على الرغم من أن الأزمة المالية أدت إلى خسارة عديد من أقران جوزيف أكيرمان، الرئيس التنفيذى لدويتش بنك، ورئيس معهد التمويل الدولى Institute of International Finance الذى يعد بمثابة «ناد» للمؤسسات المالية الكبرى سمعتهم ووظائفهم، فلايزال أكيرمان رمزا معترفا به فى عالم البنوك. ويحرص السيد أكيرمان، البالغ من العمر 61 عاما، والذى من المقرر أن يتخلى عن رئاسة دويتش بنك العام المقبل، على مناقشة الحالة المصرفية الأوسع، بنفس حرصه على مناقشة أوضاع البنك الذى يترأسه منذ 2002. وفى الوقت الذى تسلط فيه قمة مجموعة ال20 الضوء على مستقبل التمويل، يدافع أكيرمان دفاعا صلبا عن تقديم الإعانات للبنوك. ولكنه يحذر من مخاطر إخضاع البنوك للأجندات الوطنية، عبر دفع البنوك المدعومة من الدولة إلى تقليص نشاطها فى الخارج، والتركيز على الإقراض فى الداخل، أو مطالبتها بحماية أدوات السيولة المحلية لديها. ويقول إكيرمان إن «هناك توجها مؤكدا للتركيز على المصالح الوطنية، وأعتقد أن علينا مقاومة ذلك... إن إصدار بيان واضح يؤكد على منافع نظام التمويل العالمى هو أمر مهم للغاية». بالطبع يعد النظام المصرفى العالمى شديد الأهمية بالنسبة لدويتش بنك، الذى يعمل فى 75 بلدا. وقد عضد السيد أكيرمان دويتش بنك داخليا، حينما اشترى حصة فى بوست بنك. لكنه لا يأمل فى التركيز على السوق المحلية، التى تشتعل بها المنافسة، والتى دفعت عدم كفاية الفرص المتاحة بها العديد من البنوك إلى التوسع فى صفقات أكثر خطورة، فباتت محملة بما أصبح يسمى الأصول المسمومة. وقد حقق دويتش بنك خسائر قدرها 3.9 مليار يورو (5.15 مليار دولار)، حيث كان الربع الأخير من العام الماضى عصيبا. ولكن مقارنة ببعض البنوك الأخرى، يظل دويتش بنك قويا نسبيا. فهو لم يتلق دعما ماليا من الدولة، ولم يطالب المستثمرين بضخ رءوس أموال جديدة فى البنك. ويعتقد بعض المحللين أن المسألة فقط مسألة وقت. لكن السيد أكيرمان يقول: «لا نحتاج أى رأس مال، ولكن إذا اضطررنا لذلك، فسوف نفضل حلا يعتمد على القطاع الخاص». ويردد السيد أكيرمان رسائل مفادها أن بداية دويتش بنك كانت جيدة هذا العام، حيث يقول إن إيرادات المشروعات فى مارس كانت «صلبة»، وهو ما يعزز التوقعات بشأن عوائد الأرباح. وفيما يتعلق ببنوك الاستثمار، يقر السيد أكيرمان بأن نهاية «نظام مصرفية الظل»، المرتكز على صناديق التحوط وأدوات التمويل خارج نطاق الميزانية سوف تخفض الطلب على بعض المنتجات. ومثله مثل الآخرين، يتوقع أكيرمان أن تزيد البنوك رأسمالها وتتبع وسائل أعلى لحماية السيولة. لكنه يقول إن «البنوك يمكن أن تتكيف وتعاود تحقيق الأرباح... إن العالم يقفز ثانية إلى النمو. وإذا نظرت إلى الاندماج التمويلى فى الاقتصادات الناشئة، تجد أن النظام المصرفى لا يزال مجالا جذابا يتقدم للأمام. إن بنوك الاستثمار التى تمثل جزءا من بنك عالمى مركز، هى نشاط جذاب للغاية... فأنت الآن لديك عدد أقل من بنوك الاستثمار العالمية التى تتنافس فيما بينها. وسوف تظل المنتجات الأساسية لهذه البنوك الاستشارات والمبيعات والتجارة تجد سوقا رائجة». إن ما يجب أن نتكيف معه حقا هى العناصر الأكثر خطورة». وتطرح التوقعات الأليمة بشأن الاقتصاد الألمانى هذه العام من المتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلى الإجمالى بمعدلات تصل إلى 7% تساؤلات حول كيفية تلبية البنوك التزاماتها حال ارتفاع معدلات التخلف عن سداد القروض المحلية أو قروض الشركات. ويبدو السيد أكيرمان مستريحا نسبيا، حيث يقول: «لم تكن لدى ألمانيا فقاعة ممتلكات خلال السنوات العشر الماضية، ونحن قد استفدنا من ذلك. ثانيا، مارست الشركات قدرا كبيرا من إعادة الهيكلة خلال الفترة نفسها وزادت رأسمالها وإنتاجيتها... لذلك واجهت الشركات تلك الأزمة وهى فى حالة أفضل مما كانت عليه قبل خمس سنوات». وقد أعلن أكيرمان، السويسرى الأصل، العام الماضى أنه سيتخلى عن الحافز حتى لو كان يستحقه. وقد هبط دخله السنوى بنسبة 90%، لكنه يقول إن الانتقادات بشأن الحوافز قد بولغ فيها كثيرا، كما أنها تجاهلت قضايا مهمة مثل أسباب انزلاق البنوك إلى هذه الأزمة. FINANCIAL TIMES