قدورة: حجم التبادل التجاري بين الهند وأوروبا الغربية كبير.. والمشروع يُقصد به ضرب "الحزام والطريق" برغوث والشامي: المشروع مكلف ولن يحقق فائدة تذكر تنال من حصة قناة السويس أعلن قادة أمريكاوالهند والسعودية، أمس السبت، اتفاقا لمشروع طموح لإنشاء ممر أو خط نقل بحري بري للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. الاتفاق وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه "سيغير قواعد اللعبة" ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات، بينما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "لحظة تاريخية لدولة إسرائيل" ويجعلها في مفصل حركة التجارة الدولية، وأنه سيعيد صياغة العلاقات في المنطقة. وتمّ التوقيع على الاتفاق المبدئي بين الولاياتالمتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانياوإيطاليا، وفقاً لبيان نشره البيت الأبيض. الرسوم المسربة لخط سير المشروع أظهرت أنه سينطلق من الهند إلى الإمارات عبر بحر العرب، ثم منها إلى السعودية حيث تمر بأراضيها أطول مسافة برية في قلب شبه الجزيرة العربية، ثم إلى الأردن ومنها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل) ثم إلى البحر المتوسط عبر موانئها، حتى تصل إلى إيطاليا وفرنسا في الساحل الشمالي للمتوسط ثم إلى ألمانيا. وبالتالي تجاهل المشروع باقي دول المنطقة، كما بدا وكأنه إحياء لأفكار ومشروعات ظهرت في عهود سابقة لتهديد قناة السويس، ثم خفتت نتيجة ارتفاع التكلفة وعدم إقامة علاقات دبلوماسية بين دول الخليج وإسرائيل. وتعليقا على ما يعرفه العالم حتى الآن عن هذا المشروع المهم وعما إذا كانت له آثار خطيرة محتملة على مصر، تباينت تصريحات خبراء النقل البحري والدولي استطلعت "الشروق" آراءهم، حول قدرة الممر الجديد المزمع إنشاؤه على مزاحمة قناة السويس، أو اقتناص حصة من حجم التجارة العابرة من خلالها، حيث اعتبر البعض أن هذا الاحتمال وارد، بينما يري آخرون أن المشروع لن يؤثر على حركة الملاحة في القناة، نظرا لتكاليف النقل عبر خطوط السكة الحديد واحتياجها إلى صيانة دورية، مرجحين أن الهدف من الشبكة ضرب مبادرة "الحزام والطريق" التس أطلقتها الصين. تهديد محتمل لقناة السويس: فمن جهته؛ أعرب وائل قدورة، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس السابق، عن تخوفه من أن يقتنص المشروع الجديد حصة من حجم التجارة العابرة في قناة السويس. أوضح أن حجم التجارة بين الهند والاتحاد الأوروبي بلغ 88 مليار يورو خلال عام 2021، ومن المتوقع أن تخفص شبكة السكة الحديد المقترح تنفيذها من زمن الرحلة بنسبة 44%، مما سيخفض من التكلفة النقل البحري، وهو ما سينعكس بالسلب على قناة السويس. وأشار إلى أن جميع البضائع لكي تصل إلى أوروبا كان لابد أن تعبر من خلال قناة السويس، ولكن مع إنشاء شبكة النقل البحري التي ستعبر من الهند إلى الإمارات ومنها عبر خط سكة حديد ستتجه إلى الأردن ثم إسرائيل ثم اوروبا بحرا، فيمكن لهذه الشبكة أن تستحوذ على 22% من حجم البضائع التي تعبر قناة السويس. وشدد قدورة أن الهدف من إنشاء تلك الشبكة هو ضرب مبادرة "الحزام والطريق " التى أطلقتها الصين وليس الإضرار بمصر، لكن قناة السويس ربما تتضرر بشكل واضح. في المقابل.. أصوات مطمئنة: وعلى النقيض أوضح حمدي برغوث، خبير النقل الدولي، أن الشبكة المقترح إنشاؤها لن يكون لها تأثير على حجم التجارة العابرة في قناة السويس، وذلك لأن سرعة قطار البضائع لا تزيد عن 120 كليو متر / ساعة، والقطار لا يستوعب أكثر من 75 حاوية وإذا افترضنا أنه على مدار العام تم تشغل 365 قطار أي نقل ما يعادل 36 ألف حاوية، فهو رقم لا يشكل أي خطورة على قناة السويس التي يصل حجم ما يعبرها إلى 35 مليون حاوية. وأكد برغوث أن حركة التجارة من الصعب أن تعتمد على السكة الحديدية المقترح لأنها غير آمنة ومكلفة وتحتاج لصيانة بشكل مستمر، كما أن العائد من الاسثمار في النقل البري يبقى ضعيفا جدا. وهو ما اتفق معه أيضا أحمد الشامي، خبير النقل البحري، قائلا إن الممر الجديد لن يكون له تأثير على حركة الملاحة في قناة السويس. ووصف الرئيس بايدن الاتفاق بأنه "صفقة كبيرة حقيقية" من شأنها أن تربط الموانئ عبر قارتين وتؤدي إلى "شرق أوسط أكثر استقرارا وازدهارا وتكاملا". وأضاف خلال فعالية للإعلان عن الاتفاق إنه سيتيح "فرصا لا نهاية لها" للطاقة النظيفة والكهرباء النظيفة ومد الكابلات لربط المجتمعات. وأعلنت السعودية أمس الأول توقيع مذكرة تفاهم مع الولاياتالمتحدة، لتحديد أطر التعاون بينهما لوضع بروتوكول يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرة للقارات، من خلال موقع المملكة الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا. بينما جاء رد الفعل الأقوى من إسرائيل؛ حيث قال نتنياهو في بيان للشعب الإسرائيلي أثناء اجتماع لمجلس الوزراء: "لقد كانت أرض إسرائيل دائما نقطة عبور للإمبراطوريات التي داستنا في حملات الغزو في كل اتجاه، والآن أصبحت إسرائيل دولة عبور من نوع مختلف. لقد أصبح ملتقى الطرق الرئيسي في الاقتصاد العالمي، وجسر السلام الذي يغيرنا".