- أقرب جيران الولاياتالمتحدة الأكثر عرضة للخطر يثير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددا، مخاوف زعماء العالم بسبب سياساته التجارية التصعيدية. فبعد فرض رسوم جمركية على كنداوالمكسيك وتأجيل تنفيذها، ورفع التعريفات بنسبة 10% على السلع الصينية، إلى جانب تهديده للاتحاد الأوروبي، تتزايد المخاوف بشأن الخطوات المقبلة التي قد يتخذها. ووفقا لما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، فتأتي سياسات ترامب في وقت تشهد فيه الولاياتالمتحدة عجزا سلبيا كبيرا في ميزان التجارة مع بقية الدول، وهو العجز الذي يحدث عندما تشتري دولة أو تستورد من دول أخرى أكثر مما تبيعه أو تصدره لها. ففي عام 2024، سجلت الولاياتالمتحدة عجزًا تجاريًا في السلع يزيد على 1.2 تريليون دولار، أي 970 مليار جنيه إسترليني مع بقية العالم، لكنها حققت فائضًا يقارب 300 مليار دولار في الخدمات. ما هي الدول التي تستورد منها الولاياتالمتحدة؟ في عام 2024، جاءت المكسيكوالصينوكندا في صدارة الدول المصدّرة إلى الولاياتالمتحدة، حيث تجاوزت قيمة وارداتها من كل منها 400 مليار دولار. وتعد المكسيكوكندا من أبرز مصدري المركبات إلى الولاياتالمتحدة، إلى جانب صادراتهما من الطاقة والنفط، كما تمثل الآلات والمعدات الكهربائية جزءًا كبيرًا من الصادرات المكسيكية، بينما تشمل الواردات الأمريكية من الصين الإلكترونيات والآلات والسلع الزراعية. أما بين الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، فتبرز ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبيةوفيتنام ضمن كبار المصدرين للولايات المتحدة، حيث تجاوزت قيمة الواردات الأمريكية من كل منها 100 مليار دولار خلال العام الماضي، في حين بلغت الواردات من المملكة المتحدة نحو 68 مليار دولار في الفترة ذاتها. ورغم التعامل مع الاتحاد الأوروبي ككيان موحد في السياسات التجارية والتعريفات الجمركية، إلا أن البيانات توفر أرقامًا منفصلة لكل دولة عضو. ومنذ عام 2009، بلغت القيمة الإجمالية للواردات الأمريكية 5.2 تريليون دولار من كندا، و5.3 تريليون دولار من المكسيك، و7.2 تريليون دولار من الصين. بينما تعد الولاياتالمتحدة هي أكبر مستورد للسلع في العالم، تعتبر الصين هي أكبر مصدر، لكن بشكل عام، عند حساب القيمة الإجمالية للواردات مقابل الصادرات، فإن الولاياتالمتحدة لديها أيضًا أكبر عجز تجاري في العالم، بقيمة تزيد على تريليون دولار. وتُصدّر بعض الدول إلى الولاياتالمتحدة أكثر بكثير مما تستورده منها، ما جعلها هدفًا رئيسيًا لسياسات ترامب التجارية، حيث تظهر بيانات إدارة التجارة الدولية الأمريكية أن الصينوالمكسيك تتصدران قائمة الدول التي تعاني الولاياتالمتحدة من أكبر عجز تجاري معها. وفي عام 2024، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين 296 مليار دولار، ومع المكسيك 172 مليار دولار، ما جعلهما من أولى الدول التي واجهت الرسوم الجمركية الجديدة. ويأتي في المرتبة التالية فيتنام، التي أصبحت بشكل متزايد بوابة للشركات الصينية لتجاوز التعريفات الأمريكية، تليها أيرلندا وألمانيا وتايوان. ما هي الدول التي ستتأثر أكثر بتعريفات ترامب الجمركية؟ * كنداوالمكسيك تُعد كندا واحدة من أولى الدول التي استهدفتها تعريفات ترامب خلال ولايته الثانية. وتتمثل أبرز صادراتها إلى الولاياتالمتحدة في الوقود الأحفوري والسيارات والآلات، بما في ذلك التوربينات النفاثة والمحركات المكبسية، بينما تصدر لها الولاياتالمتحدة أيضًا السيارات والمعدات الصناعية. وفي حين تتمتع المكسيك بفائض تجاري كبير مع الولاياتالمتحدة، لا تزال الولاياتالمتحدة ترسل منتجات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات من السيارات والآلات والسلع الكهربائية جنوب الحدود، ويشمل ذلك الرقائق الدقيقة وكابلات الألياف ومعدات الكمبيوتر. وبشكل عام، تصدر المكسيك أيضًا نفس المنتجات إلى جارتها الشمالية، على الرغم من أن صادراتها الرئيسية هي السيارات والشاحنات. وتمتعت المكسيكوكندا بعلاقات تجارية حرة مع الولاياتالمتحدة منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) عام 1994، والتي جرى استبدالها عام 2020 باتفاقية الولاياتالمتحدةوالمكسيكوكندا (USMCA). وفي كلتا الحالتين، تصدر الولاياتالمتحدة كمية كبيرة من النفط إلى جيرانها، ولذلك بدا الإعلان الأولي لترامب وكأنه يعترف بذلك عندما استهدف موارد الطاقة بمعدل تعريفة أصغر بنسبة 10%. * الاتحاد الأوروبي هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي، لكنه لم ينفذ ذلك بعد، وتشير البيانات إلى أن المنتجات الصيدلانية، مثل اللقاحات، إلى جانب الآلات والسيارات، تشكل نحو نصف صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولاياتالمتحدة. وعلى الجانب الآخر، تتضمن الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي، النفط، والمواد الصيدلانية، والمعدات الصناعية. * الصين أخيرًا، تأتي الصين، التي ردّت بفرض تعريفات جمركية انتقامية على الولاياتالمتحدة. وتشكل الأجهزة الكهربائية، مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف والبطاريات، بالإضافة إلى الألعاب، نصف صادراتها إلى السوق الأمريكية. في المقابل، تشمل الصادرات الأمريكية إلى الصين سلعًا كهربائية مثل الرقائق الدقيقة، إلى جانب النفط وفول الصويا، ورغم العلاقات التجارية الواسعة بين البلدين، شهدت التبادلات التجارية بينهما تراجعًا ملحوظًا، إذ انخفضت حصة الصين من إجمالي واردات الولاياتالمتحدة من 21% في عام 2018 إلى 14% بحلول عام 2023. ما هي الدول الأكثر تعرضًا للخطر؟ عند تحليل النسبة المئوية من تجارة كل دولة التي تعتمد على السوق الأمريكية، يتضح مدى تأثر اقتصاداتها بالعلاقات التجارية مع الولاياتالمتحدة. تشكل الولاياتالمتحدة الوجهة الرئيسية للسلع المصدرة من كنداوالمكسيك، حيث تستقبل 80% من الصادرات المكسيكية و78% من الصادرات الكندية، وفقًا لإحصائيات البلدين. في المقابل، يبدو الاتحاد الأوروبي والصين والمملكة المتحدة أقل تأثرًا بشكل مباشر، إذ تستحوذ السوق الأمريكية على 19% من صادرات الاتحاد الأوروبي، و15% من الصادرات الصينية، و14% من الصادرات البريطانية. وعلى مستوى دول الاتحاد الأوروبي، تتصدر ألمانيا قائمة المصدرين إلى الولاياتالمتحدة بأكثر من 160 مليار دولار في عام 2024، إلا أن ذلك لا يمثل سوى 10% من إجمالي صادراتها العالمية، في حين أن أيرلندا، التي صدرت ما يقارب 100 مليار دولار إلى الولاياتالمتحدة، تعتمد بشكل أكبر على السوق الأمريكية، حيث يذهب أكثر من ربع صادراتها إليها. * الجميع متأثر ومع ذلك، حتى لو كانت نسبة تجارتهم المباشرة مع الولاياتالمتحدة أقل، يحذر الخبراء من أن الترابط في التجارة العالمية يعني أن البلدان ستظل في مرمى النيران، ويعد السبب وراء ذلك هو أن سلاسل التوريد الحديثة تمتد عبر دول متعددة، حيث تعبر المكونات الحدود عدة مرات لصنع منتج نهائي. على سبيل المثال، إذا فرضت الولاياتالمتحدة تعريفات جمركية على المنتجات الألمانية، بينما لم تفرضها على المنتجات البريطانية، فقد تتأثر الشركات البريطانية بشكل غير مباشر، خاصة إذا كانت تزود ألمانيا بمكونات تُستخدم في تصنيع منتج موجه إلى السوق الأمريكية.