حل عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ووزير الخارجية الأسبق، ضيفًا على الإعلامي شريف عامر ببرنامجه «يحدث في مصر»، المذاع عبر فضائية «MBC مصر»، مساء الأربعاء، وذلك للحديث عن الخطوات التالية لانعقاد قمة «شرم الشيخ للسلام» لإنهاء الحرب في غزة، وبدء مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، وكيف ينظر العالم إلى القضية الفلسطينية، إضافة إلى رؤيته للمستقبل. ووصف موسى، قمة شرم الشيخ للسلام بأنها «لحظة دقيقة وخطيرة»، خاصة أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام لا يجب أن تكون النهاية، منوهًا أنها «مجرد إنهاء لوضع بائس للغاية، لكن هناك أمورًا لا تستوي إلا بمعالجة أسبابها الجذرية وليس أحد مظاهرها». وشدد على أهمية عودة الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم ومنازلهم المدمرة لإعادة إعمارها، وفتح المعابر لدخول المساعدات، والإفراج عن الرهائن والأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، وانسحاب القوات الإسرائيلية، إضافة إلى بحث اليوم التالي في فلسطين والمنطقة ككل، والبدء في مفاوضات حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية، وضمان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو ما يحتاج التعامل مع الوضع الفلسطيني بشكل نهائي وفق مراحل، من أجل تحقيق السلام والاستقرار. ترامب أكبر المؤثرين في تلك المرحلة.. وموقف مصر والسعودية مهم للغاية واعتبر موسى، أن ترامب من أكبر المؤثرين في تلك المرحلة، ومن بعده العرب إذا أجمعوا رأيهم، مثمنًا الموقف المصري برفض التهجير لمنع تصفية القضية الفلسطينية، فضلًا عن إصرار المملكة العربية السعودية على ربط التطبيع مع إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية. ولفت إلى أن «هذين الموقفين العربيين مهمان للغاية، ومبنيان على منطق سياسي واضح، ومصلحة سياسية كبيرة، وتفكير استراتيجي سليم من مصر والسعودية»، داعيًا إلى تفويض القاهرة والرياض والأردن باسم كل الدول العربية، من أجل خوض مفاوضات قيام الدولة الفلسطينية في المرحلة المقبلة. وأكد أهمية الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى واشنطن والإشارة إلى الوضع شديد الخطورة في الضفة الغربية خلال لقائه مع ترامب. وفي سياق متصل، نوه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غير قادر على تحقيق السلام، خاصة إذا كان معاونوه المتطرفين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، لأنهم يريدون الإخضاع والتسليم فقط، داعيًا إلى «التغيير» في المفاوض الإسرائيلي والفلسطيني. خطر التهجير مازال قائما ويجب أن نكون حذرين للغاية وحذر موسى، من أن خطر التهجير القسري للفلسطينيين مازال قائمًا، على الرغم من التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، معقبًا: «لابد أن نكون حذرين للغاية، ما حدث في الأيام الأخيرة أدى إلى أوضاع لا بأس بها مواتية في غزة للتحرك نحو سلام أشمل، لكن الأمر مختلف في ظل معرفتنا بالجانب الإسرائيلي المتطرف للغاية». وتحدث عن لقاء سابق جمعه مع نتنياهو في مؤتمر مدريد، مضيفًا: «كان نتنياهو وقتها نائب وزير الخارجية، ورئيس الحكومة الأسبق إسحاق شامير، صرح بكلام عجيب، فقلت لنتنياهو إيه حكاية الراجل ده، قال لي: (استنى بس هتشوف لما أنا هاجي الأمور هتتحل).. وهو ما يثبت أن هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون التفاوض حول السلام أبدًا». القضية الفلسطينية لم تدفع ثمنًا نتيجة أحداث 7 أكتوبر وبحسب رأيه، ذكر الأمين العام الأسبق، أن القضية الفلسطينية لم تدفع ثمنًا نتيجة أحداث 7 أكتوبر، خاصة أنها قبل اندلاع الحرب تراجعت ولم يعد لها ذكر هي والاحتلال الإسرائيلي، ووضعت حينها على الرف، وتم قبول المنطق الإسرائيلي لقيام الدولة اليهودية وإنهاء الدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن «الضعف والانقسام الفلسطيني على الجانب الآخر كان أحد العناصر الرئيسية لاحتمال إنهاء القضية»، محذرًا من أن «الضعف الفلسطيني والقسوة الإسرائيلية لا تخلق معادلة تخدم عملية السلام». وأكمل: «عندما تقاوم وتكون لديك قضية وترفض ضياعها ونسيانها فأنت مضطر لأن تتحمل بكل النتائج السلبية كضرب غزة، وربما لم يكن في حسابهم أن يصل رد الفعل إلى مرحلة الإبادة الجماعية»، مشددًا على أن «الموقف العربي يجب ألا ينسى أو يغفر الإبادة»، فضلًا عن ضرورة التعامل مع السلام بجدية بعد التضحية في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية. وبسؤاله عن مستقبل القيادات الفلسطينية، وعلى رأسها فتح وحماس، أجاب: «كلها قيادات قامت بدورها وغير قادرة على لعب أي أدوار حاليًا، يجب ظهور جيل جديد في فلسطين والعالم العربي وإسرائيل، وهناك إسرائيليون كثر تحدثت معهم يطالبون بدولة فلسطينية، بعضهم من ناحية عنصرية، وبعضهم من ناحية حقوقية لضمان حق تحقيق المصير». وأشاد بالسياسة المصرية في التعامل مع ملف التهجير وإلغاء القضية الفلسطينية، داعيًا ترامب لاستثمار الزخم الحالي في التحرك نحو قيام الدولتين: «آن الأوان للحديث عن الضفة الغربية وقيام الدولة الفلسطينية، شهدنا خلال الشهرين الماضيين قرارات مهمة بإقامة الدولة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة، وترامب أصبح منخرطًا في تلك العملية، هذه أمور يجب أن نعمل عليها كمصريين وسعوديين وأردنيين باسم الكل حتى نتنقل إلى المرحلة التالية». الحرب ممكنة لأن في مجانين كتير في العالم وبشأن احتمالية اندلاع مواجهة إسرائيلية – مصرية، أوضح وزير الخارجية الأسبق، أن «إسرائيل لم تهتم بإقناع الشعب المصري أنها تقصد السلام حقيقة، ولذلك ظل الشعب المصري منذ عام 1979 وحتى تلك اللحظة غاضبًا، لأنه عايش ما حدث، ورأى بعينه ما جرى في غزة». وأكد في الوقت ذاته ضرورة التحلي بالتفاؤل الحقيقي، والثقة في النفس، والحديث بكلام عاقل مقبول لا يرفضه أحد مع الرئيس ترامب والحكومات الغربية وإسرائيل، مستطردًا: «لماذا لا نتفاءل، نريد الوصول إلى السلام وليس الحرب، لكن هل الحرب ممكنة، نعم الحرب ممكنة لأن في مجانين كتير في العالم»، بحسب وصفه. وثمن وصف الرئيس عبدالفتاح السيسي، للطرف الإسرائيلي ب«العدو» خلال كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الطارئة في العاصمة القطرية الدوحة، قائلًا: «من صاغ تلك الكلمة أُسطى، لأنها لم تكن دعوة للحرب، ولكن صيغة تقول إن مصر متيقظة وأن الطريق القائم ربما يؤدي إلى الحرب رغم عدم رغبتنا في ذلك». وحول مصير حركة «حماس»، نوه أن عدم حل المشكلة بسرعة سيؤدي إلى استمرار حماس وربما ظهور حركات بعدها باسم «نضال» و«كفاح» وغيره، مجددًا الدعوة إلى تحقيق سلام عربي إسرائيلي؛ يضمن مصالح الجميع، ولا يقتصر على تحقيق مصالح خارجية فقط. نحتاج حل أزمة سد النهضة.. وإزاي المصريين كلهم عاوزين يبعدوا أولادهم عن التعليم الحكومي! بالحديث عن الشأن الداخلي، دعا الأمين العام الأسبق إلى ضرورة حل أزمة سد النهضة، في ظل عدم إمكانية القبول بالوقوع تحت سيطرة تهديد ما متعلق بالمياه، مناشدًا انتهاز الفرصة القائمة ومطالبة ترامب بالتدخل لحل الملف. وأفاد بأن المشكلة مرتبطة بالتعامل مع سنوات الجفاف، معربًا عن تقديره لجهود وزير الري وتحرك الدبلوماسية المصرية بفاعلية للتعال مع الأزمة، لكنه طالب بتحرك أكبر لإقناع الرئيس الأمريكي ورؤساء دول أخرى بحلحلة الأمور. ونوه أن مصر تعاني من تحديات داخليًا وخارجيًا بسبب سوء إدارة الحكم ل70 عامًا وأكثر، كما تعاني من عدم الرشد في تحديد الأولويات، متسائلًا: «أين التعليم والصحة والتنمية والفلاح والزراعة والصناعة؟ لقد حدثت أخطاء كثيرة، والحكم الرشيد بالمعنى الحقيقي للكلمة داخليًا وخارجيًا كان بعيدًا عنا في العديد من المراحل، ولا أستثني من ذلك السنوات الأخيرة من العهد الملكي». وعلق على منتقدي هجومه على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بالقول: «عبد الناصر كان رجلًا عظيمًا لا شك، وأنا في شبابي كنت عضوًا في التنظيم الطليعي عن إيمان عميق بكل ما يفعله إلى أن جاء 5 يونيو 1967، هنا تأتي مصر مش فلان ولا علان.. أنا شفت إزاي إحنا اتبهدلنا، ولا يمكن أبدًا أن ينسى أحد الهزيمة إلى تحقيق النصر بعودة مصر من الدول الكبرى الغنية الثرية المحكومة بحكم رشيد تعلم معنى الدولة والمواطنة». وأشار إلى أن العالم يتسابق الآن لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والإثراء، ويجب أن تكون مصر طرفًا في تلك المسألة، مواصلًا: «عندنا تعليم ياباني وصيني وكندي وأمريكي وألماني، وأجيال لا تستطيع أن تفهم بعضها، ده شيء عجيب جدًا! المسألة تحتاج نظرة وزير التعليم يجب أن يكون مثقفًا قبل أن يكون وزيرًا ويفهم ما نحتاجه». واستنكر حرص الأهالي على إبعاد أولادهم عن التعليم الحكومي، معقبًا: «أنا شخصيًا تعلمت في المدارس الحكومية، مدرس اللغة الفرنسية كان جاي من فرنسا، ومدرس الإنجليزية من أوائل خريجي كلية الآداب، وكل عام كنا نقرأ رواية أو روايتين باللغة الإنجليزية لتعلم كلمات جديدة».