وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر بفرض تعريفات جمركية على المنتجات الواردة من المكسيكوكنداوالصين، في خطوة من شأنها رفع الأسعار بشكل كبير على السلع المستوردة من ثلاثة من أهم شركاء التجارة للولايات المتحدة. منذ توليه منصبه، هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، بما في ذلك أوروبا وروسيا والبرازيل والهند. وقد نجح في إجبار الحكومة الكولومبية على الامتثال لشروطه بعد تهديدها بتعريفات تصل إلى 50% على البضائع الكولومبية، عقب رفضها استقبال طائرات أمريكية تحمل مهاجرين مرحّلين. وتُعد الأوامر التنفيذية الثلاثة التي وقعها ترامب أمس السبت أول تعريفات جمركية رسمية في ولايته الثانية، مستهدفةً مجموعة واسعة من السلع، بدءًا من الآلات وحتى المواد الغذائية. أي السلع قد تتأثر؟ وفقًا لتحليل أجرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية استنادًا إلى بيانات التجارة الدولية الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي، فإن منتجات مثل الطماطم، والقمصان القطنية، والنفط الخام، والسيارات من بين السلع التي قد تشهد ارتفاعًا في الأسعار. تُعد المكسيك المصدر الأكبر للواردات إلى الولاياتالمتحدة، تليها الصينوكندا، حيث تمثل الدول الثلاث مجتمعة 43% من إجمالي واردات الولاياتالمتحدة البالغة 3.1 تريليون دولار. بموجب القرارات الجديدة، سيتم فرض تعريفة بنسبة 25% على معظم الواردات المكسيكية والكندية، إضافةً إلى ضريبة إضافية بنسبة 10% على المنتجات الصينية، ما يعني أن أسعار المنتجات الاستهلاكية اليومية قد ترتفع بشكل كبير. الأثر الاقتصادي المتوقع يرى الخبراء الاقتصاديون أن هذه الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، وفقا لتقرير واشنطن بوست، وقال جو بروسويلز، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات الضريبية RSM US:: "مثل هذه الزيادات في ضرائب الاستيراد يتم تمريرها عادةً إلى المستهلك النهائي." وتُعتبر الصين المورد الرئيسي للإلكترونيات الاستهلاكية، حيث أرسلت العام الماضي بضائع بقيمة 210 مليارات دولار إلى الولاياتالمتحدة، ما يعني أن الهواتف المحمولة، والملابس القطنية، والأحذية، وألعاب الأطفال قد تصبح أكثر تكلفة. وحذر اتحاد تكنولوجيا المستهلك من أن هذه الضرائب قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، حيث أظهر نموذج سابق أن تعريفات ترامب قد تضيف 213 دولارًا إلى سعر الهواتف الذكية. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة Best Buy، كوري باري، أن معظم المنتجات الإلكترونية تقريبًا مستوردة، ما يعني أن الزيادات في التعريفات ستؤثر بشكل مباشر على الأسعار. أسعار المواد الغذائية قد ترتفع أيضًا تقرير واشنطن بوست ذكر أيضًا أن المتسوقين سيشعرون بتأثير هذه التعريفات في متاجر البقالة، حيث استوردت الولاياتالمتحدة العام الماضي خضروات من المكسيك بقيمة 9.9 مليار دولار، وفواكه وعصائر مجمدة بقيمة 11 مليار دولار. وقال ديفيد أورتيغا، أستاذ الاقتصاد الغذائي بجامعة ميتشيغان ستيت: "التعريفات المقترحة سيكون لها تأثير كبير على أسعار المواد الغذائية، خاصةً بعد سنوات من التضخم المرتفع." وتعتمد الولاياتالمتحدة بشكل أساسي على المكسيك في استيراد الأفوكادو والتكيلا ومعظم أنواع البيرة المستوردة. لكن إنتاج هذه السلع محليًا ليس سهلًا، حيث تستغرق أشجار الفاكهة سنوات للنضوج، كما أن تكاليف العمالة أعلى في الولاياتالمتحدة مقارنة بالمكسيك. السيارات والنفط الخام تحت التهديد تُصنع أكثر من نصف قطع السيارات والمحركات في الولاياتالمتحدة بالتعاون مع المكسيكوكندا، حيث تُنقل الأجزاء عبر الحدود عدة مرات أثناء عمليات التصنيع. وقال بروسويلز: "لا يوجد شيء يُسمى سيارة مصنوعة بالكامل في أمريكا، لدينا سلسلة إمداد متكاملة في أمريكا الشمالية." واستوردت الولاياتالمتحدة العام الماضي ما قيمته 173 مليار دولار من المركبات وقطع الغيار من المكسيك وحدها. ويرى الخبراء أن هذه التعريفات قد تُجبر شركات السيارات على إعادة التفكير في استراتيجياتها، وربما إنتاج سيارات بمواصفات أقل للحفاظ على الأسعار تحت السيطرة. وإلى جانب السيارات، تُعد كندا المورد الرئيسي للإمدادات الصناعية إلى الولاياتالمتحدة، بما في ذلك مواد البناء والنفط والمعادن التي تدخل في تصنيع العديد من المنتجات. فقد استوردت الولاياتالمتحدة 93 مليار دولار من النفط الخام الكندي العام الماضي، ما يعني أن أي زيادة في التكاليف قد تؤثر على أسعار الوقود والطاقة داخل الولاياتالمتحدة. وأخيرًا، من المرجح أن يكون للتعريفات الجديدة تأثيرات واسعة النطاق على المستهلكين الأمريكيين، بدءًا من أسعار الغذاء، مرورًا بالإلكترونيات، وصولًا إلى السيارات والطاقة. ورغم أن ترامب يروج لهذه التعريفات باعتبارها فرصة لدعم الإنتاج المحلي، إلا أن معظم الخبراء يرون أنها قد تزيد من الضغوط الاقتصادية والتضخم، ما يجعل المستهلك الأمريكي في النهاية المتضرر الأكبر.