وسط ترقب مشوب بلهفة ينتظر مدرسون أشداء سكرتير المدرسة فى سيارة أحدهم ليذهبوا، معا، لصرف «شيك» رواتب العاملين فى المدرسة من البنك ثم يعودون، إلى زملائهم، ظافرين برواتب الشهر سالمة. هذا المشهد الذى صار متكررا فى كل المدارس، مع نهايات كل شهر ميلادى، أو مع اليوم الموعود الذى يصل فيه «شيك» مكافأة الامتحانات فى يوليو أو أغسطس، سيختفى إلى الأبد فى مدارس القاهرة الكبرى بدءا من راتب يوليو المقبل، ليشمل جميع مدارس الجمهورية رويدا رويدا، حيث تعكف الكثير من المديريات والإدارات التعليمية حاليا على فتح حسابات بنكية لجميع معلميها، وفقا لتعليمات من البنك المركزى، ليتمكنوا من صرف رواتبهم عن طريق «بطاقات الصراف الآلى»، المعروفة شعبيا باسم «الفيزا»، والتى تسحب الراتب أو جزءا منه فى أى وقت أو فى أوقات مختلفة من ماكينة الصرف الآلى. مديرية التعليم بالقاهرة اتفقت مع أربعة بنوك مصرية لصرف رواتب المعلمين عن طريق البطاقات خلال شهرين أو أكثر قليلا، طبقا لما قاله مدحت مسعد مدير مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، لافتا النظر إلى أن لكل إدارة الحق فى اختيار البنك الذى تريد التعامل معه. وقال إن هذا يضمن (شفافية) صرف رواتب المعلمين بالإضافة إلى التطوير داخل الهيئات الحكومية، وطبقناه مع العاملين بديوان المديرية وجميع الإدارات منذ أكثر من ثلاثة شهور. أما مديرية الجيزة التعليمية، فطبقا لمحمود صديق وكيل المديرية، فيتعامل جميع العاملين فى ديوان المديرية بهذا النظام بالفعل، وقال: «مؤخرا بدأت إدارة شمال الجيزة فى هذا السبيل، وذلك بعدما وصلتنا تعليمات من البنك المركزى بضرورة ميكنة الصرف لجميع الإدارات والمدارس فى الجيزة، لافتا النظر إلى أن هذا النظام يعطى قدرا أكبر من الحرية للموظف فى صرف راتبه دفعة واحدة أو على دفعات متفرقة. لكن مديرية التربية والتعليم بحلوان، بحسب سعيد عمارة مدير المديرية، لاتزال تسعى إلى تطبيق هذا النظام من باب التيسير على المعلمين، وبحسب عمارة فسيكون هذا الصرف اختياريا، لأن «ثقافة» بعض المعلمين قد لا تمكنهم من التعامل بهذه الطريقة بحسب رأيه. «المعلمون سيطمئنون إلى أن رواتبهم ستصلهم دون أى نقصان وفى وقت محدد لا تلاعب فيه، بدلا من اعتقاد البعض حقيقة أو توهما بأن السكرتير يحتفظ لنفسه ببعض (الكسور) جزء من الجنيه أو بعض الجنيهات من رواتب البعض ويخجل الكثيرون من مطالبته بهذه الكسور باعتبار أنه قد أنفق بعض النقود أثناء إحضار الرواتب من البنك بالسلامة»، قال مدرس بمدرسة ثانوية فضل عدم ذكر اسمه. ويضيف المدرس: «الفيزا ستريح المعلمين وسكرتيرى المدارس فلن يعتقد مدرس أن السكرتير احتفظ بالنقود لبعض الوقت قبل أن يصرفها للمعلمين، خصوصا بالنسبة للحوافز والمكافآت، التى ليس لها موعد ثابت فى الصرف. ومن ناحية أخرى سيحمى النظام الجديد السكرتير نفسه من العجز فى النقود، الذى قد يحدث بسبب الأخطاء التى غالبا ما تحدث مع أى مسئول عن عهدة نقود، التى قد تصل إلى المئات من الجنيهات بسبب حصول البعض على أكثر من نصيبهم المدون بكشف الصرف على سبيل الخطأ وحسن النية». وتبعا لترتيبات الصرف الآلى للرواتب، بدأت المدارس فى فتح حسابات للمعلمين. فطبقا لأسامة القاضى وكيل بمدرسة شبرا الثانوية التجارية فقد «طلبت مديرة الشئون المالية بالمدرسة من جميع المدرسين فى المدرسة إحضار صورة من شهادة الميلاد والرقم القومى لعمل حساب لكل مدرس فى البنك، واستخراج الفيزا ليتمكنوا من صرف رواتبهم عن طريق ماكينات البنك»، لكنه يفضل الحصول على راتبه بالطريقة التقليدية، لخوفه من «التعطل المستمر لمثل هذه الماكينات أو نفاد أموالها خلال الأيام الأولى من الشهر»، فى حين رحبت صفاء محمد المدرسة بمدرسة التونسى الإعدادية بالسيدة عائشة بالصرف الآلى للرواتب، وقالت إنها وزملاءها أبلغوا أنهم سيتسلمون رواتبهم من يوليو بالفيزا، مرحبة بالطريقة الجديدة التى ستخلصها من الزحام أمام مكتب سكرتير المدرسة، قائلة: «هبقى براحتى أنزل آخد المرتب بتاعى فى الوقت اللى أحبه». واتفق معها فى الرأى أحمد عزام بمدرسة عثمان محمد عثمان بالهرم، قائلا: «أستطيع إرسال ابنى فى أى وقت للحصول على الراتب من الماكينة، بدلا من اضطرارى الوقوف فى طابور خزينة المدرسة التى تشترط توقيعى بنفسى على الحصول على الراتب». أما عماد بكرى، المدرس بمدرسة الكمال الابتدائية بالمعادى، فرأى أن الفيزا ستحمى المعلمين من التأخر الذى قد يحدث فى صرف الرواتب إذا حدث ظرف طارئ للسكرتير، كما صادف مدرستهم فى أحد الشهور ولم يتمكنوا من صرف رواتبهم إلا فى اليوم 12 من الشهر، لكن عصام مسعد، بمدرسة الحديد والصلب الثانوية بنات بحلوان، أضاف بعدا جديدا للترحيب باستخدام الفيزا حيث «ستريحه من بقاء مبلغ كبير من المال فى جيبه وخوفه من سرقته».