علمت « الشروق» أن نيابة الأموال العامة العليا تجرى حاليا تحقيقات مكثفة فى قضية فساد جديدة فى السكك الحديدية، ويأتى على رأس قائمة المتهمين: رضا وهدان عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى، و محمد النويعم الرئيس السابق للهيئة و10 آخرين من قيادات الهيئة، لاتهامهم بتسهيل الاستيلاء على 60 مليون جنيه من المال العام لصالح شركة خاصة تسمى «أبيلا مصر» المشرفة على قطارات النوم والبوفيهات. وطبقا للتحقيقات وما ورد بتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وتحقيقات النيابة الإدارية فإن المتهمين أسقطوا مديونية مستحقة على الشركة قدرها 60 مليون جنيه بالمخالفة للقوانين، بأن تلاعبوا فى التعاقد المبرم بين السكك الحديدية والشركة، وقاموا بتوقيع عقد جديد تضمن منحا سخية للشركة، رغم أنها لم تطلبها. والشركة مملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، لكنه غير مسئول عن إدارتها، وفقا للقانون. بينما قال 20 من المسئولين بهيئة السكك الحديدية فى شهاداتهم أمام النيابة: إن نحو 25 من قيادات الهيئة خلال أعوام 2000 حتى عام 2004 تلقوا رشاوى من الشركة عن طريق شيكات بنكية مسحوبة على بنك HSB فرع روكسى. فيما قال مسئولو الجهاز المركزى للمحاسبات: إن المتهمين من قيادات الهيئة يماطلون ويمتنعون عن اتخاذ الإجراءات القانونية حتى تسقط الحقوق المالية للسكك الحديدية بالتقادم. الطريف فى الأمر أن الجهاز المركزى للمحاسبات رفع تقريره للمهندس محمد منصور وزير النقل، وطالبه بإبلاغ الجهات القضائية للتحقيق فى وقائع إهدار المال العام، فاختار إبلاغ النيابة الإدارية، وهى تملك توقيع سلطات تأديبية منها اللوم والخصم من الراتب. بينما قال مصدر قضائى بالنيابة الإدارية ل «الشروق»: إن التحقيقات انتهت إلى وجود واقعة إهدار المال العام، وضرورة رد المبالغ المستولى عليها. لكن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام أمر بفتح تحقيقات موسعة فى الواقعة، وكلف نيابة الأموال العامة العليا باستدعاء مسئولى الجهاز المركزى للمحاسبات ومسئولى هيئة السكك الحديدية. يباشر التحقيقات محمد النجار رئيس النيابة تحت إشراف المستشار على الهوارى المحامى العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا. وطبقا لما ودر بالتحقيقات فإن هيئة السكك الحديدية تعاقدت مع شركة تسمى أكور لتقوم بإدارة وتشغيل عربات النوم والبوفيهات والمقاهى وحق تقديم المشروبات للركاب داخل القطارات وخارجها،وعندما تقاعست الشركة عند دفع المديونية المستحقة عليها وقدرها 25 مليون جنيه، قام المتهمون بفسخ التعاقد معها، وقاموا بإجراء مزايدة جديدة علنية بين الشركات، وتقدمت لها شركة «أبيلا مصر» وفازت بالمزايدة لتقديمها أفضل العروض، وعندما تقاعست هى الأخرى عن دفع المديونية المستحقة عليها وقدرها 60 مليون جنيه أسقطوا المديونية عنها، وكتبوا لها عقدا جديدا تضمن شروطا تفوق طلباتها. وتضمن العقد الأصلى مع السكك الحديدية أن تحصل على ٪95 أرباح إدارة قطارات النوم وتقديم الخدمة فى جميع القطارات المكيفة وغيرها، بينما تحصل الشركة على ٪5 من الأرباح نظير قيامهما بتقديم الخدمة، على أن تتعهد الشركة بدفع 20 مليون جنيه سنويا كحد أدنى، حتى ولو لم تحقق نسبة الإشغال المرجوة. وأضافت التحقيقات أنه بعد مرور 3 سنوات على العمل بالعقد، تقاعست الشركة عن سداد المستحقات المالية عليها حتى بلغت 60 مليون جنيه، وفى عام 2004 قدمت العديد من المبررات تطلب فيها تعديل العقد، وبالفعل قام المتهمون، وعلى رأسهم المتهمان: الأول محمد عرفة النويعم رئيس هيئة السكك الحديدية السابق ورضا وهدان نائب رئيس الهيئة للشئون المالية بالاشتراك مع باقى المتهمين فى توقيع عقد جديد أسموه ملحق العقد الأصلى، أعطى للشركة ميزات جديدة لم تكن واردة فى المزايدة العلنية، بل وتضمن إسقاط مديونية الشركة البالغة 60 مليون جنيه. وأضافت التحقيقات، طبقا لما ورد فى أقوال مسئولى الجهاز المركزى للمحاسبات ومسئولى هيئة السكك الحديدية إن المتهمين تعمدوا عدم إرسال ملحق العقد الجديد لمجلس الدولة لعرضه عليه كما ينص القانون، كما أنهم لا يملكون السلطة لتوقيع هذا العقد إلا بعد إجراء مزايدة جديدة يتم الإعلان عنها، فضلا عن أن الشركة الخاصة لم تتضرر خلال السنوات الثلاث الماضية. وأوضحت التحقيقات أن العقد الجديد الذى تم توقيعه، فضلا عن قيامه بإسقاط مبلغ ال 60 مليون جنيه دون مبرر، قام بإضاعة حق السكك الحديدية فى خطاب الضمان، حيث إن خطاب الضمان كان بمبلغ يعادل 4 ملايين جنيه مصرى تم تخفيضه إلى 500 ألف جنيه بخطاب غير مشروط. وأكدت التحقيقات أن مجلس إدارة السكك الحديدية ناقض نفسه، وتغيرت معاملته من شركة لأخرى، حيث رفضت إسقاط مديونية مستحقة على شركة أكور بمبلغ 25 مليون جنيه، وعندما تم فسخ التعاقد معها، واستبدالها بشركة أبيلا مصر، وافق مجلس الإدارة على إسقاط مديونياتها . بينما قال تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات: إن دراسةادعاءات هيئة السكك الحديدية يوضح «تبنى الهيئة لوجهة نظر الشركة فى إيجاد المبررات والوسائل التى تمهد لإسقاط مديونية الشركة، رغم أن تقريرنا تضمن الرد على كل مبررات الشركة». وواصل التقرير أن الثابت هو «إسراع المسئولين بالسكك الحديدية فى الحصول على موافقة مجلس الإدارة بإسقاط المديونية، حتى دون تحديدها، ودون مراعاة الجهاز المركزى للمحاسبات». واستدعت النيابة العديد من الشهود من المسئولين بالسكك الحديدة، فقدموا كشفا منسوبا صدوره لشركة أبيلا مصر ،يفيد تقاضى 25 اسما من قيادات هيئة السكك الحديدية لرشاوى من الشركة تراوحت ما بين 10 إلى 30 آلاف جنيه، حسب موقع المسئول، بينما قال مسئولو الشركة: إن الكشف لم يتم اعتماده من الشركة، فقدم الشهود صورا ضوئية لشيكات قالوا إنهم تحصلوا عليها من شركة أبيلا، وتم صرفها من فرع بنك أجنبى فى روكسى.