في لبنان .. تجتاح السياسة ملاعب كرة القدم وكرة السلة .. فيحظر على الجمهور مشاهدة مباريات الرياضة الأكثر شعبية في العالم ، بينما تتسم مباريات كرة السلة بالتوتر وغالبا بالمشاحنات الطائفية ، مما يهدد مستقبلها. ويقول زيد خيامي المدير العام لوزارة الشباب والرياضة في لبنان عن هذه القضية في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية من بيروت : "في كل أنحاء العالم ، يتحمس الناس خلال مشاهدة مباراة رياضية ، إنما في لبنان ، تحولت الملاعب إلى متنفس للأزمة السياسية" ، لا سيما منذ تصاعد هذه الأزمة بين الأكثرية والمعارضة في 2006. وغالبا ما كان يترجم التوتر السياسي بين أنصار الأكثرية المدعومة من الغرب وبعض الدول العربية والأقلية المدعومة من سوريا وإيران في ملاعب كرة القدم مواجهات وتبادل شتائم وتضارب وأعمال شغب ، وهو ما دفع المسئولين في القطاع الرياضي إلى التحرك. ويقول رهيف علامة الأمين العام لاتحاد كرة القدم : "كتدبير وقائي ، منعنا الجمهور من مشاهدة مباريات بطولة لبنان في كرة القدم خوفا من تجاوزات في الشارع". ويقع عدد من الملاعب في بيروت في أحياء مختلطة بين السنة والشيعة ، وهي المناطق التي شهدت في مايو مواجهات مسلحة بين الطرفين ، الشيعة المناصرين لحزب الله - أبرز قوى المعارضة - والسنة المؤيدين للنائب سعد الحريري ، أبرز أركان الأكثرية النيابية. وحدث في الماضي أن خرج جمهور كرة القدم من الملاعب غاضبا من نتيجة مباراة معينة وقام بتحطيم سيارات تابعة لأشخاص في الجمهور المقابل ، وكانت هذه الحوادث تتطور إلى تشابك وإلقاء حجارة وتضارب ، متسببة في سقوط جرحى وفي أضرار مادية. ويقول عباس عطوي قائد فريق النجمة الذي يتمتع بأكبر قاعدة جماهيرية في لبنان : "في كل مرة أشارك في مباراة محلية أكون حزينا جدا" ، بسبب عدم وجود الجمهور في المدرجات ، مضيفا أن "الجمهور هو روح كرة القدم" ، ويشير إلى أنه مع أعضاء فريقه باتوا ينظرون إلى المباريات على أنها "مجرد تدريبات". ويقول علامة من جهته : "وكأننا في مراسم جنازة" ، بينما يقول عباس أيوب - 23 عاما - خلال مشاهدته مباراة في كرة السلة في ملعب المدينة الرياضية في بيروت بين فريق الحكمة الذي يتألف غالبية جمهوره من المسيحيين وفريق تبنين الذي يتألف غالبية جمهوره من الشيعة : "أصبحت المدرجات منصة لدعم السياسيين .. هذا أمر مثير للاشمئزاز". وكانت قوى من الجيش تواكب سير المباراة التي أقيمت مؤخرا ، ولم يتردد خلالها أنصار تبنين في الهتاف "الله ، نصر الله ، الضاحية كلها" ، في إشارة إلى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ، والضاحية الجنوبية معقل الحزب. وفي الأسبوع الذي سبقه ، وخلال مباراة شارك فيها أيضا نادي الحكمة في ملعب في جونية شمال بيروت - وهي منطقة غالبية سكانها من المسيحيين - انبرى أنصار الحكمة في الهتاف قائلين : "الله ، لبنان ، حكيم وبس" ، و"الحكيم" هو اللقب الذي يطلقه أنصار حزب القوات اللبنانية على رئيس الحزب المسيحي سمير جعجع! وفي الإطار نفسه ، نشرت الصحف اللبنانية مؤخرا صور مشجعي فريقين متنافسين مشتبكين بالأيدي مع آثار تحطيم مقاعد في أحد الملاعب. وتبدأ المواجهات عادة احتجاجا على صفارة حكم أو إلغاء هدف أو إنذار يوجه إلى أحد اللاعبين ، وسرعان ما يأخذ بعدا سياسيا أو طائفيا ، فتبدأ الشتائم ثم التشابك. وبات معروفا أن جمهور نادي الحكمة قريب من القوات اللبنانية ، وجمهور نادي تبنين قريب من حركة أمل بزعامة رئيسها ورئيس المجلس النيابي الشيعي نبيه بري ، وجمهور نادي الرياضي قريب من تيار المستقبل بزعامة النائب السني سعد الحريري ، وجمهور نادي الشانفيل قريب من التيار الوطني الحر بزعامة النائب المسيحي ميشيل عون. وفي كرة القدم ، يدعم جمهور فريق العهد - بطل لبنان في 2008 - حزب الله ، بينما تيار المستقبل يسيطر على فريقي النجمة والأنصار. وأثرت السياسة على مسار الرياضة اللبنانية بصفة عامة ، ففي 2002 ، تمكن لبنان من التأهل إلى بطولة العالم في كرة السلة في إنديانابوليس في الولاياتالمتحدة ، واعتبر ذلك بمثابة إنجاز كبير بالنسبة لهذا البلد الصغير ، ولكن لبنان الآن ترتيبه رقم 16 بين 22 دولة عربية رياضيا!