بينما يخوض الاحتلال الإسرائيلي حربها ضد قطاع غزة، ويكافح مئات الآلاف للنجاة بأنفسهم من القصف الإسرائيلي المستمر بعد هجوم حركة حماس الأسبوع الماضي على الأراضي المحتلة، يخوض عشرات الفلسطينيين حربا من نوع آخر في غرف العناية المركزة بمستشفى في خان يونس. في غرفة طبية مجهزة في مستشفى مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، يرقد عشرات المرضى بين الحياة والموت بعد تعرضهم لإصابات بالغة جراء القصف الإسرائيلي الذي يقول الفلسطينيون إنه لا يستثني المستشفيات. أحدهم خالد شراب، الصبي الذي لا يزيد عمره عن عشر سنوات، والذي تقول أمه المكلومة إنه نجا من قصف استهدف منزل شقيقتها وأقارب آخرين قرب المستشفى كانوا يظنونه أكثر أمنا. تدعو أم خالد للصغير بالنجاة وسط بكائها على شقيقتها التي قتلتها الغارة ذاتها التي أصابت ابنها. وتقول إن ابنا وابنة لشقيقتها قُتلا أيضا في الغارة. تتحدث أم خالد وهي تقف إلى جوار سرير ولدها في المستشفى الذي تعرضت ساحته للقصف أيضا في الأيام الأولى من هذه الجولة الجديدة من التصعيد في القطاع "كنا قاعدين نستنى زي غيرنا.. نستنى مصيرنا.. فجأة بنسمع ضربة قوية هزت خان يونس هزا.. قمت اتفزعت.. قلت إيش فيه.. قالوا الضرب عند مستشفى ناصر.. وبعد شوية قالوا لأ.. قصفوا دار أبو كايد.. قلت لأ لأ.. لا يمكن يقصفوا دار أختي". وأضافت "أختي كانت تقول داري أمان.. مفيش فيها قصف.. كانت تقول تعالوا عندي في الحرب.. داري أمان. انفجعنا.. أختي راحت هي وابنها وبنتها.. راحوا في غمضة عين. كانت تقول داري أمان تعالوا عندي.. مفيش عندي قصف أنا". وقال طبيب بالمستشفى لوكالة أنباء العالم العربي، إن نسبة الأطفال والنساء يشكلون 60% من الإصابات التي تصل إليهم يوميا. وأضاف أن جميع الأسرة العشرة في العناية المركزة بالمستشفى يرقد بها مرضى، وأن المستشفى يعجز عن استقبال مرضى جدد. يصرخ الأطباء في مستشفيات قطاع غزة طلبا للنجدة، بعدما تفاقم نقص التجهيزات الطبية والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي والمياه، إضافة للتهديد الإسرائيلي بإخلاء مستشفيات في مناطق من شمال وشرق القطاع. تسبب هذا في ازدياد الضغط على مستشفيات خان يونس، حيث أمرت إسرائيل الفلسطينيين بالتوجه جنوبا. في ساحة المجمع الطبي غرب خان يونس، يكاد لا يوجد موطئ قدم مع نزوح آلاف العائلات من منازلها وأماكن سكنها في مناطق مختلفة من المدينة هربا من القصف الإسرائيلي. وتفترش عائلات كاملة الأرض في حديقة المستشفى، وممراتها الخارجية، باحثين عن مكان آمن. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية يوم السبت أن أكثر من 400 مواطن استشهدوا وأصيب نحو 1500 في الغارات الإسرائيلية على غزة في يوم واحد. وأوضحت الوكالة أن أكثر من 80 مواطنا استشهد وأصيب نحو 250 آخرين في استهداف منازل في دير البلح وحدها وسط قطاع غزة. وفي خان يونس جنوب قطاع غزة استشهد نحو 20 مواطنا في القصف الإسرائيلي لعدد من البنايات السكنية. وأعلنت وزارة الصحة في غزة السبت ارتفاع عدد الشهداء في غزة جراء القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 2200، إضافة إلى آلاف المصابين. لكن أم خالد تتشبث بالأمل وتدعو الله أن ينجي ابنها، قائلة "ادعوا له إن شاء الله يصير بخير.. ادعوا له.. هو بطل وهيصير بخير إن شاء الله.. الله يشفيه".