- جبريل الرجوب: ترامب يتصرف في قضية حرب غزة وكأن هذا شأن داخلي إسرائيلي - نحن الآن في أكثر محطة ضاغطة على أمريكا وإسرائيل في الجمعية العمومية بالأمم المتحدة - أتمنى من الإخوة في «حماس» القبول بمبدأ وحدانية السلطة والسلاح - أية صيغة للمستقبل يجب أن ترتكز على توافق وطني فلسطيني تمر القضية الفلسطينية بظرف دقيق وخطير وسط استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي تجاوزت حاجز ال700 يوم، واقتربت من إتمام السنتين من القتال والتشريد والتدمير لأهل غزة المكلومين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في وقتٍ لا تقف الضفة الغربية بمنأى عن الأحداث التي تجري في غزة وتنخرط في مواجهة العدوان والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وفي خضم ذلك، تقف فلسطين على أعتاب انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في الفترة من 23 إلى 29 من شهر سبتمبر الجاري، وسط إعلان 18 دولة من مختلف أنحاء العالم نيتها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين المستقلة من بينها دول أوروبية بارزة على رأسها فرنسا وبريطانيا، اللتان تشغلان العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي. وحول التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة، أجرينا مقابلة مع الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، للوقوف على آخر المستجدات المتعلقة بالقضية. - في البداية.. كيف هي التحركات من السلطة الفلسطينية الآن من أجل استثمار الزخم الدولي المناهض لما ترتكبه إسرائيل من جرائم ونية 18 دولة الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا؟ إسرائيل معزولة.. ونحن من اليوم الأول كان لدينا إستراتيجية واضحة المعالم نعبر عنها وطنيًا بقدرتنا وبإمكانيتنا المحدودة في ظل وجود حصار.. حتى حصار مالي علينا نحن كسلطة فلسطينية. إستراتيجيتنا أن البند الأول هو وقف العدوان، والند الثاني أن الفلسطينيين يظلون في فلسطين، والبند الثالث إننا نكرس الحالة الوطنية الفلسطينية من خلال وحدة وطنية فلسطينية تشكل موقفًا لصالح المشروع، وتفعيل العالم الإقليمي والدولي، وتحركنا مع كل الدول الأشقاء في الوطن العربي سواء مصر والسعودية والجزائر وقطر. نحن نتوافق مع كل الدول العربية على وضع حل لوضعنا الداخلي والاثير على المستوى الإقليمي والدولي. ألم يقم ماكرون بأخذ ورقة خطية من أبو مازن كي يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة؟ - نحن الآن على مشارف قيام جيش الاحتلال خلال أيام بعمليته العسكرية الواسعة في غزة لإعادة احتلال القطاع بالكامل.. كيف يجب التحرك ضد هذا؟ وهل نتنياهو يمكن أن يفرض عملية التهجير في غزة عنوةً وبشكل قسري؟ ليس بإمكان نتنياهو أو غيره تنفيذ مخطط التهجير عنوة.. هذا غير صحيح ولن يحدث. لو نتنياهو يريد تهجيرنا فنحن من عام 1948 نواجه نفس السياسة الذي يواجه أهل غزة.. هذا الصمود الملحمي من أهل غزة وهذه التضحيات تؤكد أن نتنياهو ليس بإمكانه تهجيرنا من أرضنا. - إذًا موضوع التهجير من الأراضي الفلسطينية سواء من الضفة الغربية أو غزة مقفول بشكل نهائي مهما فعل نتنياهو؟ هناك ثلاث قضايا ليست خيارًا بالنسبة لنا.. نحن لن نرفع الراية البيضاء ولن نغادر أرضنا، وهذه السلطة والمنظمة قد تكون ضعيفة وبحاجة إلى إصلاح وترميم ومراجعة لن تستسلم ولا تفكر في التراجع عن دورها. نحن هناك باقون صامدون مرابطون، ولن ترونا هنا إلا زوارًا. - كيف يمكن استثمار هذه المرحلة ونحن على بعد أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في ظل الاعتراف المرتقب بدولة فلسطين وهي فرصة يمكن ألا تكون سانحة مرة أخرى؟ نحن في حالة اشتباك مع كل العالم.. وها (دونالد) ترامب يمنع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) الذي صار له 50 سنة يتحدث عن مقاومة سلمية، رفضوا يعطونه تأشيرة لدخول الولاياتالمتحدة، إذًا هو في دائرة الاستهداف أكثر من أي وقتٍ مضى. الرؤية الخاصة بنا تستند على إستراتيجية وطنية وأن أكثر من 5 ملايين مواطن يجب أن يظلوا في أرض فلسطين وبناء وحدة وطنية، ونسعى لعمل توافق دولي. وهذا هو الأنسب وهذا هو خيارنا.. ونحن في هذه المرحلة نرى أن هذا هو الخيار الإستراتيجي الذي يحافظ على الدولة الفلسطينية، ونحن نريد أن تظل منظمة التحرير الفلسطينية التي يعترف بها العالم. صدقني النقيض الإستراتيجي والعدو الحقيقي لإسرائيل هو من يحمل في ثناياه فلسطين.. من يعرف قيمة البذرة الوطنية الفلسطينية هم الإسرائيليون أنفسهم لهذا يحاربوننا. - ولكن قصة حجب التأشيرات عن الوفد الفلسطيني والرئيس محمود عباس في الجمعية المقبلة للأمم المتحدة كان ردًا من ترامب على موضوع اعتراف 18 دولة في العالم بدولة فلسطين المستقلة.. أليس كذلك؟ أقول لك.. ترامب هذا يعمل عند الإسرائيليين.. فلماذا لم يعاقب فرنسا مثلًا لأنها اعترفت بفلسطين، ولكن ترامب يحكي اليوم شيئًا في اليوم الثاني يقول شيئًا آخر.. هذا عيب أن يكون رئيس دولة وهو يمتلك عقلًا وفكرًا صبيانيًا. سياسة الولاياتالمتحدة من 1967 وحتى الآن كما هي.. وترامب والإدارة الأمريكية في حرب غزة يتصرفون وكأن هذا شأن داخلي إسرائيلي. الدول التي اعترفت بدولة فلسطين لم تعترف بسبب عملية 7 أكتوبر وقتل 1000 يهودي، ولكن اعترفت لأن ردة فعل الإسرائيليين استفزت العالم كله.. وجعلت منهم عراة في مستنقع.. هم الآن معزولون ومنبوذون، وكل العالم الآن ينبذ نتنياهو.. الآن هي أكثر محطة ضاغطة على أمريكا وعلى إسرائيل في الجمعية العمومية، وهم (الوفد الإسرائيلي) سيكونون عراة بالمطلق. - كيف تنظر للدور المصري تجاه ما يحدث في غزة وللقضية الفلسطينية عمومًا في هذا الظرف الصعب؟ القضية الفلسطينية هي عنصر ثابت في السياسة المصرية، وأنا أرى أن مصر هي الأجدر بحمل لواء القضية في هذا التوقيت. حالة الجمود والشلل وكل المصاعب المحدقة بالوضع الفلسطيني بحاجة إلى كسر الحالة، وأنا قناعتي أن مصر هي الأجدر على حمل القضية، لثلاثة أسباب، أولها التاريخ والوعي المصري سواء الرسمي أو الشعبي على مدار 77 عامًا منذ بداية النكبة كان هناك عنصرًا ثابتًا للحفاظ على الهوية السياسية الفلسطينية. كما أن الدولة المصرية حافظت على البذرة الفلسطينية ومعاملة الفسطيني بكل امتيازات المواطن المصري، وحتى في الأوضاع الحالية والتي تحدياتها اتسعت وازدادت وعلى رأسها هذا العدوان الإسرائيلي أحادي الجانب، والتي تصاعدت وتيرته بشكل غير مسبوق لتحقيق ثلاثة أهداف، وهي إنهاء مشروع الدولة الفلسطينية واجتثاث أي رفض بشكل المقاومة وحتى المقاومة بالكلمة، واندماج إسرائيل في المنطقة دون حل جوهري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لذلك دور مصر جوهري وتبقى هي الأقدر على توفير الحاضنة لحماية الشعب الفلسطيني. - كيف تنظر لرسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة تجمع البريكس والتي هاجم فيها إسرائيل؟ مصر على دائرة الاستهداف من اليمين الإسرائيلي كجزء من سياسة هذا اليمين لعزل ومحاصرة القضية الفلسطينية كقضية دولة وإنهاء احتلال، فلم يكن غريبًا هذا الموقف الحاسم القاطع من جانب الرئيس المصري في ثلاث مسائل. المسألة الأولى ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي بكل أشكاله على كل الفلسطينيين. والمسألة الثانية رفض كل إجراءات التهجير والترحيل للفلسطينيين. والموضوع الثالث تقديم كل المساعدات وعناصر الإغاثة للفلسطينيين كاستحقاق لتوفير أسباب بقائهم في أرضهم. - بمنأى عن الأحداث الراهنة.. هناك في دوائر السلطة الفلسطينية والرئاسة تم طرح مسألة تغيير دستوري بمقتضاه يتم تغيير مفهوم السلطة الفلسطينية إلى الدولة الفلسطينية.. ما جدوى هذه الخطوة في هذا التوقيت؟ أية صيغة للمستقبل يجب أن ترتكز على توافق وطني فلسطيني، ويجب أن يكون نتاج هذا التوافق.. بدون الحديث عن دستور أو غيره، لا بد أن يكون هذه الخطوة نتاج حوار وتوافق من الفصائل الفلسطينية. - بالنسبة لملف الانتخابات الفلسطينية هل لا يزال في حالة الجمود عليه منذ إرجائها في 2021؟ أود أن أعترف على لساني بأننا أخطأنا في عام 2021 حينما قمنا بتأجيل الانتخابات بنية الإلغاء من دون العودة إلى القاهرة، بسبب موضوع عدم تنظيم الانتخابات في القدس - في الختام.. نود أن نعرف إلى أين وصل ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وتحديدًا بين حركتي «فتح» و«حماس»؟ نأمل من إخواننا في حماس أن يبادروا في بعض الخطوات من أجل الوحدة الوطنية، وأول خطوة هي مبدأ إنهاء حالة وجود سلاح في المستقبل لدى الفصائل، والقبول بمبدأ وحدانية السلطة ووحدانية السلاح، وأن يكونوا جزءًا من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ببعد إسلامي وليس امتدادًا لأحد الانضواء تحت مظلة الوطنية الفلسطينية هو المدخل لمحاصرة الاحتلال وإنهاء الانقسام لأن هذا يوفر كل عناصر الإسناد الإقليمي للقضية الفلسطينية.