أخبار مصر اليوم: استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. الصحة: إغلاق 3 مراكز علاجية وتجميلية غير مرخصة في القاهرة والإسكندرية.. بدء تشغيل قطارات جديدة على خط القاهرة أسوان    الجبهة الوطنية يكلف الطويقي قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    الموانىء البرية والجافة: لميناء أكتوبر الجاف دور بارز وهام في حركة الواردات والصادرات القادمة والمتجهة من وإلى الموانئ البحريه المصرية    الهيئة الدولية لدعم فلسطين: مصر تجمع الفصائل لوضع أسس المرحلة الانتقالية    اتفاق جديد فى القاهرة.. هل بدأ فصل التوافق الفلسطينى؟    بسبب إعلان تلفزيوني.. ترامب يوقف جميع المفاوضات التجارية مع كندا    السوبر المصري – الكشف عن توقيتات المباريات    الخطيب: شركات الأهلي نجحت في تحقيق أهدافها    محمد نصر يغيب عن الإسماعيلى أمام فاركو فى الدوري بسبب الإصابة    الأرصاد الجوية: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة خلال نوفمبر المقبل بعد ذروة حرٍّ سجلتها البلاد    حفل ختام مهرجان الجونة السينمائى.. فيلم البذور يحصد جائزة نجمة الجونة الخضراء    باللون الأسود.. إطلالة إلهام شاهين تخطف الأنظار في ختام مهرجان الجونة    نبيل فهمى: ما يجرى فى غزة يشكل لحظة فارقة فى تاريخ الصراع الفلسطينى الإسرائيلى    مخرج مسرحية «أم كلثوم»: أجرينا تجارب أداء مع 1000 متقدم    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل مستشفى العريش    المنصورة تهزم ديروط بثلاثية بدوري المحترفين وتعادل سلبى بين الترسانة ولافيينا    مدرب منتخب الدراجات لليوم السابع: ابتسام زايد بخير .. ولن تستكمل البطولة    80 عاما على تأسيس الأمم المتحدة.. المشاط: مصر شريك فى دعم أجندة التنمية    جمارك مطار أسيوط تحبط محاولة تهريب كمية من مستحضرات التجميل    ضبط طن لانشون غير مطابق للمواصفات القياسية بمخزن غير مرخص بقها    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة ربع نقل على مدخل الصحراوى بقرية النمسا بالأقصر    اللجنة المصرية فى غزة تقود أكبر قافلة مساعدات إنسانية لأهالى القطاع.. فيديو    محمود فوزى بمنتدى البرلمانيين العربى - الآسيوى: التشريعات أداة لترجمة الإرادة السياسية    ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك".. ندوة علمية حول الأمانة طريق النجاح بأوقاف الفيوم    بعد انتخابات التجديد النصفي، نقابة الأطباء تعلن تشكيل هيئة المكتب ومقرري اللجان    بعد فوزه بمنصب مدير اليونسكو، المجلس الأعلى للجامعات يكرم خالد العناني    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    إيقافات وغرامات بالجملة على الأهلي، عقوبات الجولة ال11 للدوري المصري    قصر العيني يحتفي ب عصام الطوخي أول عربي ينضم لمجلس إدارة مؤسسة طب العيون العالمية    وزارة الرى تعلن أسباب ارتفاع منسوب النيل وتؤكد: الاستمرار فى إزالة التعديات    سقوط محامي في قبضة الأمن وبحوزته كمية من "الشابو" في قنا    ليفربول قد يخسر مهاجمه أمام برينتفورد    رحمة أحمد تهنئ حاتم صلاح بحفل زفافه: «احنا أهل العريس برضه»    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    "الصحة" تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    مصرع شقيقين في أسوان اصطدم بهما قطار أثناء عبورهما شريط السكة الحديد    شهيدان وجريحان بغارة اسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان    "الداخلية" ضبط 13 شركة ببني سويف للنصب علي راغبي السفر إلي الخارج    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    من العدم إلى الخلود.. الداعية مصطفى حسني من جامعة القاهرة: الإنسان يمر ب4 مراحل (تفاصيل)    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    متابعة المشروعات وتنظيم المواقف والبنية التحتية.. أبرز أنشطة التنمية المحلية الأسبوعية    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    مصرع سيدة صدمها قطار في قنا    محمد ثروت: أم كلثوم بنت وجداني وعبدالوهاب كان معلمي عبر الإذاعة    التضخم الأساسي في اليابان يرتفع إلى 2.9% في سبتمبر متجاوزًا هدف البنك المركزي    مستوطنون يهاجمون منازل فلسطينيين في قرية الطوبا جنوب الخليل    الإغلاق الحكومي يربك حركة الطيران الأمريكي.. تأخيرات في مطارات نيويورك وواشنطن وهيوستن    تعرف على موعد بدء التوقيت الشتوي وموعد ضبط الساعة رسميًا    الفنان محمد صلاح جاد يتألق مع النجم سيد رجب في مسلسل «لينك»    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    يورتشيتش: لن أدرب أي نادٍ في مصر سوى بيراميدز    ميرتس: تجميد الأصول الروسية خطوة معقدة.. والتقارير عن خطة سلام لأوكرانيا غير صحيحة    الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي: وحدة الكنيسة ليست خيارًا بل طاعة لنداء المسيح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضرار وفوائد قرارات ترامب الجمركية
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 04 - 2025

أعلن الرئيس دونالد ترامب يوم 2 أبريل فرض رسوم جمركية على صادرات أغلب دول وساحات العالم إلى الولايات المتحدة، واعتبر ذات التاريخ «يوم الاستقلال» الاقتصادى الأمريكى، وهو تعبير استخدم فى الماضى فى وصف تحرر الدول من الاستعمار، وبرر قراراته بأن أوضاع غير سوية أضرت بالولايات المتحدة على مدى خمسين عامًا، أى منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وهو تاريخ غريب، لأنه يتزامن مع قرارات اقتصادية مهمة للرئيس نيكسون فى أغسطس عام 1971 بإلغاء الاعتماد على احتياطى الذهب، والتخلى عن تثبيت سعر العملات، وجعل الدولار الأمريكى ضمنيًا العملة الرئيسية فى النظام التجارى الدولى، مع فرض 10٪؜ جمارك على الواردات الأمريكية من الخارج، لتمويل الميزانية بالاقتراض والضغط على البنك المركزى للاحتفاظ بالفوائد على مستويات منخفضة.

تناول المحلل الأمريكى المرموق فريد زكريا صاحب الأصول الهندية، قرارات وحجج ومبررات ترامب تفصيليًا فى أحد مقالاته، مفندًا أغلب الحجج ومؤكدًا صحة وعنفوان الاقتصاد الأمريكى خلال الفترة المشار إليها، باعتباره ينمو بمعدلات أسرع من غيره، مع وصول حجمه إلى ضعف الاقتصاد الأوروبى، الذى كان متساويًا معه منذ أقل من عشرين عامًا، وتفوق متوسط مرتبات الفرد الأمريكى بنسبة 40٪؜ عن الوضع فى الدول الصناعية، وتجاوز متوسط الدخل القومى لتعداد السكان بنسبة 150٪؜ عن الوضع فى اليابان، ونوه بأن الدخل القومى لولاية المسيسيبى، أفقر الولايات الأمريكية، يتفوق على الناتج القومى لبريطانيا، وفرنسا، واليابان.
ورفض زكريا ادعاء ترامب بأن هناك انحسارًا حادًا فى مكانة أمريكا الاقتصادية، وهى الدولة الأكثر تقدمًا فى المجالات المحركة للاقتصاد الحديث، مثل التكنولوجيا والخدمات، والبرمجة ومشتقاتها، والفنون والقانون وخدمات المؤسسات المالية والبنوك، والتى تشكل 75٪؜ من الاقتصاد الأمريكى، وتحظى فيها بفائض تجارى ضخم مع الدول الأخرى.
كما أشار فى المقال إلى خطورة اتخاذ الولايات المتحدة لقرارات اقتصادية غير منطقية، أو أن تتمادى فى توجهاتها الانعزالية الحمائية، والمترسخة بالفعل فى نظامها الاقتصادى، حيث تتجاوز الإجراءات الحمائية الأمريكية ما تقوم به 68 دولة أخرى، وحذر من أنه إذا ازدادت تلك الإجراءات، ستدفع الآخرين إلى توجيه التجارة نحو أسواق أخرى على حساب الولايات المتحدة، وبخاصة مع دول مثل الصين لاتساع أسواقها.
هناك شبه إجماع دولى على أن القرارات الأمريكية ستخلق سلسلة من ردود الفعل السريعة وغير الإيجابية، حيث فرضت الصين أشد منافسيها جمارك موازية، والحلفاء فى أوروبا يجهزون رد فعلهم، ودعى الرئيس الفرنسى ماكرون إلى عدم الاستثمار فى الولايات المتحدة، وأعرب مسئولو البنك الدولى عن خشيتهم أن تؤدى الحروب التجارية المتوقعة إلى انكماش الاقتصاد العالمى، والذى يشكل الاقتصاد الأمريكى 25٪؜ منه، بل أعرب محافظ البنك المركزى الأمريكى ذاته عن خشيته من ارتفاع التضخم وتداعيات زيادة الجمارك على النمو الاقتصادى العالمى.
هذا وحذر زكريا بأن استخدام القوة والنفوذ الأمريكى بشكل متنمر ومتقلب سيضر الجميع، بما فى ذلك الولايات المتحدة، لأنه يدفع الآخرين إلى خلق فرص ومجالات وساحات بديلة، ويضعفها اقتصاديا، ويفتح الباب على مصراعيه لأصحاب النفوذ والفساد، ويجعل أمريكا غير مؤثرة فى التوجهات الاقتصادية والسياسية الدولية الجديدة.
أتفق مع كثير مما طرحه زكريا، وأشدد على أن التنمر الاقتصادى أو السياسى، مثله مثل التنمر الاجتماعى، يجعل الطرف الأقوى يتفوق فى أول الأمر على المدى القصير، إلا أن الحاجة والضرورة تدفع المتنمر عليهم إلى إيجاد سبل وخيارات أخرى على المدى المتوسط وطويل الأجل، والتوجه نحو البدائل حتى مع ارتفاع التكلفة على المدى القصير، والنتيجة ستكون أن ترامب يخلق منافسين له، ويدفع الآخرين إلى الابتعاد عن الولايات المتحدة.
وأعتقد أن القرارات الأمريكية الأخيرة لا تستند إلى قواعد اقتصادية سليمة، بل يغيب عنها الدقة والصواب، لأنها شملت فرض جمارك على جزر صغيرة أحدهما غير مسكون فى الأساس، وأن أقل نسبة من الجمارك، وهى 10٪؜ فرضت على الجميع، بما فيهم من يقع الميزان التجارى معه فى صالح الولايات المتحدة، وإغفال صادراتها من الخدمات يتعارض مع الأسس الاقتصادية المتعارف عليها، والغرض الأساسى كان تجميع الجباية بأى أسلوب، وليس تشجيع المساواة فى ممارسات الدول داخل منظومة اقتصاد السوق، بدلًا من واختيار أفضل وأرخص المواقع الاقتصادية للتصنيع فى سلسلة التوريد، مثلما كان سابقًا.
لا يختلف أحد أنه فى ظل القرارات الحمائية الجديدة المنظومة الاقتصادية الأمريكية والدولية ستواجه تحديات على المدى القصير وقد نكون الآن فى بداية مرحلة إعادة هيكلة جوهرية، ويعتقد المجتمع الدولى عامة أن الساحة الاقتصادية ستمر بمرحلة اضطراب وتذبذب ممتدة، حتى إذا تراجع ترامب عن بعض اقتراحاته خلال مفاوضات والخطوات المتبادلة، فى حين يعتقد ترامب أن الإجراءات الجديدة ستخلق فرص عمل أمريكية، وقد يتحقق ذلك فى بعض المجالات بنسب معينة، إلا أن البطالة الأمريكية على مستويات دنيا لا تتجاوز 3٪، ولا تشكل مشكلة حقيقية.
والخلاصة أنه ستكون للتنمر الاقتصادى تكلفة ملموسة على الاقتصاد الأمريكى، الذى انتعش عبر السنين مع ازدهار الاقتصاد العالمى، وقد يشهد قدرًا من الانكماش مع ظهور بدائل تسويقية أخرى.
ودول عديدة أخرى ستعيد توجيه اقتصاداتها وسلعها نحو أهداف أخرى، وستزداد التكلفة والضغوط والتحديات على المدى القصير مع سعيها نحو تنوع أسواقها وأهدافها، إلا أننى أرى أن هذه التحديات قد تكون لها عوائد مفيدة أيضًا على المدى المتوسط والأطول، لأن سعى الكثير من دول العالم لتأمين أسواق متعددة وبديلة للسوق الأمريكية الكبيرة سيفرض عليها تحسين الأداء والكفاءة، وسيجعلها أقل اعتمادًا على أسواق منفردة، مثل السوق الأمريكى رغم أهميته، وقد تكون لهذه التغيرات وإعادة ترتيب الأسواق مردود إيجابى على المنظومة الاقتصادية العالمية، وكذلك السياسية على المدى الطويل.

وزير الخارجية السابق
نقلا عن إندبندنت عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.