في مشهد مؤثر تختلط فيه دموع الفرح بذكريات الفقد، سطّرت الحاجة أمغلية حسين مساعد أبو بكر، البالغة من العمر 97 عامًا، واحدة من أروع قصص الإصرار والتشبث بالحلم، وهي تؤدي مناسك الحج هذا العام ضمن بعثة حجاج الجمعيات الأهلية، بعد انتظار دام سنوات طويلة ومحاولات متكررة لم تُكتب لها التوفيق إلا في هذه المرة، وهي السابعة. تنتمي الحاجة أمغلية إلى مركز الضبعة بمحافظة مطروح، ورافقها في رحلتها ابنها الأصغر، الحاج صالح خالد عبيده عيسى، البالغ من العمر 55 عامًا، الذي روى بصوت مفعم بالمشاعر تفاصيل قصتها الملهمة نيابة عنها قائلاً: "من زمان وإحنا بنفكر إزاي نحقق حلم الحج لوالدتي، بس ماكنّاش بنلاقي وسيلة. كل فترة كنا نودّيها عمرة، لكن كان هدفنا الكبير هو الحج.. وقدّمنا لها حوالي ست مرات، ودي السابعة، وربنا أكرمنا أخيرًا". كان من المفترض أن يرافق الحاجة أمغلية في رحلتها أحد أبنائها الذي تقدم بالطلب، إلا أنه توفّي – رحمه الله – أواخر شهر رمضان الماضي، وهو ما أضاف بعدًا إنسانيًا مؤلمًا للموقف. أضاف نجلها: "أخويا – رحمه الله – كان ناوي يسافر مع أمي مرافق، لكن توفاه الله قبل السفر، وتقدمنا بطلب للمحافظ الدكتور خالد شعيب بالتدخل لتغيير اسم المرافق، الذي خاطب وزيرة التضامن. شعرنا بإرادة الله حاضرة معنا، حيث فوجئنا في اليوم التالي مباشرة باستجابة وزيرة التضامن الدكتورة مايا مرسي، والموافقة على مرافقتي لوالدتي بشكل سريع جدًا"، ثم رفع يديه بالدعاء لوزيرة التضامن. وأشاد الابن بجهود المشرفين على حج الجمعيات الأهلية: "الكل أثنى على حج الجمعيات وعلى الخدمات والتسهيلات التي تقدّمها. وفعلاً وجدنا معاملة إنسانية راقية، وكان عندنا يقين أننا اخترنا الطريق الصحيح باختيارنا الحج عبر المؤسسة القومية لتيسير الحج، والحمد لله رب العالمين". رغم بلوغها 97 عامًا، إلا أن الحاجة أمغلية ما زالت قوية الإرادة، صابرة، محتسبة، وهي أم لأربعة بنات وأربعة أولاد، فقدت منهم بنتين وولدين. قال ابنها: "هي أعظم أم في الدنيا، وأقلّ حاجة أقدر أقدّمها لها إننا نحقق لها حلم عمرها"، مضيفا: "السكينة اللي حاسين بيها، والبعد عن المشاحنات، والروحانيات اللي عايشينها هنا، كلها حاجات ما تتوصفش. ربنا يتقبل منها ويجعل حجها مبرور". واختتم حديثه بتوجيه الشكر لكل من ساهم في تحقيق هذا الحلم: "الشكر لله أولًا، وللسيد المحافظ، والدكتورة مايا مرسي، ولن أنسى النائب حسين آدم جارح، اللي بدأ المهمة وساعدنا من البداية".