كنا في مأزق عند ترجمة أعماله للعربية فهو لا يضع علامات ترقيم لا يشبه أحدا.. ويكتب أعماله عن أجواء غريبة ومدهشة وغامضة قالت أمل رواش مترجمة رواية "صباح ومساء"، ورواية "ثلاثية" لأديب نوبل يون فوسه والصادرتين عن دار الكرمة، بترجمة مشتركة بين شيرين عبدالوهاب: "إنها لم تكن تعلم بطبيعة الحال أنه كان سوف يتوج بنوبل، لكن مكانته في النرويج كبيرة، فهو من الكتاب الذين نطلق عليهم في لغتنا الأكثر مبيعا في الدول الاسكندنافية، لذلك تنبأت أنه سوف يحصل على الجائزة ويرجع ذلك الأمر إلى أسلوبه المختلف في الكتابة فهو يكتب كتابة نثرية حرة، بمعنى أنه حين يعبرعن أصوات الأشياء يكتب نغمة الصوت كما يسمعها، لا يعبرعنه بتعريف أو كلمة مجازية وكأنه يهتم بكتابة اللغة البكر لغة الإنسان الأولى قبل أن يتعلم أبجدية اللغة. لذلك أكاد أتخيل لجنة نوبل حائرة في أعماله، فلك أن تتخيل أنه يكتب نص كامل دون علامات ترقيم، وقد وضعنا هذا الأمر أنا والمترجمة شيرين عبدالوهاب في مأزق، كيف نترجم نص كامل دون علامة ترقيم واحدة، وإذا اضفناها نحن فهذه خيانة للنص الأصلي، للحد الذي دفعنا في أحد ندواته أن نناقشه في ذلك الأمر، فلم يحدد لنا وجهة معينة بل ترك لنا مطلق الحرية في ترجمة النص وقال نصا "أنتم أحرار"، وفي النهاية ترجمنا النص كما كتبه صاحبه. وأضافت في هذا الصدد: إنه يكتب عن النرويج القديمة مع الحديثة مع الوسط، ويربط الأجيال ببعضها البعض، فلو لم تكن الأستاذة شيرين نرويجية تعيش في النرويج منذ كان عمرها 6 سنوات، كنا سنواجه مشكلة كبيرة حول أسماء الأماكن والأكلات، الصيد، والحبال المستخدمة في الصيد، فهذا الكاتب هو السهل الممتنع، فهو لم يكتب كلمة ثقيلة أو غريبة، لكن صعوبته في شبكة العلاقات التي كتبها في دوائر متداخلة. وهنا وجهنا لها سؤال عن إشكالية الترجمة من اللغة النرويجية التي تعتبر من اللغات النادرة، فأجابت: نحن ترجمنا النص عن اللغة الأم بشكل مباشر، فالأستاذة شيرين نرويجية مصرية تتحدث العامية المصرية ولا تكتب الفصحى، لذلك كانت تترجم من النرويجية إلى العامية المصرية وأنا أقوم بالترجمة إلى اللغة العربية الفصحى، ثم أقرأ لها ما قمت بصياغته وهي تقوم بالتصحيح إذا لم نتفق في فهم مضمون أي مفردة من المفردات، فلولا شيرين كنت رفضت الترجمة. وحين توجهنا بالسؤال عن العوامل التي دفعتهم إلى اختيار أعماله هو تحديدا دونا عن غيره، أجابت: القرار في ذلك يعود إلى الأستاذة شيرين عبدالوهاب فهي على معرفة سابقة بأعماله، أما أنا فلم أكن أعرفه من قبل، فهي الأدرى بالبيئة الثقافية هناك كونها تحمل الجنسية النرويجية، فنحن لسنا على دراية كافية بكتاب هذه المنطقة، فتبنت شيرين المشروع كاملا وقامت بترشيح الروايتين إلى دار الكرمة التي كانت متحمسة إلى ترجمة أعماله، وهذا الحماس يتمثل في شخص الناشر المعروف سيف سلماوي، لكن لغة الترجمة وأسلوب الكاتب أعاق القرار حتى تواصلت معهم شيرين وتم الاتفاق. وهنا ذهب الحوار إلى السؤال عن سبب اختيار رواية صباح ومساء وثلاثية بالتحديد، فأجابت: الأمر يعود إلى أن الروايتين كانا من الأكثر مبيعا في تلك الفترة والأحدث أيضا، بالإضافة إلى أن هناك مؤسسة ثقافية وسيطة باسم نولا تقوم باقتراح الأعمال غير العربية على دور النشر العربية للترجمة. أما عن المقارنات وأوجه التشابه بينه وبين أدباء آخرين والتي يتبناها القراء عنه فقد رفضت هذه التشبيهات قائلة: إطلاقا هو لا يشبه أحد، فهو لا يكتب أعماله بخلفية سياسية محددة، هو يكتب حياة بأجواء غريبة، مدهشة، غامضة، كئيبة، ينتقل من حالة إلى حالة دون وقفات لدرجة الإجهاد. واختتمت حديثها بأنها خرجت من هذه التجربة بقناعة مهمة مفادها أنها خيانة للنص حين لا نقوم بترجمته عن لغته الأم، وأنها تفضل أن تعيد صياغة الترجمات طالما تترجم عن اللغة الأصلية على أن يترجم النص بلغة وسيطة، فاللغات الوسيطة تفقد النص الكثير من حقيقته، واستشهدت في ذلك ببعض تجارب الترجمات لأعمال هنريك إبسن. أمل رواش مترجمة مصرية تخرجت في كلية الألسن جامعة القاهرة، وبدأت العمل في مجال الترجمة عن اللغة الإنجليزية عام 1996 من خلال سلسلة الالف كتاب عن تاريخ اوروبا الشرقية، وقامت بترجمة كتاب صورة المرأة في العهود القديمة عن المركز القومي للترجمة، تعمل مع العديد من دور النشر، ولها مولفات في مجال الكتب التعليمية.