يستعد مزارعو البرتقال في ولاية فلوريداالأمريكية، لجني محصول آخر منخفض بصورة قياسية هذا العام، في ظل استمرار تسبب تحديات المناخ والأشجار المصابة في إعاقة الصناعة التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام. ومن المتوقع أن تنتج الولاية كمية من البرتقال أقل بنسبة 90%؛ مما كانت تنتجه قبل 30 عاما، بحسب توقعات وزارة الزراعة الأمريكية الصادرة في شهر يناير الجاري. وأشارت صحيفة "تامبا باي تايمز" الأمريكية، في تقرير لها، إلى أنها تعد أحدث حلقة ضمن سلسلة من الضربات التي لحقت بمحصول فلوريدا المميز من البرتقال. وكانت مجموعة عمالية كبرى تمثل المزارعين، قد أغلقت أبوابها العام الماضي بسبب القيود المالية التي واجهتها. أما هذا الشهر، فقد قرر أحد أكبر المنتجين في الولاية الابتعاد عن الحمضيات تماما، مشيرا إلى أنها لم تعد "قابلة للنمو من الناحية الاقتصادية". ويشار إلى أن العلماء ظلوا يتسابقون لأكثر من عقد من الزمان ضد "اخضرار الحمضيات"، وهو مرض غير قابل للشفاء يصيب الأشجار في أنحاء الولاية ويتسبب في القضاء عليها. إلا أن هناك بحثا جديدا أجري لشجرة معدلة وراثيا، يبشر بالخير، ولكن الأمر قد يستغرق أعواما عديدة قبل أن تنتعش صناعة الحمضيات إلى مستوى صحي. ويقول مايكل روجرز من جامعة فلوريدا، إن المرض ينتشر بسرعة أكبر من سرعة تجاوز العلم له. تراجع مساحة البساتين ويتذكر كايل ستوري، وهو مزارع من الجيل الرابع يستقر عند بحيرة ويلز، نقطة التحول، ففي أكتوبر من عام 2012، تعرضت بساتينه لموجة برد قصيرة. ويوضح ستوري، أنه منذ ذلك الحين، لم نصل قط إلى تلك الأنواع من المحاصيل، لأسباب تتنوع بين الإخضرار ولأحداث أخرى مرتبطة بالأعاصير. وقد أصيبت أشجار الحمضيات في فلوريدا منذ ما لا يقل عن عقدين من الزمان، بمرض "اخضرار الحمضيات"، الذي يهاجم أنظمتها الوعائية. وينتشر المرض في الأساس عن طريق الحشرات التي تسمى ب"البسيليدات"، ويؤدي في نهاية الأمر إلى إنتاج الأشجار لكمية أقل من الثمار، ثم تموت الأشجار في غضون بضعة أعوام. وتشير "تامبا باي تايمز"، إلى أن الرياح تتسبب في إتلاف الأشجار الضعيفة، وتمزيق الثمار الصغيرة من على الفروع، كما أنه من الممكن أن تؤدي الفيضانات الناتجة عن الأعاصير إلى إبقاء البساتين تحت الماء لأسابيع في كل مرة، وهو ما يتسبب غالبا في إغراق الجذور. وأوضح ستوري، أن المزارعين اضطروا إلى أن يكونوا استباقيين، واستكملوا عملياتهم بزراعة أصناف مختلفة من المحاصيل، وقاموا بشراء التأمين، وسعوا للاستفادة من سبل الإغاثة من الكوارث من الحكومة الاتحادية. وتغيرت ثقافة ونموذج أعمال زراعة الحمضيات. وقال ستوري، إنه استخدم العديد من سبل الدفاع، مثل: زراعة الأشجار تحت شاشات أو أكياس تعمل على إبقاء "البسيليدات" بعيدا، ورش مضادات الميكروبات واختبار النباتات بانتظام، موضحا أن كل هذا يصعب تحمله في ظل تراجع حجم الإنتاج. ويضيف: "إنها عملية موازنة بين /من أين تأتي هذه الموارد في ظل هذه المحاصيل المنخفضة من جديد؟/". إلا أن الجميع لم يصمدوا، حيث يتم في كل عام تخصيص مساحة أقل من الأراضي في فلوريدا للبساتين، فقد فقدت فلوريدا بحلول عام 2023 أكثر من نصف عدد بساتينها مخصصة للحمضيات والتي كان يبلغ عددها 950 ألف فدان في عام 2012، بحسب تحليل صحيفة "تامبا باي تايمز" لبيانات الملكية. المزارعون متفائلون ومن جانبه، قال مات جوينر الرئيس التنفيذي لمجموعة "فلوريدا سيترس ميوتيوال" للتجارة، إن المزارعين الأصغر ظلوا لفترة طويلة "العمود الفقري" لصناعة الحمضيات في فلوريدا. وأضاف: "نحاول حاليا الوصول إلى تلك المجموعة الأساسية من الأشخاص المخلصين الذين يريدون فعليا زراعة الحمضيات، وسيستمرون في القتال من أجل القيام بذلك". ورغم انخفاض إجمالي مساحة زراعة الحمضيات في فلوريدا بشكل مطرد، قام المزارعون في الأعوام الأربعة الماضية بزراعة ما يقرب من 20 ألف فدان من الأشجار، وهو ما يقول المسؤولون عنه إنه أمر بالغ الأهمية لضمان "ازدهار إرث الصناعة للأجيال القادمة". وعلى صعيد متصل، قالت ماريسا زانسلر، مديرة الأبحاث الاقتصادية والسوقية في إدارة الحمضيات بفلوريدا، في بيان لها: "تعكس هذه الأرقام مرونة والتزام مزارعي الحمضيات في فلوريدا، الذين يلتزمون بإعادة البناء والإصلاح لمواجهة المصاعب، ولا شك في أنها خطوة في الاتجاه الصحيح". وبين روجرز، وهو مدير "مركز أبحاث وعلوم الحمضيات" في "معهد العلوم الغذائية والزراعية" بجامعة فلوريدا: "بصفتي شخصا رأى التطورات التي تحدث، نتوقع حدوث أمور في المستقبل ستساعد بشكل كبير في مواجهة هذا المرض، وذلك إن لم تتمكن من إيجاد حلول له . ولكن سيستغرق الأمر بعض الوقت". وقد أعلن المركز هذا الشهر أنه طور نوعا جديدا من الأشجار، حيث قام الباحثون بإضافة جين ينتج بروتينا لقتل حشرات "البسيليدات" الآسيوية الصغيرة. وقال روجرز، إن الأمر سيستغرق ثمانية أعوام على الأقل حتى يرى المزارعون النتائج، موضحا أن الشجرة موجودة في المختبر الآن، وستكون الخطوة التالية هي اختبار مدى مقاومتها للاخضرار في الحقل، وسوف يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تنضج بما يكفي لحصاد الثمار.