هيئة الأنفاق تكشف حقيقة توقف السلالم المتحركة والمصاعد الكهربائية بخطوط المترو    إعلام فلسطيني: شهيد وجرحى في قصف إسرائيلي لبرج سكني وسط غزة    أستاذ علاقات دولية: العالم أجمع يعول على دور مصر في مفاوضات إيقاف حرب غزة    بالصور .. شاهد غرفة ملابس الفراعنة قبل مباراة بوركينا فاسو    حافلة المنتخب تتحرك إلى إستاد القاهرة استعدادا لبوركينا فاسو    وكيل رياضة القليوبية يعلن صرف إعانات مالية للاعبين المصابين في حادث سير    تسليم جثة طفل لقي مصرعه دهسا تحت عجلات سيارة نقل في المنيا إلى ذويه    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    مصرع شخصين وإصابة 15 آخرين في حادث انقلاب سيارة بالفيوم    مفاجأة جديدة في واقعة سفاح التجمع.. سر وجود نجله أثناء تنفيذ الجرائم    كارول سماحة تجري البروفة الأخيرة لحفلها في لندن (فيديو)    هاني تمام: الأضحية من مال الزكاة لا تجوز ويمكن الذبح بالوكالة    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر العلمي السنوي لأمراض الباطنة    للمرة الثانية... BMW تقدم تجدد الفئة الثالثة    إسعاف الفيوم توفر 81 سيارة بالمناطق السياحية خلال أيام عيد الأضحى    أستاذ علم نفس تربوي يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    5 أبراج فلكية تعشق تربية الحيوانات الأليفة (تعرف عليهم)    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    أبو اليزيد سلامة يكشف أهداف المشروع القرآني الصيفي    الفريق أسامة عسكر يشهد تنفيذ البيان العملي لإجراءات التأمين التخصصي بالجيش الثالث    نقيب معلمي الإسماعيلية يناقش مع البحيري الملفات التي تهم المدرسين    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    أشرف زكي محذرًا الشباب: نقابة المهن التمثيلية لا تعترف ب ورش التمثيل    فصائل فلسطينية: استهدفنا مبنى يتحصن به عدد من جنود الاحتلال وأوقعناهم قتلى وجرحى    البنك الأهلي يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    تكريم أبطال نادى ذوى الاحتياجات الخاصة بأسوان    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    مستعد لدعم الجزء الرابع.. تركي آل الشيخ يوجه رسالة للقائمين على فريق عمل فيلم "ولاد رزق"    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجراس الغارة على السودان
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 03 - 2009

الغارة التى ضربت أهدافا فى السودان تنبهنا إلى أهمية وخطورة النشاط العسكرى المريب، الذى يدور فى الحديقة الخلفية لمصر، فى تماس مكشوف مع أمنها القومى.
(1)
صحيح إن بعض التفاصيل لم تتضح بشكل نهائى، إلا أن ثمة جوانب فى العملية باتت محسومة على نحو لا يقبل الجدل. فاللغط لا يزال مثارا حول أهداف قافلة السيارات التى استهدفتها الغارة. بين قائل إنها كانت تهرب سلاحا للتجارة فيه، وقائل إنه سلاح إيرانى أريد توصيله إلى قطاع غزة.
وليس مؤكدا ما إذا كانت الطائرات أمريكية أم إسرائيلية، رغم أن واشنطن نفت صلتها بالموضوع، بعكس تل أبيب التى لم تنف، وإنما أعطت انطباعا على لسان رئيس الوزراء إيهود أولمرت بأنها قد تكون الفاعل فى العملية. وهناك روايات متعددة للغارة، بعضها يتحدث عن ثلاث غارات تمت خلال الشهرين الأخيرين، والبعض الآن تحدث أيضا عن إغراق قاربين محملين بالسلاح فى البحر الأحمر.
ثم هناك تساؤل عن الجهة التى خرجت منها الطائرات المغيرة، وهل هى أريتريا أم جيبوتى أم إحدى حاملات الطائرات الموجودة فى البحر الأحمر؟.
مع ذلك لم يعد أحد يجادل فى عدة أمور، منها أن الخبر الذى انفردت صحيفة «الشروق» بنشره ونقلته عنها الصحف العالمية كان صحيحا.
منها أيضا أنها المرة الأولى التى تغير فيها طائرات خارجة من مكان ما فى شرق أفريقيا على قافلة تحمل سلاحا يظن أنها متجهة إلى سيناء.
وذلك بعد توقيع الاتفاق الأمريكى الإسرائيلى الذى رتب التعاون بين البلدين فى وقف تهريب السلاح إلى غزة.
وهذه الطائرات اخترقت الأجواء السودانية، فى عدوان صريح على سيادتها. من تلك الأمور المؤكدة أيضا أن الطرفين الأمريكى والإسرائيلى هما الوحيدان اللذان يقفان وراء العملية، حيث لا يهم كثيرا فى السياق الذى نحن بصدده من الذى قدم المعلومات ومن قام بمباشرة القصف.
بذات القدر فلا يغير من الأمر كثيرا أن تكون الطائرات قد خرجت من جيبوتى أو أريتريا ومكان ما فى البحر الأحمر، لكن الذى يهمنا هو أن هناك أعينا متربصة فى جنوب مصر وفى البحر الأحمر، تراقب المنطقة وجاهزة لضرب أى تحركات فيها تعتبرها متعارضة مع مصالحها، وأن تلك الأعين ليست مفتوحة على السودان فقط وإنما على مصر أيضا.
(2)
عملية التربص الحاصلة فى جنوب مصر والبحر الأحمر ليست جديدة، ولكن الجديد فيها فقط أن الأضواء سلطت عليها بعد الغارة الأخيرة، التى تحولت إلى جرس إنذار مازالت أصداء رنينه تتردد فى العالم العربى، علها توقظه وتنبهه إلى ما يدبر ويرتب من حوله منذ زمن ليس قصيرا.
ذلك أنه من الأمور المدهشة أن تقف مصر بالذات موقف المتفرج إزاء التدابير والترتيبات التى تنسجها إسرائيل منذ نصف قرن تقريبا حول عمقها الاستراتيجى، ولا تصدر عنها مخططات واضحة وحازمة تستهدف التعامل مع تلك التدابير، بما يحول دون تأثيرها السلبى على الأمن القومى للبلاد.
هذه التدابير الإسرائيلية وثقها بحث سبق أن أشرت إليه، صدر فى عام 2003 عن مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب. عنوانه «إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان»، وقد أعده ضابط الموساد المتقاعد موشى فرجى.
فى البحث كلام صريح عن الاستراتيجية التى اتبعتها إسرائيل بعد تأسيس الدولة العبرية، ووضع خطوطها الرئيسية ديفيد بن جوريون رئيس الوزراء آنذاك، الذى دعا إلى ثلاثة أمور أولها، العمل على إضعاف الدول العربية عن طريق محاولة اختراقها من الداخل للتعاون مع الطوائف والجماعات غير العربية التى تعيش فى ظلها وعلى تخومها، خصوصا فى شمال العراق (الأكراد) وجبال لبنان (الموارنة) وجنوب السودان (ذوو الأصول الزنجية).
الأمر الثانى تمثل فيما أطلق عليه الإسرائيليون محاولة «شد الأطراف» عبر سياسة حلف الجوار، أو حلف محيط الدائرة. بمعنى مد الجسور مع الدول المحيطة بالعالم العربى والتعاون معها لإضعافه والضغط عليه من خارجه، وهذه الدول هى: إثيوبيا وتركيا وإيران.
الأمر الثالث تعلق بالبحر الأحمر، الذى اعتبرته إسرائيل منفذا حيويا لها يمكنها من كسر الحصار العربى المضروب حولها.
وفى هذا الصدد نقل الباحث عن بن جوريون قوله: إن سيطرة إسرائيل على نقاط فى البحر الأحمر ستكون ذات أهمية قصوى، لأن هذه النقاط ستساعد إسرائيل على التخلص من أى محاولة لحصارها وتطويقها، كما ستشكل فى ذات الوقت قاعدة انطلاق عسكرية لمهاجمة أعدائنا فى عقر دارهم، قبل أن يبادروا إلى مواجهتنا.
وهو ذات المعنى الذى كرره بن جوريون فى مقام آخر حين قال: لو تمكنا من السيطرة على مواقع حيوية فى البحر الأحمر، فإننا سنتمكن من اختراق سور الحصار العربى، بل والانقضاض عليه وهدمه من الخلف.
فى مطلع الخمسينيات، شكل بن جوريون فريق عمل ضم خمسة من الخبراء لوضع الاستراتيجية التى تحقق هذه الأهداف هم: إسرائيل جاليلى خبير الشئون الاستراتيجية ايجنال ياوين خبير الشئون العسكرية موشيه ساسون خبير الشئون العربية وؤبين شيلوح خبير العلاقات السرية مع الأقليات جولدا مائير خبيرة فى الشئون السياسية والاتصالات.
(3)
ما يهمنا الآن فى الاستراتيجية التى وضعت وبدأت إسرائيل فى تنفيذها منذ أواخر الخمسينيات هو موقع السودان والبحر الأحمر فيها.
ذلك أن السودان والكلام للباحث اعتبرت حالة نموذجية لتحقيق هدفين من وجهة النظر الإسرائيلية، أولهما إضعاف مصر عن طريق تهديد عمقها الاستراتيجى فى مواجهة الدولة العبرية.
وثانيهما إثارة القلاقل فى السودان عبر استمالة التمرد فى الجنوب ودعمه، وضمان تقاسمه للمزايا الاستراتيجية الكاملة فى المنطقة.
ضاعف من أهمية السودان فى الاستهداف الإسرائيلى أنه يطل بدوره على البحر الأحمر، الذى اعتبرته إسرائيل رئة ثانية، وممرا يوصلها بالدول الآسيوية ودول شرق أفريقيا.
وهو ما عبر عنه أورى لوبير مستشار بن جوريون للشئون العربية بقوله: لابد من رصد وملاحظة كل ما يجرى فى السودان.
ذلك القطر الذى يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، بالإضافة إلى سواحله المترامية على البحر الأحمر، مما يشكل له موقعا استراتيجيا متميزا. وهذا يتطلب منا إيجاد ركائز لنا إما حول السودان أو فى داخله.
وهو السياق الذى يفرض على السودان تقديم الدعم إلى حركات التمرد والانفصاليين فى الجنوب.
اختراق السودان لإضعافه وتهديد عمق مصر الاستراتيجى، اقتضى توفير عدة نقاط للارتكاز تيسر عملية الوصول إلى متمردى الجنوب.
وهو ما دفع إسرائيل إلى البحث عن مواقع لها فى ثلاث دول محيطة بالسودان هى: إثيوبيا وأوغندا وكينيا.
وهو ما تحقق فى عام 1958، حيث باشرت جولدا مائير العملية بنفسها مبتدئة بإثيوبيا. وكان أهم إنجاز حققته هناك أن القيادة الإسرائيلية انتزعت من إمبراطورها الراحل هيلاسلاسى الموافقة على تولى مهمة الإشراف المباشر على أجهزة الأمن الإثيوبى وتدريبها بواسطة عناصر إسرائيلية نشطة، وهو ما شمل جهاز الأمن الداخلى والشرطة والاستخبارات ووزارة الداخلية. وذكر الباحث فى هذا الصدد أن «سيطرة إسرائيل على الأجهزة الأمنية الإثيوبية بمعزل عن مخططها لإقامة مواقع الوثوب والانطلاق إلى السودان وبقية الدول العربية المجاورة».
تلك السيطرة أتاحت للاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) وجناح المخابرات العسكرية أن يوجها اهتماماتهما إلى السودان والدول العربية الأخرى.
ولهذا الغرض أنشأ جهاز الموساد شركة «اينكودا» لتكون واجهة له، وقاعدة لإطلاق الجواسيس والعملاء إلى كل من السودان واليمن وعدن، للاتصال بالعناصر المقاومة فى الداخل. وقد تمت الاستعانة بتلك العناصر فى مهمة إيصال الدعم إلى حركة التمرد فى جنوب السودان.
كان التعاون العسكرى هو أبرز أوجه النشاط الذى مارسته إسرائيل مع الدول الثلاث خلال تلك الفترة. ومن المعلومات التى ذكرت فى هذا الصدد أن عدد المستشارين، الذين قدموا إلى إثيوبيا، وتولوا فى عام 1960التدريب والتدريس فى المعاهد العسكرية الإسرائيلية حوالى 600 شخص.
وهؤلاء حملوا معهم السلاح الإسرائيلى بدءا من الرشاش «عوزى» إلى الصواريخ «جبرائيل» مرورا بالطائرات المقاتلة.
ما حدث فى إثيوبيا تكرر مع أوغندا المتاخمة للسودان حيث أوفدت إسرائيل عددا كبيرا من المستشارين العسكريين (قدر عددهم بنحو 500) بقيادة الكولونيل باروخ بارسيفر. وهؤلاء قاموا باختراق القوات المسلحة هناك وتوجيه قيادة الجيش، إضافة إلى تدريب رجال سلاح الطيران ووحدات المظليين، الذين كان يتم إيفاد أعداد منهم للتدريب فى إسرائيل.
منذ ذلك الوقت المبكر أضاف الباحث عمدت إسرائيل إلى تعزيز وجودها العسكرى من خلال إقامة القواعد العسكرية الموجهة ضد الدول العربية.
فأقامت قاعدة بحرية لها فى ميناء «مصوع» عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، إضافة إلى القواعد الجوية فى كل من إثيوبيا وكينيا، والوجود الجوى فى غينيا. وكانت إسرائيل قد أقامت عدة قواعد جوية فى تشاد، وعلى الأخص فى المناطق المجاورة لحدود السودان، ومنها مطار بحيرة «ايرو» ومطار «الزاكومة» ومطار «مفور».
وحين قطعت العلاقات بين تشاد وإسرائيل، تبين أن مهمة القواعد كانت مراقبة الحدود الليبية والسودانية، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها ضد مصر، لضرب أهداف منتخبة فى مؤخرة الجبهة المصرية.
(4)
فى الدراسة تفاصيل كثيرة عن الدعم الإسرائيلى للتمرد فى جنوب السودان، الذى وصل إلى حد الاشتراك فى القتال إلى جانب الانفصاليين ضد الجيش السودانى فى بعض الحالات. وهو دعم تجاوز الشأن العسكرى إلى ما هو سياسى واقتصادى.
تضمنت التفاصيل أيضا معلومات أخرى عن التغلغل الإسرائيلى فى إريتريا وأفريقيا الوسطى وزائير، ومن الواضح أن ذلك التمدد تم بعد توقيع مصر لمعاهدة «السلام» مع إسرائيل فى عام 1979. (فى عام 1997 وصل عدد المستشارين الإسرائيليين فى إريتريا إلى 650 شخصا، عملوا بأجهزة الأمن والاستخبارات ومحطات للتجسس على اليمن والسودان).
ولا تقل خطوة عن كل ما سبق التفاصيل التى تحدثت فى الدراسة عن الوجود الإسرائيلى الكثيف عند منابع النيل، الذى يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى، من حيث إنه يمكن قوة معادية من بسط نفوذها الذى يمكنها من التأثير على أهم مورد للحياة فى مصر.
ما الذى تعنيه كل تلك المعلومات؟ هى تعنى بوضوح شديد أن إسرائيل سعت إلى تثبيت أقدامها فى شرق أفريقيا بوجه أخص منذ نصف قرن لكى تنصب نفسها شرطيا فى البحر الأحمر، ولكى تضغط على مصر من خلال إضعاف السودان والهيمنة على منابع النيل.
وتأثير الاتفاقية التى وقعتها مع الولايات المتحدة بشأن منع تهريب السلاح إلى غزة لا يضيف الكثير إلى تعزيزاتها التى أقامتها فى شرق أفريقيا والبحر الأحمر، لأنها موجودة ومتمكنة من المنطقة، ولكنه ربما أحكم ضبط العملية من جهات أخرى مثل المحيط الهندى وجبل طارق.
إننا لا نستطيع أن نتوجه باللوم للإسرائيليين لأنهم خططوا ووصلوا إلى شرق أفريقيا خلال نصف القرن المنصرم، ولكننا ينبغى أن نسائل أنفسنا عن الذى فعلناه نحن فى ترتيب أولويات أمننا القومى، تحسبا ليوم نجد فيه إسرائيل تهيمن على البحر الأحمر، وتطل علينا من الجنوب وتخرج لنا لسانها من فوق الهضاب المحيطة بمنابع النيل عند بحيرة فيكتوريا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.