نشرت جريدة الرأى الكويتية مقالا للكاتبة أريج السنان، توضح فيه أن الغيرة هى سمة للطبيعة البشرية، مشيرة إلى أنها شعور مزدوج قد يكون سلبيًا مدمرًا، أو إيجابيًا فى حال تحول إلى دافع للتحفيز الشخصى والتطور وتمت إدارته بوعى وحكمة.. نعرض من المقال ما يلى: الغيرة شعور إنسانى يمرّ به الجميع فى مراحل مختلفة من حياتهم، لكنها تتخذ عند المرأة أحياناً أبعاداً خاصة ترافقها فى حياتها اليومية. فقد تظهر ببساطة عندما ترى صديقتها تملك شيئاً لا تملكه، وتزداد حدّتها لدى المرأة التى تسيطر عليها الغيرة، إذ لا تكتفى بما لديها، ولا تحتمل أن يُوجَّه الثناء لغيرها؛ لأن ذلك يوقظ فى داخلها شعورا بالنقص والخوف من فقدان مكانتها. وتزداد الغيرة فى المقارنة المستمرة مع الصديقات أو الزميلات عند رؤية ما يملكن من مال، أو جمال، أو استقرار، مما يؤدى إلى الشعور بالدونية، وضعف الثقة بالنفس، والخوف من فقدان الاهتمام. ومع هذه المشاعر، لا تتقبل نجاح غيرها وثناء الناس عليهن. وقد أشار خبراء علم النفس إلى أن (الشخصية الغيورة) غالبا ما تعيش حالة مقارنة دائمة، تحاول من خلالها التقليل من شأن الآخرين لتكوين شعور زائف بالتوازن الداخلى. ورغم أن الغيرة بدرجة معتدلة أمر طبيعى، إلا أن خطورتها تكمن حين تتجاوز الحد، فتصبح شعورا مدمّرا يثقل الروح ويعطل العلاقات. وهذا الشعور ينتج عنه ردود فعل سلبية تظهر فى صور متعددة، منها اللفظية: كالانتقاد المستمر أو التعليقات الساخرة، ومنها السلوكية: كمحاولة إفساد نجاح الآخرين، ومنها الداخلية: كشعور بالضيق والانزعاج دون إعلان ذلك. وقد تتجلى الغيرة فى العلاقات الاجتماعية بوضوح، كالصديق المخلص قد يشعر بالغيرة عندما يرى صديقه متفوقا عليه، فيحاول أحيانا التقليل من شأنه أو عرقلة طريقه. وفى المقابل، هناك أصدقاء يدركون أن نجاح صديقهم فرصة للفرح والفخر المشترك، فيفرحون لإنجازاته ويشجعونه على التطور والنمو. هذا يبيّن أن الغيرة يمكن أن تكون سلبية إذا تُركت بلا وعي، أو إيجابية إذا أُديرت بحكمة. وعليه، يتبين أن الأصل فى الغيرة أنها ذات آثار سلبية، لكنها قد تتحول إلى قوة إيجابية إذا أُديرت بوعي. فالتعامل الناضج، البعيد عن الانفعالات، يسمح باستثمار الغيرة لتحفيز الذات وتطوير الأداء، بدلاً من تحويلها إلى ثقل نفسى يعوق العلاقات. كما أن بناء كل شخص لحياته بعيداً عن المقارنات، مع دعم الآخرين ومشاركة نجاحاتهم، يساعد على خلق علاقة طيبة متوازنة. آخر القول، الغيرة شعور طبيعى، لكنها لا تُحدّد قيمتك. تذكّر دائما أن داخلك القدرة على تحويل أى شعور سلبى إلى قوة تدفعك نحو النمو. اجعل الغيرة حافزاً للتفوق، وكن فخوراً بإنجازاتك وبإنجازات من حولك، لتكون الشخص الذى يتفوق على نفسه أولاً، ويترك أثرا إيجابيا فى حياة الآخرين.