قال الدكتور عاطف محمد كامل، عضو اللجنة العلمية لاتفاقية سايتس وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية باليونسكو، إن الحروب تترك آثارًا كارثية على البيئة، ويمكن أن تكون هذه الآثار مدمرة بشكل كبير، مؤكدًا أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تعد إبادة بيئية وكارثة مناخية تهدد الحياة وكوكب الأرض، حيث إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهلك كميات هائلة من الوقود الأحفوري في الطائرات والمركبات؛ ما يسهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري. وأضاف كامل ل"الشروق"، أن الحرب تؤدي إلى التلوث، حيث يتم تدمير المصانع والمنشآت الصناعية والتجارية؛ مما يؤدي إلى تسرب المواد الخطرة والملوثات إلى التربة والمياه التي يستخدمها الناس، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تلوث بيئي شديد وتأثيرات سلبية على الحياة البرية والنباتات والبشر، مشيرًا إلى أن التفجيرات وغيرها من أساليب الحرب الحديثة تلحق الضرر المباشر بالحياة البرية والتنوع البيولوجي، حيث يمكن للأضرار الجانبية للصراع أن تقتل ما يصل إلى 90% من الحيوانات الكبيرة في منطقة ما وقتل السكان الأصليين وتهجيرهم. وأكد أن الحروب تؤدي إلى تدمير المناطق الطبيعية الأخرى بشكل كبير من خلال القصف واستخدام الأسلحة، وهذا يتسبب في فقدان التنوع البيولوجي وانقراض الكثير من الكائنات الحية، بجانب أنها تسبب في حرق النفايات والمخلفات والمواد القابلة للاشتعال؛ مما يتسبب في تلوث الهواء بالملوثات العضوية المتطايرة والجسيمات الصغيرة، مما يؤدي إلى مشكلات صحية وبيئية للأنسان. وتابع أن الحروب تؤثر بشكل كبير في البنية التحتية البيئية، مثل شبكات المياه ومحطات معالجة الصرف الصحي ومحميات الحياة البرية، ويمكن أن يؤدي إلى تلوث المياه وانقطاع الخدمات البيئية الحيوية، علاوة عن انتشار الملوثات النووية والتي تشمل استخدام الأسلحة النووية، حيث يتسبب الانفجار النووي في تلوث إشعاعي يمكن أن يستمر لسنوات عديدة؛ مما يؤثر في البيئة والصحة البشرية وانتشار الأمراض. ولفت إلى أن الحروب والنزعات العسكرية تساهم في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتسريع التغير المناخي، فتسبب حرق الوقود الأحفوري والمواد الكيميائية في الهواء في انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها من الغازات الدفيئة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ وتأثيراته السلبية على النظام البيئي والحياة البشرية. وأردف أنه على الرغم من أن الأثر البيئي للحروب لا يحظى بالاهتمام الكافِ، إلا أنه لا يمكن تجاهله، فالتدمير البيئي الناجم عن الحروب يؤثر على حياة الأجيال الحالية والمستقبلية، ويعيق التنمية المستدامة ويهدد استقرار البيئة، لذا هناك حاجة ماسة إلى تعزيز الوعي العام حول الأثر البيئي للحروب والنزعات العسكرية وضرورة وقف النزاعات والعمل على تحقيق السلام العالمي، ويجب على المجتمع الدولي التعاون معًا للحد من استخدام الأسلحة الدمار وتعزيز حقوق البيئة الدولية. كما يجب على الدول والمنظمات الدولية إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وتشجيع استخدام التكنولوجيا النظيفة والمستدامة في إعادة الإعمار، مؤكدًا أنه للحد من الأثر البيئي السلبي للحروب. وعن ماهية الإجراءات التي يجب اتباعها للحفاظ على البيئة وتعزيز الاستدامة، أكد أنها تتمثل في منع استخدام أسلحة الدمار الشامل، حيث يجب على الدول والمجتمع الدولي العمل على منع استخدام أسلحة الدمار مثل الأسلحة النووية والكيميائية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تحظر هذه الأسلحة، إضافة إلى الحماية والحفاظ على الموارد البيئية الحيوية، من خلال اتخاذ إجراءات لحماية والحفاظ على الموارد البيئية الحيوية، مثل الغابات والمحميات الطبيعية والمياه العذبة، ويمكن ذلك من خلال تقليل استخدام المواد الكيميائية الضارة وتدريب القوات على التعامل السليم مع البيئة أثناء النزاعات. وتابع أن الاستثمار في التعافي البيئي وإعادة الإعمار، يجب على الدول والمنظمات الدولية الاستثمار في جهود إعادة الإعمار والتعافي البيئي بعد الحروب، ويمكن ذلك من خلال إعادة بناء المنشآت المدمرة بطرق صديقة للبيئة وتشجيع استخدام التكنولوجيا النظيفة والمستدامة، كما يمكن تعزيز الزراعة المستدامة وحماية التنوع البيولوجي وتطبيق برامج لتقليل التلوث وتنظيف المناطق التي تضررت من الحروب. وأكد أن تأثيرات الحروب على البيئة في غزة كارثية وتستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الصراع، ولهذا السبب يجب العمل على تجنب النزاعات والحروب والبحث عن وسائل سلمية لحل النزاعات الدولية؛ من أجل الحفاظ على البيئة والكوكب، فضًلا أنه يجب على الدول والمجتمع الدولي التعاون والعمل سويًا للحد من الأثر البيئي السلبي للحروب، من خلال منع استخدام أسلحة الدمار وحماية وحفظ الموارد البيئية واستثمار في التعافي البيئي والعمل على التوعية المحلية والدولية وتعزيز التعاون الدولي.