انتقد يوهان هاري في مقاله بصحيفة الإندبندنت البريطانية اليوم الخميس، قيام الحكومة البريطانية بالسماح لمتشددين إسلاميين باللجوء إلى أراضيها، في الوقت الذي تعتقل فيه آخرين كانوا يحاربون الأنظمة الإسلامية المتشددة في بلادهم، ويتم في النهاية ترحيلهم ثانية إلى الموت. ففي اليوم الذي وافقت فيه لجنة الهجرة البريطانية بحسب الكاتب بالسماح لاثنين من تنظيم القاعدة في باكستان بالإقامة في بريطانيا، كان هناك اثنان آخران بانتظار ترحيلهما إلى بلادهما لمواجهة عقوبة الإعدام فيها. وكانت جريمتهما هي مقاومة الأنظمة الإسلامية المتشددة فقط للحفاظ على الحد الأدنى من حقوق الإنسان في بلادهما. ويسرد هاري مثالين تأكيداً لرأيه، ويقول إن "كيانا فيروز" امرأة إيرانية عمرها 27 عاما، نشأت في إيران، وبمرور الوقت شعرت أن حريتها في الحياة أهم من أمنها، كانت السلطات تطاردها لأنها أنتجت فيلما عن المثليين في إيران توضح فيه أن بلادها مثل أي دولة أخرى، بها كل النماذج المختلفة من البشر، بدأت قوات الأمن الإيرانية في تهديدها بالقتل مما أجبرها على الهروب إلى بريطانيا. من جانبها، رفضت الحكومة البريطانية السماح لها باللجوء إلى البلاد، وطالبتها بالعودة إلى إيران، وأوضح هاري أن حكما مثل هذا يعني حكما بالإعدام على فيروز، فما فعلته معناه أنها ستتعرض للسجن ومن ثم للقتل، لأن نظام إيران الإسلامي بحسب توصيفه لا يتسامح مع المثليين أو المدافعين عنهم. المثال الثاني الذي أورده هاري، هو دكتور آميت، باكستاني يبلغ من العمر 29 سنة، ورفض ذكر اسم عائلته للكاتب. مشكلته أنه قام بكتابة عدة مقالات على الإنترنت ينتقد فيها النظام السياسي في باكستان، الذي يستغل الدين الإسلامي في السيطرة على الناس حتى أصبحت التهم الدينية تلصق بالمعارضين السياسيين. وكالعادة هدده الأمن بالقتل فلجأ إلى بريطانيا، ومرة ثانية، رفضته بريطانيا، الأمر الذي اضطره إلى الهروب والتخفي طول الوقت وتغيير اسمه، وعدم التعامل مع أي شخص فقط ليستكمل حياته. ويرى يوهان هاري أن ما حدث يدل على نفاق النظام البريطاني رغم كل الحريات التي يروج لها سواء حرية التعبير أو حرية المرأة أو حتى حرية المثليين، وأضاف أنه ليس من المنطقي أو الإنساني أن تقوم السلطات البريطانية بتسليم أي إنسان للموت. بل كان الواجب عليها أن تحميهم من الموت والتعذيب، وأن تحارب معهم للحفاظ على حرياتهم لا أن ترفض وجودهم وتعيد ترحيلهم من جديد لأنظمتهم الاستبدادية. وأكد هاري على أن ما قامت به السلطات البريطانية يؤكد نظرة الإسلاميين لبريطانيا، المجتمع المادي الفارغ الذي يبحث فقط عن مصالحه الشخصية وينادي بحريات مزيفة. إن حكومة إنجلترا العريقة قامت ببساطة بخيانة هؤلاء الذين وثقوا فيها ليلجئوا إليها. لقد كانوا من الشجاعة، بحيث رفضوا أنظمة إسلامية متشددة بأكملها غير عابئين بالموت، لكن بقرار رفض لجوءهم وترحيلهم، أصبحت بريطانيا في خطر أكبر مما كانت عليه.