الحوار الوطني يبحث حلول أزمة الدين ومقترح بوضع سقف لها أستاذ تمويل في جامعة الإسكندرية: نسبة الضرائب من الإيرادات تقلق الشواربي: توقعات بحدوث خفض آخر لسعر الصرف بعد الانتخابات الرئاسية سعت جلسة "بدائل خفض الدين العام وتعظيم الفائدة من الاقتراض الداخلي والخارجي" التي تنظمها لجنة الدين العام وعجز الموازنة ضمن فاعليات المحور الاقتصادي على هامش الحوار الوطني، اليوم، إلى طرح الحلول لأزمة الديون الضاغطة، حيث طالب البعض بوضع سقوف لا تتجاوزها، فيما طرح آخرون فكرة بيع أصول عامة مثل ناديي الأهلي والزمالك والبنوك لسداد الديون، وحذر معظم المشاركين في الجلسة من تفاقم الأزمة وعدم توفير علاجات سريعة. وارتفع الدين المحلي في الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 8% ليصل إلى 6.86 تريليون جنيه (222.18 مليار دولار)، مقابل 6.352 تريليون في الربع الأخير من 2022، كما ارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.361 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بزيادة 1.5% مقارنةً بالربع الأخير من 2022 عندما سجل 162.928 مليار دولار، بحسب أحدث بيانات صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية. وقال عبد الفتاح الجبالي، مقرر مساعد المحور الاقتصادي بالحوار الوطني، إن إطالة عمُر الدين يفيد الأجيال الحالية على حساب الأجيال القادمة، وهو ما يحمل رفاهية جيل على حساب أجيال أخرى، مضيفا أن الدولة دشنت لجنة لإدارة الدين العام لتحديد حد أقصى للاقتراض الخارجي سنويا لا يتم تجاوزه، إلى جانب وإدارة ملف الدين العام وفقا لمعايير محددة. وأضاف الدكتور طلعت خليل، مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة، أن اللجنة تبحث التوصل إلى وضع آليات وحلول للسيطرة على ارتفاع الدين المحلي والخارجي الذي أصبح يثقل الموازنة العامة، وأصبحت غير قادرة على تحمله. وأشار إلى أن هناك العديد من الطروحات التي يتم مناقشتها حاليا للسيطرة على ارتفاع الديون من ضمنها تشريع لوضع سقف للديون، خاصة أذون وسندات الخزانة والسندات الدولارية التي تتوسع الحكومة في طرحها بشكل دوري، موضحا أن من ضمن الأفكار المطروحة أيضا على هامش الحوار الوطني حول السيطرة علي الدين، إلغاء وجدولة بعض الديون مع الدول الشقيقة على غرار جدولة الديون مع باريس. وقال أحمد كجوك نائب وزير المالية، إن الاقتصاد الكلي وحدة متكاملة سواء سياسة مالية ونقدية أو قطاع خارجي، فلا بد من وجود اتساق كامل بينهم وتحديدا في موضوع عجز الموازنة والديون. وأضاف أن هناك العديد من المقترحات والأفكار التي لابد أن يناقشها الحوار الوطني للسيطرة على ارتفاع معدلات الديون المحلية والخارجية، في مقدمتها وحدة الموازنة العامة، وتعني أن تخضع جميع الجهات والأجهزة لإشراف الموازنة العامة. وطالب كوجك، بتخصيص جزء من إيرادات برنامج الطروحات الحكومية لسداد الديون وخدمتها، حتي يمكن الموازنة العامة من تحقيق فوائض مالية لتحسين مستوي معيشة المواطنين. وأكد أنه لابد من أن تتعامل أجهزة الدولة بشكل عام بجدية مع مستهدفات المالية العامة، فيما يتعلق بمستهدفات خفض عجز الموازنة والديون، وأن تتوحد جميع هيئات الدولة خاصة التي تكون خارج الموازنة العامة مثل الصناديق الخاصة، في مشاركة جزء من أرباحها لخفض مديونية الدولة. وقال إن المؤشرات الأولية توضح وصول نسبة الدين ل95% من الناتج المحلي خلال العام المالي الماضي، مقابل 78% العام المالي السابق له، موضحا أن فروق سعر الصرف حملت الموازنة 1.4 تريليون جنيه. وأوضح السيد عبداللطيف الصيفي، أستاذ التمويل في جامعة الإسكندرية، أن الأصول المبيعة مؤخرا يتم بيعها بقيمة أقل من قيمتها العادلة وبأسعار منخفضة جدا، مشيرا إلى الضغط على الحكومة من خلال بيع السندات بتخفيض 20%، كما يتم تغطية العجز من خلال بيع البنك المركزي أذون خزانة، مضيفا أن نسبة 40% من أصول البنوك متواجدة في أذون الخزانة. وأوضح الصيفي أن الفرق بين المصروفات والإيرادات هي السبب في الخلل، متابعا: «نسبة الضرائب من الإيرادات تقلق». ولفت إلى أن أي دين ليس به خطورة طالما يحقق عائدا أعلى من الفائدة المحددة عليه. من جهتها، قالت شيرين الشواربي، مساعد وزير المالية الأسبق، إنه من المتوقع حدوث خفض آخر لسعر الصرف تحديدا بعد الانتخابات الرئاسية، وهو ما سيؤدي إلى حدوث تفاقم في الديون، مضيفة: «نحتاج تغيير سياستنا بهدف بتبني سياسات واضحة تعطي إشارات للمواطن أن الدولة ستدير ملف الدين بالشكل المتعارف عليه حتى لا نقع في مشكلة أكبر». وتابعت: «يجب أن نعترف بأن الوضع غير مطمئن، وهناك أزمة سيولة فعلية». واقترح محمد خليل بدرة، ممثل حزب المصريين الأحرار، بيع عدد من الأصول التي تمتلكها الدولة مثل ناديي الأهلي والزمالك أو بنكي الأهلي ومصر، واستخدام حصيلة البيع في سداد الديون. وأشار بدرة، إلى أن السيطرة على ارتفاع معدلات الديون تحتاج إدراج جميع الصناديق العامة والهيئات الاقتصادية في موازنة الدولة والبالغ عددها أكثر من 7 آلاف صندوق وهيئة، ما سيساعد على زيادة الإيرادات وتقليل عجز الموازنة. وأضاف أنه لابد من زيادة الحصيلة الضريبية عن طريق تحقيق الشمول المالي، وتقليل التعامل النقدي، ووضع سقف للدين العام على غرار الدول المتقدمة. وقال فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن معدل الدين الخارجي من الناتج المحلي ارتفع إلى 43% حاليا، مقارنة ب35%، مشيرا إلى أن المعدل الآمن للدين الخارجي يتراوح بين 30-40%. واقترح الفقي، عدة توصيات لحل أزمة الدين الخارجي، أهمها أن يكون سعر الصرف وعجز الموازنة مستداما، فضلا عن خفض الدين العام والإنفاق، وإعادة النظر في المنظومة الضريبية، ووضع محددات الإنفاق وترشيده لأن الوضع بصفة عامة يحتاج إلى العلاج باستراتيجية استباقية. بدوره اقترح حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة سابقا، ضبط الإنفاق بالموازنة العامة وتعظيم الايرادات، للسيطرة علي معدلات الديون. وأضاف أن ضبط الإنفاق العام لن يتحقق إلا بتطبيق خطط وموازنات البرامج والأداء، وهي أحد مشروعات وزارة التخطيط، وطالب بأن تتحول مصر إلي طرح سندات بفائدة ثابتة ولكن تتغير بمعدل التضخم. واقترح عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، أن تستغل مصر انضمامها إلى «بريكس» في التفاوض مع دول التحالف لإسقاط الديون التي عليها لهذه الدول، مشيرا إلى أن قيمة ديون مصر لدول التحالف ليست صغيرة بل قيمتها مقاربة لنفس قيمة الديون لدول مجموعة السبع. وأشار إلى أن الحكومة عليها التوسع في برامج مبادلة الديون خاصة مع دول الاتحاد الأوروبي على غرار البرامج الموقعة مع إيطاليا وألمانيا، مؤكدا أن مشكلة ارتفاع الديون لا تواجه مصر فقط، بل جميع الدول النامية خاصة الإفريقية، مطالبا باستغلال مصر دورها الريادي والذي ظهر في تنظيم قمة المناخ كوب 27 في التفاوض باسم القارة الإفريقية مع دول العالم لإسقاط الديون عليها. وقال النائب مصطفى سالم وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب وممثل حزب مستقبل وطن، إن الحزب يطالب بتشكيل لجنة مشتركة للسيطرة على معدلات الديون، تضم وزارت المجموعة الاقتصادية والهيئات الرقابية للاطلاع علي حجم الدين العام وتحديد نسبة القروض غير المستغلة وأسباب عدم استغلالها. وأشار إلى أن أهم الأسباب التى تؤدي إلي عجز الموازنة وبالتالي ارتفاع المديونية عدم وحدة الموازنة ووجود هيئات وصناديق استثمار خارجها، والتي سددت لها وزارة المالية 660 مليار جنيه في الأربع سنوات الماضية، مطالبا بضمها إلي الموازنة العامة بالإضافة إلى تفعيل خطة استغلال الاصول غير المستغلة والتى تقدر بتريليونات الجنيهات، مؤكدا أن صندوق مصر السيادي حتي بعد الحصر لم يحقق خطوات ملموسة من استغلالها. وطالب سالم الحكومة بضرورة الإعلان عن خطة واضحة لمدة زمنية لخفض الدين العام لأقل من 80% وخفض عجز الموازنة لأقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن زيادة الإيرادات للدولة لسداد ديون لن يتحقق إلا من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمي وزيادة عمليات الرقمنة. وقال مدحت نافع مساعد وزير التموين والخبير الاقتصادي، إن معدل الدين الخارجي كل مؤشراته سلبية، وهو ما انعكس على تصنيف مصر الائتماني، مضيفا: "أهم التوصيات للخروج من أزمة الديون هي معالجة العجز، وانسحاب الحكومة من النشاط الاقتصاد لأن مزاحمة القطاع الخاص سبب حدوث عجز، وتنشيط سوق السندات والبورصة المصرية لتحسين وهيكلة الدين الداخلي، وتخارج الدولة يحقق الضبط المالي وتحفيز المشروعات". وتابع: "أغلب الديون التي حصلنا عليها للقطاعات كان يمكن أن يتم تنفيذها القطاع الخاص، فنحن نستدين لأننا لا نستطيع السداد".