تستعد المخرجة إنعام محمد على للتوجه إلى لندن خلال الأيام القليلة المقبلة بصحبة فريق عمل مسلسل «رجل لهذا الزمان»، الذى يتناول قصة حياة العالم المصرى مصطفى مشرفة، حيث تمسكت بتصوير جميع المشاهد فى أماكنها الحقيقية، وعدم الاكتفاء بالديكورات.. لا تهتم كثيرا بعدد ساعات التصوير التى انتهت منها، كما أنها لا تكترث بجملة «اللحاق بقطار رمضان».. كل ما يشغلها حاليا الخروج بعمل ترضى عنه يضاف إلى سجل نجاحاتها فى دراما السيرة الذاتية الذى بدأ بأم كلثوم قبل أن يحط الرحال على قاسم أمين.. وأخير طرقت أبواب العلماء فى عمل وصفته إنعام محمد على بأول مسلسل علمى فى الدراما العربية.. وبالتالى فهو يستحق مجهودا مضاعفا. «لا أقدم عملا تجاريا أسعى من خلاله للحصول على أجر كبير.. لكننى بالفعل أبحث عن رجل لهذا الزمان».. بتلك الجملة بدأت إنعام محمد على حديثها ل«الشروق»، قبيل توجهها إلى لندن، وقالت: أصبحنا فى عصر نحتاج فيه إلى رجل بقيمة العالم مصطفى مشرفة.. أين نحن من أبناء هذا الجيل الذى عاش فيه؟.. للأسف الشديد سرنا إلى الخلف مقارنة بالفترة التاريخية ما بين 1923 إلى 1950، وهى الفترة التى يتناولها المسلسل. إلى هذا الحد أنت متأثرة بالعالم مصطفى مشرفة؟ هو بحق رجل سبق عصره بكل المقاييس، ويكفى أن أينشتين رثاه بعد رحيله وقال إنه كان ينتظره مستقبلا باهرا.. فحمل فى رأسه أفكارا عبر عنها على الملأ، وقال إن مصر لن تتقدم دون العلم وكثيرا ما دعا إلى التوسع فى التعليم والاهتمام بالمواهب الشابة التى تحمل رؤى وأفكارا مبتكرة.. وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية وخرج الحلفاء منتصرين أيقن أن العلم ظل المفتاح السحرى لهذا النصر فزاد تمسكه بالدعوة إلى العلم وضرورة الاستفادة من أبحاث الذرة لإنتاج الطاقة النووية وهذا ما ندعو إليه بعد مرور 60 عاما على رحيله ولم ننجح فيه حتى الآن. لكن عملا بهذه الجدية قد لا يستسيغه الجمهور فى ظل موجة الدراما الاجتماعية الغالبة على الساحة؟ لا أفكر بهذه الطريقة ولا أسير وراء الموجة.. كما لا أحب الحكم على المشاهدين من هذا المنظور الضيق.. فانا أدرك تماما أن «رجل لهذا الزمان» هو أول مسلسل علمى فى الدراما العربية ويمكن اعتباره دعوه إلى إحياء الاهتمام بالعلوم بعد أن فقدت بريقها على جميع المستويات الرسمية والشعبية. ماذا تقصدين بعمل درامى علمى؟ أقصد أنه ليس مجرد دراما سيرة ذاتية لمصطفى مشرفة، ولكنه بغوص بشكل معمق فى العلم ولكن بطريقة مبسطة تناسب المشاهد العادى.. فنجد مشرفة على سبيل المثال يتحدث عن الذرة وتكويناتها وأهميتها بطريقة جذابة، أجد نفسى واثقة أنها قادرة على الوصول إلى جميع المشاهدين بغض النظر عن مستوياتهم الثقافية والعلمية. وهل تراهنين على هذا العمل لتحريك المياه الراكدة؟ هذا بدأ يحدث بالفعل.. فقد أحدث العمل زخما لا بأس به إذا وضعنا فى الاعتبار أن المسلسل لم يعرض بعد.. وأراهن على أنه بمجرد خروج العمل إلى النور سيوجد حالة من الحوار الجدى بين جميع فئات المجتمع حول أهمية العلم وضرورة الاهتمام به، وأراهن على الشباب على وجه الخصوص خصوصا أن الاتجاه السائد فى صفوفهم حاليا هو تجاهل العلم والاتجاه إلى الأقسام الأدبية بداية من الثانوية العامة. تحمل حياة مشرفة الكثير من الغموض.. وكذلك الحال بالنسبة لملابسات وفاته.. فكيف سيتعامل المسلسل معها؟ اعتمدنا على الوثائق التاريخية لهذا العالم المصرى وخضنا تقريبا فى كل كبيرة وصغيرة فى حياته بداية من بعثته العلمية إلى إنجلترا ونهاية بحضور المكثف على الساحتين الثقافية والعلمية بمصر قبل وفاته فى 1950، كما أننا لم ننس التطرق إلى حياته الشخصية وعلاقته بزوجته. وكيف سيفسر العمل ظروف وفاته المفاجئة لا سيما أنها أثارت شكوكا بتورط الملك فاروق تارة والموساد تارة أخرى؟ تعاملنا مع الواقعة وفق ما توافرت لدينا من معلومات وحقائق ولم نعتمد على ما يتردد دون دليل.. فالملك فاروق لم يكن له علاقة بوفاة مصطفى مشرفة وكذلك الحال لا يوجد دليل قاطع على تورط الموساد الإسرائيلى فى الأمر.. فكثير من الكتابات اتهمت فاروق والموساد بتسميم العالم المصرى لكن المسلسل تعامل معها على أنها بلا دليل قوى يساندها ولم يكن من المنطقى إضافتها إلى العمل خصوصا أن أسرته أيضا لا تملك الدليل على ذلك ولم تتهم أحدا. اتهام الموساد جاء لدور مشرفة فى أبحاث الذرة.. لكن اتهام الملك فاروق يحمل قدرا من المبالغة.. ألا تتفقين مع هذا الرأى؟ لا أعتمد على وجهات النظر والتحليلات عند الحديث عن وقائع تاريخية سيضمها المسلسل.. لكن الكل يدرك أيضا أن العلاقة بين مشرفة وفاروق لم تكن على خير ما يرام نتيجة اعتزاز الأول بنفسه بدرجة جعلته يرفض الذهاب إلى قصر عابدين لتقديم الشكر إلى فاروق على منحه لقب «الباشوية».. كما أنه اصطدم به فى أكثر من مناسبة خصوصا أن مشرفة كان ناقما على تصرفات الملك منذ توليه العرش نتيجة صغر سنه وقلة خبرته. ألم يكن من الأفضل الاستعانة بوجه يحظى بقدر كاف من النجومية لتجسيد دور البطولة لتوصيل الرسالة؟ بحكم خبرتى فى دراما السيرة الذاتية من خلال مسلسلى «أم كلثوم» و«قاسم أمين» أصبحت على يقين من أن الاستعانة بنجم يتمتع بشعبية بين الجمهور يضر العمل أكثر مما يفيده لأن المشاهدين فى كثير من الأحيان يفشلون فى الفصل بين النجم والشخصية التى يجسدها مما ينعكس سلبا على درجة الاقتناع.. لكن دراما السيرة الذاتية تحتاج فقط إلى فنان موهوب وقادر على توصيل الرسالة. وهل وجدت تلك الصفات كاملة فى الفنان أحمد شاكر؟ عندما بحثت بين الفنانين عمن يصلح للدور وضعت مجموعة من المواصفات أبرزها أن يجيد الحديث باللغة العربية الفصحى وكذلك إجادة اللغة الإنجليزية على نحو تام حتى لا يخطئ فى المصطلحات العلمية بالإنجليزية.. والأكثر من ذلك أيضا أن مشرفة كان يجيد العزف على أكثر من آلة موسيقية بدرجة أقرب إلى المحترفين، وكان من الصعب الاستعانة بدوبلير فى تلك المشاهد.. وقد وجدت كل تلك الصفات متوافرة فى الفنان أحمد شاكر وأثق فى قدرته على توصيل الرسالة.