بدأ ملايين المصريين اليوم الأحد، الاحتفالات بأسبوع الآلام في واحد من أكبر مظاهر الوحدة الوطنية، حيث يبدأ بعيد التسبيح وعيد الزيتونة وأحد الشعانين في سابع أحد من الصوم الكبير، والاحتفال بذكرى ركوب المسيح عليه السلام الحمار في القدس ودخوله إلى أورشليم وتجمع الناس حوله يسبحون وهو يأمر بالمعروف ويحث على الخير وكانوا يحملون في أيديهم سعف النخيل كرمز للترحيب به، ولهذا سمى بأحد الخوص أو السعف واستطاع الفنان المصري بحس مرهف أن يحول السعف إلى أشكال جميلة، تشكل كرنفالاً من الجمال في هذا اليوم، الذي يبدأ فيه أسبوع الآلام من صلب السيد المسيح إلى قيامته في اللاهوت المسيحي. ثم يأتي شم النسيم الذي يمثل عيد الربيع، اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل في 25 من شهر برمهات، ويعتقد أن هذا اليوم هو أول الزمان أو بداية خلق العالم. كان يوم الاحتفال بالعيد عند قدماء المصريين يحدد بلحظة الرؤيا عند الهرم الأكبر، عندما كان الإله يجلس على عرشه فوق قمة الهرم، وهو التوقيت الذي يوافق الساعة السادسة تماما في ذلك اليوم، حيث يتجمع الناس في احتفال رسمي أمام الواجهة التي بها الهرم، ويظهر قرص الشمس خلال دقائق معدودة قبل الغروب، وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وتظهر معجزة الرؤيا عندما يشطر ضوء الشمس واجهة الهرم إلي شطرين. وأطلق قدماء المصريين على ذلك العيد اسم (شمو)، أي بعث الحياة وحرف الاسم على ممر الزمن وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله. ويرجع احتفال قدماء المصريين بذلك العيد إلى عام 2700 قبل الميلاد في أواخر عهد الأسرة الثالثة، وقد احتفل الأقباط بشم النسيم الذي توافق مع موعد احتفالاتهم بعيد القيامة المجيد، وأصبح الاحتفال بأسبوع الآلام الذي يبدأ بأحد السعف أو الشعانين. وتكون احتفالات شم النسيم في صورة شعبية تشترك فيها جميع طبقات الشعب المصري منذ أيام الفراعنة، فهو يوم الخلق الجديد في الطبيعة الذي تنبعث فيه الكائنات ويتجدد فيه النبات وتزدهر الخضرة وتتفتح الزهور وتهب نسائم الربيع، وفيه يخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات من شروق الشمس حتى غروبها، وتمتلئ صفحة النيل بالقوارب التي تزينها الزهور، ولشم النسيم أطعمته التقليدية وعاداته وتقاليده من البيض والفسيخ والبصل والخس. ويحتفل المصريون على اختلاف طبقاتهم بأسبوع الآلام وشم النسيم، وهى الاحتفالات التي تتوحد فيها وتتعانق الحضارات المصرية على مر تاريخها، في تناغم فريد من نوعه يؤكد على وحدة المصريين وتماسكهم منذ القدم.