رصد الناقد والباحث السينمائي الفرنسي ميشيل سيرسو تنوعا قال إن السينما العربية الجديدة أخذت تستفيد منه في موضوعاتها، داعيا إلى عدم انقطاع السينما العربية حاليا عن مخزونها التاريخي، خصوصا ذلك الذي ينتمي إلى السينما المصرية "التي نجحت بفعل إنتاجاتها الغزيرة والمتفاوتة برسم المشهد السينمائي العربي" على حد قوله. وقال سيرسو لوكالة الأنباء الأردنية خلال مشاركته بفعاليات الندوة الدولية حول (النقد السينمائي: الرهانات والتيارات الجديدة) في مهرجان تطوان المنعقد حاليا، إن اهتمامه بالسينما العربية عائد لكونه أقام سنوات بين القاهرة والمغرب، وفيهما عاين مراحل إنتاج كثير من الأعمال في اكثر من بلد عربي، لكنه ظل يشعر أن النقاد العرب تجاوزوا مراحل مهمة في تقدم الفيلم العربي وصناعته دون أن يتمكنوا من إعادة قراءة موروثهم السينمائي وخصوصا ما قدمته السينما المصرية من أفلام، لافتة لم يحن اكتشافها بعد بأقلام النقاد العرب الذين كانوا يتجهون بأقلامهم صوب الأفلام الحديثة أو إلى جهود مخرجين مكرسين. وأكد الباحث السينمائي أن هناك نقادا قلائل لامسوا العديد من موضوعات الأفلام المصرية القديمة، لكنها ظلت مجرد محاولات لا تدنوا من اقتحام معالجات تلك الأفلام الدرامية والجمالية على نحو يفي تلك الأفلام حقها من النقد والتحليل، وارجع ذلك إلى عدم وجود سينماتيك عربي يمكن أجيال جديدة من النقاد الاطلاع من جديد على تلك الأفلام التي وصفها بأنها مرت بشكل متعجل أمام النقاد العرب ولم تأخذ حقها من التقييمات والقراءات النقدية بشكل سليم. ووصف الناقد الفرنسي السينما العربية بأنها تعيش حالة من الانتعاش بعد دخول بلدان عربية ظلت مغيبة لفترة طويلة عن خريطة المشهد السينمائي العربي والعالمي، مذكرا بوتيرة نشاط عمليات صنع الأفلام في بلدان مثل: الأردن وفلسطين ولبنان وفي الخليج الذين اخذوا يستفيدون من تقنيات التكنولوجيا الكومبيوترية في تقديم أعمال من الرسوم المتحركة والتسجيلية والروائية والتجريبية وأغلبيتها تنجز بإمكانيات بسيطة الميزانيات لكنها تظل بحاجة إلى المتابعة والدعم من المؤسسات المعنية بالفعل الإبداعي. وأوضح سيرسو أن السينما العربية يمكنها من المنافسة بقوة في المهرجانات العالمية، فيما لو أحسنت توظيف قصصها وحكاياتها أو اقتباساتها من الأحداث اليومية التي يعيشها الإنسان في العالم المعاصر، أو من خلال إتكائها على النصوص الأدبية العربية والعالمية، التي بحكم اطلاعه على كثير منها تفيض بتلك الأحاسيس والمشاعر وكذلك بالوقائع الثرية المناخات والأجواء التي تستهوي عشاق الفن السابع. ورأى ميشيل سيرسو في أفلام حقبتي الأربعينات والخمسينات من نتاجات السينما المصرية ألوانا من الفن السينمائي الموجهة إلى العموم ولا تقتصر على النخبة مثلما يحدث في أفلام الوقت الراهن، حيث اكتشف ومعه عشاق السينما أن تلك الأفلام تضمنت معالجات درامية بلغة سينمائية بديعة ونجحت في تمصير الكثير من الروايات والقصص العالمية التي ظل بعض النقاد العرب يتهكمون عليها في حين استقبلها رواد الصالات بالاحتفاء والإعجاب سواء لبراعة تقمص طاقم ممثلي وممثلات الفيلم لأدوارهم أو في قدرة صناعه على تقديم أشكال من التعابير الرومانسية والتشويقية أو الكوميدية. ورحب سيرسو بمبادرات التعاون والإنتاج المشترك بين السينما العربية والأوروبية لكن شريطة أن لا يتخلى السينمائي العربي عن قناعاته ورؤيته لعمله مبينا أن كثير من صناع الأفلام العرب اليوم أحوج ما يكونوا إلى وجود صناديق مخصصة محايدة تعنى بصناعة الأفلام داخل بلدانهم.