مثل الأنظمة الدولية Ig ، American Diploma سواء بالنسبة للقسم الأدبى أو العلمى، كما سيتم إعداد المعلم مهنيا بصفة عامة ولتدريس مناهج نظام البكالوريا بصفة خاصة. وتشير إلى أن البكالوريا الدولية بصفة عامة هو نظام تعليمى دولى يتبع منظمات تسمى international Baccalaureate organization وأن نظام البكالوريا الدولية يتبع طريقتى التدريس والتقييم ونحن فى البكالوريا المصرية نريد العمل على هذا المنظور وتطبيقه على برامجنا المسماة بالثانوية العامة حاليا، وأن هناك حوالى 13 مدرسة دولية على مستوى الجمهورية فى مصر تدرس نظام البكالوريا الدولية ويتم تخريج طلبة وطالبات حاصلين على هذه الشهادة ولهم الأحقية فى الالتحاق بالجامعات المصرية. وقالت إن الهدف الأساسى من هذا النظام تعديل وتطوير نظام التعليم فى ضوء برامج البكالوريا الدولية، والتركيز على الموضوعات المجدية من المناهج وتعديل وسائل التقييم وطريقة وضع الأسئلة بحيث يمكن قياس فهم الطالب وقدرته على التطبيق وليس الحفظ والتلقين، بالإضافة إلى ربط المنهج بالحياة المعاصرة وب Social Media. حوار مجتمعى وأضافت د.منى أنه خلال شهرين سيتم طرح نظام البكالوريا للحوار المجتمعى، ثم بعد قبول هذا المقترح كحوار مجتمعى تعتمد من مجلس التعليم قبل الجامعى شروط الالتحاق بالجامعات وفقا لهذه الشهادة، خاصة أنها فى الأساس كشهادة دولية لها أولوية القبول فى الجامعات وبالتالى ينبغى قبول شهادة البكالوريا المصرية، ومن ثم إصدار تشريعات بإنشاء المدارس الخاصة بالبكالوريا المصرية بالتوازى مع مدارس نظام الثانوية العامة تمهيدا لعملية الإحلال التدريجى. لافتة إلى أن هناك الكثير من الدول مثل الأردن والسعودية ولبنان تطبق نظام البكالوريا، حيث تقوم منظمة البكالوريا بأخذ المناهج من كل دولة وتدخل عليها بعض التطوير مع الاحتفاظ باللغة وكل ما يمس الهوية الوطنية والثقافة ثم تعدل من طريقة التدريس بالتوازى مع إعداد المعلم والإدارة المدرسية حتى يتم تغيير المنهج وطريقة تقديم المعلومة للطالب، بالإضافة إلى قياس وتقييم المفهوم الإدراكى والمعرفى والتطبيقى لدى الطلاب من خلال نواتج التعلم. وبسؤالها عن العلاقة التبادلية والتفاعلية بين تلك النظام وبين ما يسمى بالثقافة العامة قديما قالت إن نظام الثقافة العامة ليس نظاما تعليميا، لكن يمكن القول بأنه سيتم تطوير نظام الثانوية العامة وفقا لنظام التعليم بالبكالوريا الذى يهتم ويحتفظ بالثقافة العامة لكل دولة. وأوضحت أن شهادة البكالوريا (إتمام الدراسة الثانوية المصرية) ستكون معتمدة وبنظام السنتين والتى تسمى حاليا بالثانوية العامة (ثانية وثالثة)، وأن عدد سنوات الدراسة التعليمية ثابت ولن يتغير (13) سنة أى منذ التحاق الطالب بمرحلة الروضة حتى إتمام دراسة (Hi school) أى ما يسمى بنظام الثانوية العامة، وستصبح مرحلة الروضة سنتين و5 سنوات للمرحلة الابتدائية و4 سنوات للمرحلة الإعدادية ثم الصف الثانى والثالث الثانوى. مؤكدة أن هناك العديد من المشاكل التعليمية لا حصر لها وتزداد من عام لآخر لكن إلى متى نقضى وقتنا فى حل المشاكل دون التطوير، ليس فقط نتقدم ولكن نتقهقر لأن التقدم فى التطوير بالتوازى مع حل هذه المشاكل. وداعا للدروس الخصوصية وأخيراً قالت إنه تم بالفعل افتتاح مدرستين للبكالوريا أحدهم بالشيخ زايد والأخرى فى المعادى، وقد حققا نجاحا كبيرا، وإذا تم تطبيقه فى التعليم الحكومى سوف يحقق نجاحا بنسبة 7 – 10%، لكنه يتطلب دعما ماديا ضخم لأن تكلفة المدرسة الواحدة تصل إلى حوالى مليون و300 ألف جنيه، وعدد الفصول بالمدرسة لا يزيد على 7 فصول مجهزة بشكل مميز، وإلا يزيد عدد الطلاب على 25 طالباً فى الفصل، وأن تكلفة العام الواحد طبقا لنظام البكالوريا حوالى 45 ألف جنيه، لذا نريد تطبيق هذا النظام فى المدارس الحكومية لتحقيق العدالة التعليمية لكل فئات الشعب والتطور الثقافى والعلمى للأجيال القادمة، والوصول إلى الجودة المرجوة فى التعليم الحكومى، فضلاً عن أن هذا النظام سيعطى الطالب الحرية فى اختيار المواد التى يرغب فى دراستها وسوف تقسم المواد إلى 6 مجموعات الأولى اللغات الأساسية والثانية اللغة الثانية والثالثة مجموعات العلوم والرابعة المواد الاجتماعية والخامسة الرياضيات والسادسة الفنون، وسوف يختار الطالب منهم ما يريد دراسته على حسب ميوله، وسوف تكون الدراسة بنظام الساعات المتعددة، فساعات الدراسة سوف تكون من 150 إلى 240 ساعة، كما أن هذا النظام سيقضى على الدروس الخصوصية نهائيا. تساؤلات أما د. محمود الناقة أستاذ المناهج والتدريس بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للمناهج يرى أن تصريح وزير التربية والتعليم بشأن عودة نظام البكالوريا أثار عدة قضايا وتساؤلات لابد أن توضحها الوزارة أهمها ما الدافع التربوى والتعليمى لإعادة هذا النظام وما الإضافة الجديدة للتعليم الثانوى، كما لابد وأن توضح أيضا ما العلاقة التبادلية والتأثيرية بين شهادة الثانوية العامة وما يسمى بالبكالوريا وبين ما يسمى قديما بشهادة الثقافة العامة، وما آليات بناء مثل هذه الشهادة وتحقيقها، وما انعكاسها على المراحل التعليمية السابقة، وما التصور العلمى لمناهج هذه الشهادة، وما نظير هذه الشهادة فى الدول الأخرى أم أنها اختراع مصرى. وأوضح الناقة أن إقرار مثل هذا النظام يتطلب الإجابة عن هذه التساؤلات ووضع خطة تحدد لنا أهداف هذه الشهادة ومراحل بنائها وتنفيذها والميزانية والإمكانيات اللوجسيتية المرصودة لها، أما دون ذلك يظل الحديث عن هذه الشهادة مجهولة الهوية لا نستطيع إقرار شىء لصالح الوطن والعملية التعليمية. الظروف لا تسمح بينما يقول د. محمود عبد الحليم أستاذ علم النفس التربوى بجامعة الإسكندرية: إن فكرة عودة نظام البكالوريا المصرية جيدة لكن الظروف والأوضاع الراهنة لا تسمح لعمل تجارب جديدة الآن بل ينبغى على القائمين فى العملية التعليمية تحسين البرامج القائمة دون إهدار المال فى برامج أو أنظمة أخرى خاصة أننا لدينا العديد من المشاكل القائمة فى العملية التعليمية من كثافة فى الفصول فضلا عن الأبنية التعليمية المتدهورة. وأعتقد أن حل أزمة التعليم حينما يكون هناك أساس تعليمى جيد، وأن عدم نجاح التجارب الجديدة دائما سببه عدم وجود الأساس فى العملية التعليمية بالمدرسة بدءا من المدرس الذى يؤمن برسالته ثم الأنشطة التربوية والأبنية التعليمية التى تليق بالطلاب، وهذا يرجع إلى عدم وجود استراتيجية محددة فى منظومة التعليم المصرى ونحن نحتاج إلى إرادة سياسية واضحة إلى جانب اهتمام الدولة بتولى المتخصصين أمورها خاصة أن هناك بعض المناصب فى الوزارة تحتاج متخصصين على سبيل المثال مجلس التعليم قبل الجامعى لا يوجد به تربويون وأكثرهم أطباء بيطريون ومهندسون. قانون وليس قرار عبد الحافظ وحيد مدير مديرية التربية والتعليم بالسويس أكد أن البكالوريا تعتبر «شهادة منتهية» بمعنى أن الطالب يدرس أربع سنوات وإذا رسب السنتين الأساسيتين يمكن أن يعيد الدراسة مرة أخرى ولكن من خارج المدرسة فهو من حقه التقدم أربع سنوات، ومن الممكن أن يعين الحاصلين عليها مثلهم كالدبلومات لكنها تحتاج إلى إعادة دراسة جادة، فالبكالوريا قانون وليس قرارا وزاريا. وأضاف أن الشخص المتخصص فى دراسة ما لا يوجد له فرص عمل أما الحاصل على شهادة الثانوية العامة «غير المتخصص» كيف سيكون مصيره فى سوق العمل!. وأوضح أن البكالوريا ستنمى مهارات البحث والمعرفة والإبداع لدى الطلاب مقارنة بالثانوية العامة وخاصة أننا نريد أن يكون بالجامعات طلاب مؤهلون للنهوض والارتقاء بالدولة، فهناك البعض يلتحق بمرحلة الثانوية العامة لمجرد أنه نجح وبالتالى سيصبح هذا الطالب غير مؤهل علميا لخوض المرحلة الجامعية، فالبكالوريا سوف تقلص ذلك، فالطالب غير المؤهل للدراسة بالجامعة يمكنه الاكتفاء بشهادة البكالوريا لكن متسائلا كيف سيعمل بها! وهل ستوفر المؤسسات الحكومية فرصة عمل لهم!. لافتا أن طالب الثانوية يدرس مجموعة من المواد الثقافية متعددة المجالات فيصبح غير مؤهل للنزول إلى سوق العمل على عكس طلاب الثانوية الفنية، فالطالب الفنى متخصص وغالبا يكون سوق العمل فى حاجة إليه.