يشاهد معظم الأشخاص أفلام الرعب والإثارة النفسية، لكن هل تجارب الرعب يمكن أن تكون مفيدة نفسياً إذا انتقل الشخص إلى تجربة مُتخيلة عن الرعب؟، ذلك ما يطرحه لويلين إي فان زيل، أستاذ علم النفس الإيجابي في وحدة أبحاث بجامعة إيندهوفن، في تقرير نشر بمجلة "سيكولوجي توداي". ويقول لويلين: "تنقل تجارب الرعب المعمقة الأفلام المخيفة أو المنازل المسكونة إلى مستوى أعمق، من خلال وضع المشاركين مباشرةً في سيناريو خيالي متقن ومخيف، يأخذ شكل منازل مسكونة وغرف معقدة مثل المتاهات، أو عروض مسرحية تفاعلية، من خلال مزيج من الممثلين والتأثيرات الجسدية والحيل النفسية للمساعدة في إثارة الخوف، وتهدف هذه التجارب إلى غمر الناس تمامًا في قصة تفاعلية مؤثرة، حيث تكون نجم عرض الرعب الصغير الخاص بك، وكأنك في قلب أحداث فيلم رعب خلقت لك". ويؤكد أن هذه التجارب غير مخصصة لجميع البشر، ولكنها مناسبة لبعض الناس ولها تأثيرات على الصحة النفسية تظهر من خلال: -تخفيف التوتر وتنظيم التنفس تؤدي الإثارة وعدم الارتياح المتوقعين اللذين يحدثان أثناء هذه التجارب إلى إطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، ويؤدي هذا إلى استجابة "القتال أو الهروب" الطبيعية للجسم، والتي يمكن أن توفر منفذًا للمشاعر المكبوتة والضغط المتراكم، بالإضافة إلى إكمال التجربة أمر مبهج ويحث على الشعور بالإنجاز، وهو أمر شافي إلى حد ما، وهذا مدعوم من قبل العديد من الدراسات التي أظهرت أن الأنشطة التي تُنشط استجابة الفرد للقتال أو الهروب داخل بيئة خاضعة للرقابة يمكن أن تساعد في تنظيم المشاعر وتخفيف التوتر. -تعزيز المرونة يمكن أن تؤدي مواجهة الخوف عمدًا في بيئة خاضعة للرقابة إلى تعزيز المرونة والقدرة على التعامل مع المواقف الصعبة تدريجيًا، وتتطلب هذه التجربة تخطي الشعور بعدم الراحة وعدم اليقين والخوف، وأنت تتنقل في مواقف مرعبة مع تهديدات غير متوقعة، ودفع السيناريوهات الجسدية أو العقلية الصعبة الوصول إلى الثبات الداخلي والشجاعة الضرورية في ممارسة الحياة اليومية، حيث تشير الدراسات إلى أن التعرض الطوعي للتوتر والخوف المعتدلين قد يعزز التنظيم العاطفي ويزيد من المرونة بمرور الوقت. -زيادة اليقظة يجب أن يظل المشاركون حاضرين ذهنياً بقوة ومتنبهين، للحصول على تجربة مثل هذه بشكل فعال، للتهديدات المحتملة، وهذا يتطلب تركيزًا عميقًا على الحاضر بدلاً من التركيز على الماضي أو المستقبل، وهذه الحالة الحادة من اليقظة تجعل العقل راسخًا في الحاضر من خلال زيادة الوعي بالأحاسيس الجسدية والإشارات البيئية، وتشير الأبحاث إلى أن الأنشطة التي تسبب استجابة للتوتر يمكن أن تعزز اليقظة والانتباه إلى اللحظة الحالية. -مواجهة المخاوف في مكان آمن تسمح لك تجربة الرعب الخيالية بمواجهة مخاوفك مباشرة في بيئة داعمة وخاضعة للسيطرة أثناء الانغماس في قصة آسرة، نظرًا لأنك تعلم بعقلانية أن ما يحدث لك ليس حقيقيًا، وهو ما يجعلك قادر على التدرب على مواجهة المحفزات المخيفة دون المخاطرة بالعواقب الواقعية. -يسهل اكتشاف الذات تثير أفلام الرعب بشكل عام الصراخ والرعب بداخلنا، لكننا ننتقل سريعًا إلى الواقع، فتجبرك تجارب الرعب التخيلية على البقاء في بيئة شديدة الخوف دون مهرب لفترة أطول، وهذا يواجهك بردود أفعالك البدائية غير المنتقاة بفعل التطور البشري، وغالبًا توفر التجربة نظرة ثاقبة لأعمق مخاوف وأنماط التأقلم وأنماط التفكير التي قد لا نكون مدركين لها في حياتنا اليومية، لذلك فإن مواجهة المجهول تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة لأنفسنا، حيث تشير الأبحاث إلى أن النمو الملحوظ واكتشاف الذات من النتائج الشائعة للتعرض الطوعي للمواقف الصعبة. واستند لويلين، في حديثه عن الأبحاث التي أكدت على أهمية تعرض الإنسان إلى المخاوف لتحسين ظروفه وحالته النفسية إلى كتاب "العلاج الجماعي: الهوية والصحة والرفاهية"، والدراسة البحثية "علاج التعرض للواقع الافتراضي لاضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات القلق الأخرى" المنشورة عام 2010، وكتاب " نهج العلاج القائم على اليقظة: دليل الطبيب لقاعدة الأدلة والتطبيقات".