طارق الشناوى: لم يراهن المتنافسون الأربعة على القيمة الفنية.. والصفة التجارية للسينما ليست نقيصة ماجدة موريس: التجريب هذا الموسم ملفت للنظر.. وأتمنى أن نعود ل 12 فيلما بالموسم عصام زكريا: شاهدنا أعمالا «معقولة».. وعودة الإيرادات الكبيرة يعنى تماسكا فى الصناعة اتفق نقاد السينما أن موسم أفلام عيد الأضحى الأخير، تميز بكونه موسما كثير الإيرادات، ولكنه فى المقابل؛ قليل الإبداع، ولم يستطع فيلم من الأفلام المتنافسة الأربعة وهى «بيت الروبى»، و«البعبع»، و«تاج»، وأخيرا «مستر إكس»، أن يقدم حالة فنية إبداعية، يمكن التوقف عندها، ومناقشتها، بل غلب عليها جميعا الطابع التجارى، الذى يهدف لتقديم وجبة خفيفة، مسلية للمشاهد، وفى المقابل حصد إيرادات كبيرة، اقتربت فى أرقامها الأخيرة من الوصول ل 190 مليون جنيه داخل مصر فقط. وقال الناقد السينمائى طارق الشناوى: بداية يجب التأكيد على حقيقة أن الصفة التجارية للسينما ليست نقيصة، ولا يمكن التعامل معها على أنها عيب، فالسينما منذ بدايتها وهى تجارية تهدف لتقديم عمل فنى ناجح، قادر على جذب الجمهور، وتقديم عمل مسلٍ وممتع لهم، وفى المقابل تحقيق أرباح جيدة، ولكن لكوننا مهتمين بالأساس، كنقاد، بصناعة السينما، وبأهمية وجود أفلام تحقق البقاء والاستمرارية، وتؤرخ للسينما المصرية، فنحن نلتفت للقيمة الفنية الإبداعية، التى تضمن البقاء للأفلام والاستمرار، وتمنعه من النسيان كمئات، بل وآلاف الأفلام التى تم نسيانها. وتابع: وعليه تقييما لموسم عيد الأضحى أرى أنه كان موسم قوة الرقم، وليس قوة الإبداع، فلا يوجد بين المتنافسين الأربعة من راهن على الإبداع المطلق ودخل التاريخ كشريط سينمائى، قادر على أن يكون صاحب حالة فنية مميزة، فكلها أفلام تجارية تماما، حتى لو ناقشت قضية هامة مثل الخصوصية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعى على حياتنا، كما حدث فى فيلم «بيت الروبى». وأشار: ورغم أن التقييم الفنى أكد أنه لم ينجح أحد، حيث لم يراهن أحد على الإبداع، لكن فى المقابل كشف هذا الموسم عن أشياء كثيرة أهمها تثبيت وترسيخ كريم عبدالعزيز أقداما باعتباره نجما قادرا على الجذب الجماهيرى، واحتلال المركز الأول بجدارة، وأحقيته بلقب «النجم الجان»، كما أكد كريم محمود عبدالعزيز أنه نجم قادم بقوة، كذلك أمير كرارة، فرغم غيابه عن السينما إلا أنه أثبت قدرته على أن يكون أحد الأسماء التى يمكن الرهان عليه سينمائيا بقوة، كما كشف الموسم عن قدرة تامر حسنى فى تقديم فيلم كل عام، فهو رجل يحسب طريقة صناعة أفلامه رقميا بدقة شديدة، ولذا فالأرقام الكبيرة جدا التى يحققها خارج مصر، تضمن له الاستمرار. وأرقام فيلمه «تاج» بالخارج خير دليل. وأضاف: كما كشف هذا الموسم على موهبة محمد عبدالرحمن «توتا»، فهو يتمتع بمساحة قبول كبيرة عند الجمهور، وتفوق على أبناء جيله فى هذا اللون، وفى إطار التوجه للكوميديا حاليا، فهو أكثر فنان فى هذا الجيل لديه فرصة للظهور. وسوف يكون بطلا، لأن إيراداته ضخمة جدا فى التوزيع الخارجى بدول الخليج والسعودية، وأود الإشادة بفكرة الاستعانة بالأطفال بالأفلام، فكانوا إضافة مهمة ومميزة جدا، وحققت حالة من النجاح، كما حدث مع الطفل جان رامز فى فيلم «البعبع» الذى حقق تواصلا جميلا مع الناس. وتابع: وأخيرا شهد هذا الموسم فيلما أرى أهمية الوقوف عنده، فرغم أنه تجارى الصيغة أيضا، بل وتذيل قائمة الإيرادات، لكنه نجح أن يكسر تابوهات عانينا منها طوال العشرة أعوام الماضية، وربما تزيد، وأقصد هنا فيلم «مستر إكس»، فهو من الأعمال الفنية التى تتميز بالجرأة فى بعض مشاهدها وفى الحوار أيضا، لم تعتده السينما المصرية مؤخرا، لكن الفيلم تعدى هذا بالاتجاه لهذه الدائرة، وكان به قدر من المغامرة، تحسب له، أنه خرج قليلا من هامش ما نطلق عليه السينما النظيفة وهو معنى لا أحبه، ولا يجب تصنيف الفيلم نظيفا أو غير نظيف. واستطرد الشناوى: أما عن بطله أحمد فهمى، فرغم أنه ليس نجما للشباك، لكنه مجتهد وأقوى ما فى موهبته «الكاتب»، فالأعمال التى كتبها للآخرين، كانت متميزة فى الصياغة، وكل ما أتمناه إذا كان لديه الرغبة أن يكون نجما، فليكتب لنفسه، فسوف يحدث هذا فارق كبير معه، بخلاف تامر حسنى الذى يجب ألا يكتب سيناريوهات مرة أخرى. الناقدة ماجدة موريس ترى أن هذا الموسم تمتع بميزة أخرى تماما وهى «التجريب»؛ حيث قالت: افتقدنا لسنوات طويلة فكرة التجريب فى السينما، والكل كان يراهن على المضمون، إما الكوميديا أو الأكشن، بالشكل الذى يروق للمتلقى، وغلق باب التجريب يعنى ببساطة القضاء على الطموح، فالسينمائيون لن يكون لديهم طموح لتقديم أفكار خارج الصندوق، لأن النتيجة أنه لن يتحمس لهم أحد المنتجين، وعليه وبالرغم من الانتقادات التى عانى منها فيلم «تاج» لتامر حسنى، فيحسب له فتح باب التجريب، وفكرة أن يقدم بطل «سوبر هيرو» وأن يعرض نفسه لمقارنة ظالمة مع أفلام سوبر هيرو العالمية، كان من شأنها أن تحبط أى فنان، فمن ذا الذى يجرؤ للدخول لهذه المنطقة الشائكة التى تحتاج لأموال باهظة لتنفيذها، بخلاف أن النتيجة غير مضمونة، وعليه فيحسب للقائمين على هذا الفيلم جرأتهم فى التجريب، وتقديم هذا العمل، بعيدا عن نقده، ورصد أخطائه، فأنا من المناصرين لفكرة التجريب، وتحمس جهات الإنتاج لها، لأن تراجعها وغلق الباب أمام التجربة، يقتل الطموح، ويكفى أن لدينا مئات السيناريوهات الراكدة بالأدراج لا تتحرك، خاصة مع توقف الدولة عن دعم السينما. وأكملت ماجدة موريس: بالطبع نحن نهتم بوجود فيلم فنى متكامل، وهذا لا يعنى أن الموسم ضعيف، بل نستطيع التأكيد أن هناك أفلاما تقييمها فوق المتوسط، مثل فيلم «بيت الروبى»، لكننا فى النهاية نفاضل بين أربعة أفلام فقط بالموسم، وهو رقم هزيل للغاية، فقديما كان يضم الموسم الواحد ما يزيد عن 12 فيلما، لكن يبدو أن هذا الرقم لن يعود مرة أخرى، إضافة إلى أننا نبحث عن فيلم قادر على تحقيق المعادلة الصعبة، أن يقدم حالة فنية جيدة، ومادة جاذبة للجمهور، وهذه من الأمور الصعبة جدا، فأى منتج انتباهه وتركيزه ينصب على الجزء الثانى من المعادلة بتقديم فيلم جاذب للجمهور، بما يحقق له أرباحا كبيرة، وهذا حقه بلا شك، وهنا يأتى دور الدولة، فالتركيز على نصف المعادلة وحدها من شأنه أن يقتل الصناعة، وكنت أتمنى مناقشة هذه القضية الهامة بالحوار الوطنى، فلابد أن تعاود الدولة للعب دورها فى دعم وتمويل الأفلام، حتى يحدث التنوع، وتستمر الصناعة وتزدهر. واستطردت: يصعب علىّ أن مصر ثانى دولة تعرف صناعة السينما على مستوى العالم، أن يصبح حالها بهذا الشكل، وتختفى من المهرجانات السينمائية الكبرى، ففى مهرجان كان السينمائى الأخير كانت هناك سبعة أفلام عربية روائية طويلة منها أفلام تونسية وأخرى سودانية ومغربية، بينما مصر مختفية من الصورة. واتفق معها الناقد عصام زكريا فى وجهة نظرها حينما قال: المشكلة التى نعانى منها أن السينما المصرية توقفت عن عمل أفلام فنية حقيقية تؤهلها للمشاركة فى المهرجانات السينمائية الكبرى، كما أن جميعها أصبحت أفلاما خفيفة على المستوى المضمون والإبداع، واختفت الأفلام التى تناقش قضية اجتماعية حقيقية. واستطرد: لكن دعونا ألا نظلم هذا الموسم، فبوضع الأمور فى مكانها الطبيعى، نجده موسما «معقولا»، فرغم أن جميع الأفلام طموحها تجارى هوليودى أو هندى، لكن عودة الإيرادات الكبيرة يعنى أن هناك تماسكا فى الصناعة نوعا ما، فالصناعة لابد أن تستمر، ولسنا ضد الطموح الهوليودى، بالعكس ففكرة طرح أربعة أفلام بنجوم كبيرة، بموسم واحد فكرة رائعة، فقديما كان الموسم يعتمد فى مجمله على أفلام ضعيفة، باستثناء فيلم واحد أو فيلمين على أقصى تقدير، لكن أن يشهد موسما واحدا وجود هذا العدد من النجوم أمر رائع، كما أن الإقبال الجماهيرى تماشى مع ذوق النقاد، حيث جميعنا أو أغلبنا اخترنا فيلم «بيت الروبى» فى المقدمة، وهو ما حدث بالضبط حيث تصدر الإيرادات، واخترنا مستر إكس فى ذيل القادمة وقد كان جماهيريا أيضا متذيل الإيرادات، ربما الاختلاف أننا كنقاد رأينا أن فيلم «البعبع» يستحق المركز الثانى بدلا من تاج، وربما بمرور الوقت يصعد البعبع للمركز الثانى من حيث الإيرادات. وأضاف زكريا: ومع الاعتراف أن الموسم الحالى معقول، لكننا فى النهاية نبحث عن الفيلم ال«واو» الذى يمكن أن يصبح من كلاسيكيات السينما بمصر مستقبلا، الفيلم الذى نستطيع مشاهدته عشرات المرات دون ملل، كما هو الحال مع أفلام مثل «الفيل الأزرق» أو «الممر» فهذه الأفلام نجحت بشكل أو بآخر بدخول كلاسيكيات السينما، باعتبارها من الأفلام الضخمة إنتاجيا، وتركت علامة، وطورت التقنيات، وحققت إيرادات، وممكن مشاهدتها بنفس الشغف بعد مرور عشرة أعوام مثلا. لكن للأسف لم يقدم لنا هذا الموسم فيلما يمكن أن يكون من الكلاسيكيات، به طموح ورؤية.