مجموعة من الفروقات الجوهرية، مابين النظرة للدراسات التاريخية قديما وحديثا، كشف عنها الكاتب والمؤرخ الدكتور محمد عفيفي، وذلك خلال استضافته ببرنامج "طقوس الإبداع" للكاتب والإعلامي خالد منصور. استهل الدكتور محمد عفيفي حديثه بأن هناك اتجاه بين المؤرخين في الخارج حول إعادة النظر في مسألة "الأكاديمية البحتة" التي ارتبطت بإنشاء أقسام للتاريخ في الجامعات الأوروبية والأمريكية، والبعض يدفع بأن فكرة الأكاديمية البحتة والكتب التاريخية ذات الهوامش المعتمدة على مراجع تقدم الحقيقية وحدها، قد أثرت على انتشار الثقافة التاريخية وأفقد التاريخ ميزة "الحكي"، وأن التاريخ في مسماه بالإنجليزيه في الأصل جزء من معناه "حكاية" . وأضاف: الحكي ميزة افتقدها التاريخ ومناهجه، مما أفقده عذوبته وأفقده جزء كبير للغاية من جمهوره، لذا فإن الاتجاه يتعاظم نحو كتابة مؤلفات للتاريخ ذات مقروئية عالية ولا تقتصر على عدد محدود من القراء، بمعنى يوازي فكرة نزول المؤرخ إلى الشارع والمجتمع وعدم ارتباطه بكهنوت أكاديمي منغلق لتوسيع دائرة الثقافة التاريخية. وردا على سؤال للإعلامي خالد منصور، حول وجود قواسم مشتركة بين روايتي "يعقوب وسلام على إبراهيم" الصادرتين عن دار الشروق أبرزها أن التاريخ "حمال أوجه"، حيث وجهات نظر متعددة، رد عفيفي بأنه بالعودة مرة أخرى لنشأة الدراسات الأكاديمية في أقسام التاريخ، سنجد أن هناك مقوله تفيد بأن التاريخ "علم للبحث عن الحقيقة" وأن المؤرخ يقول بالحقيقة، والحقيقة وحدها ولا شئ آخر، ولكن مع انفتاح التاريخ على علوم أخرى كثيرة، متعلقة بالنفس والاجتماع والعلوم السياسية والأدب، اكتشفنا أن مسألة الحقيقة المطلقة باتت نسبية، وأن إدعاء المؤرخ بأنه يقول الحقيقة المجردة، هو ادعاء جزئي . وطرح منصور سؤالا يتعلق بمدى إمكانية تسليط الضوء ومحاكمة شخصية أو حدث أو قرار من خلال نسق ثقافي وأجتماعي آخر مر عليه سنوات طويلة، رد عفيفي بأنه قد جرى تصدير وجهة نظر متعلقة بكون المؤرخ أشبه مايكون ب"القاضي"، وأن محكمة التاريخ تصدر أحكامها على الحدث، لنكتشف أنه لايوجد محكمة للتاريخ وأن المؤرخ يمكن أن يتأثر بوجهات نظر متعددة ويتأثر بثقافته وهكذا. وعن رواية سلام على إبراهيم، قال عفيفي إن الرواية التاريخية تتسم بميزة "تعددية الأصوات"، فابالتالي يمكن تخيل عودة إبراهيم باشا مرة أخرى وظهوره لأحمد رامي لكي يطرح عليه الأسئلة عن التاريخ الرسمي وتصويب وجهات النظر حولها، وإضافة معلومات أخرى وهكذا.