على هامش عمليات الهدم الواسعة للمقابر في عدة مناطق من قرافة الإمام الشافعي، تمهيدا لمشروع توسعة طريق صلاح سالم، اكتشف مجموعة من الباحثين الهواة والمستقلين، يعملون تحت مظلة مبادرة "شواهد مصر"، شاهد قبر لسيدة تُدعى أمامة بنت محمد بن يحيى بن خالد، يعود تاريخه إلى 1170 عاما، أي أكثر من 11 قرنا. واستطاع هؤلاء الباحثون على رأسهم الدكتور مصطفى الصادق، الأستاذ بطب قصر العيني وأحد المهتمين بالتراث، مع الباحثين الشباب إبراهيم المصري طايع، وحسام عبد العظيم، ومحمد عبد الملك، اكتشاف شاهد القبر، الذي يعود للعصر العباسي، في أحد الأحواش بقرافة الإمام الشافعي، وقد بُني عليه بالطوب، وغُطي بالأسمنت، ليقوموا باستخراجه وتسليمه كاملا لوزارة السياحة والآثار. - من هي أمامة ابنة محمد؟ وكيف أنقذ شاهد قبرها؟ يقول الباحث حسام عبدالعظيم مؤسس مبادرة "شواهد مصر"، التي تسعى للحفاظ على تراث مصر من خلال بادرتها "توثيق وإنقاذ الآثار غير المسجلة بمشروع توسعة صلاح سالم"، إنها أنقذت يوم الخميس الماضي - 11 مايو 2023 في تمام الساعة 3 والنصف عصرا، الشاهد الذي يؤرخ بالعصر العباسي، وذلك بعد اكتشافه صدفة أثناء التجول لتوثيق تراث قرافة الإمامين، حيث كان مستخدما كحجر لبناء سور حديث باستخدام طوب أحمر وأسمنت ولعل ذلك سبب حفظه كاملا. وعلى الفور، توجه العاملون بالمبادرة لمكان الشاهد وتوثيقه على حاله، ومن ثم فكه من الجدار بداخله، ولحسن الحظ أن الشاهد كاملاً قطعة واحدة من الرخام منقوش نقشا غائرا يسيرا بالخط الكوفي المورق غير المنقوط -أي قبل كتابة النقط على الحروف-، وقد بُلغت وزارة السياحة والآثار ممثلة في قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، حيث سُلم بعد ذلك لمدير عام آثار منطقة الإمام الشافعي. وأوضح عبدالعظيم، من خلال منشور عبر فيسبوك، أنه في يوم السبت توجه الباحثون الشباب لمكان الشاهد بعد تسليمه حيث قاموا بتنظيفه من شوائب الأسمنت الملتصقة به على مدار أكثر من 6 ساعات حتى استطاعوا قراءة النص كاملاً والتأكد من تأريخه، حيث ساعدهم بذلك الدكتور فرج الحسيني أستاذ الكتابات والنقوش الأثرية، وكانت قراءته كالتالي: "بسم الله الرحمن الرحيم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم. هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين. الحمد لله رب العالمين. وهو الله لا إله إلا هو. وله الحمد في الأولى والآخرة. وله الحكم وإليه ترجعون. هذا قبر أمامة بنت محمد بن يحيى بن خالد بن يحيى. توفيت يوم الجمعة لعشر ليال خلون من ذي الحجة سنة تسع وعشرين ومائتين"، وفق ما ذكرته الصفحة الرسمية ل "شواهد مصر". إلا أن الدكتور مصطفى الصادق، الباحث البارز في التراث، أشار إلى أن هناك احتمالا بأن الشاهد يعود تاريخه إلى 1187 أو 1179 عاما لأن فيه اختلاف "بسيط" في قراءة الشاهد. وذكر الدكتور مصطفى في منشور عبر "فيسبوك" أن الاختلاف في قراءة الشاهد يرجع لتوقيت وفاة السيدة أمامة والذي يختلف أنه بين عام 221 أو 229 هجرية. ومع ذلك، فقد حدد المؤرخون والباحثون، أن صاحبة القبر أمامة بنت محمد، هي سيدة عاشت بالفسطاط -عاصمة مصر آنذاك- إبان القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي اسمها أُمامَة ابنة محمد بن يحيى بن خُلد بن يحيى، وتوفيت في 10 ذي الحجة سنة 229 هجرية الموافق 2 من سبتمبر سنة 844 ميلادية، ودفنت بالقرب من الإمامين الليث بن سعد، ومحمد بن إدريس الشافعي، والسيدة نفيسة رضي الله عنهم أجمعين.