تقرير ل«واشنطن بوست» يحذر من «جائحة المعلومات المضللة» إن لم يتم وضع أسس ومعايير واضحة كشف تقرير حديث نشرته صحيفة «الواشنطن بوست» عن وجود أزمة جديدة فى صناعة النشر بعد أن بدأت الكتب التى تم إنشاؤها بالكامل تقريبًا بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعى تجتاح سوق «أمازون» لبيع الكتب. وذكر التقرير أن المشكلة بدأت تتفاقم حيث أصبح من الصعب تمييز المؤلفين الحقيقيين عن الذكاء الاصطناعى الذى يقوم بتأليف الكتب؛ فعلى سبيل المثال تم العثور على أحد الناشرين يقوم بطرح عشرات الكتب بشكل دورى عبر موقع «أمازون» حول مواضيع متخصصة للغاية مع مراجعات نقدية مثيرة للريبة من فئة الخمس نجوم تدعم العملية ثم اتضح أنه ذكاء اصطناعى وليس كاتبًا من البشر. وأضاف التقرير أن للمشكلة أبعادا أخرى؛ حيث يغمر المحتوى الآخر للذكاء الاصطناعى بقية الإنترنت بمواد غير معلومة المصدر أيضًا مما قد يؤدى بسهولة إلى انتشار ما وصفته صحيفة «الواشنطن بوست» ب «جائحة من المعلومات المضللة». وهناك أيضًا تخوفات حالية بأن تلك المواد المضللة التى ينشرها الذكاء الاصطناعى عبر الإنترنت وكأنها قد نُشرت بواسطة البشر قد تؤدى فى نهاية المطاف إلى سلسلة من التعليقات والتفاعلات التى قد تؤدى لجدليات تنتشر انتشار النار فى الهشيم عبر الإنترنت فيما يعرف باسم «الترند» مع قيام مولدات نصوص الذكاء الاصطناعى بتجديد محتوى بعضها البعض. ووفقًا لأحدث تقرير نشرته شركة «نيوزجارد» الأمريكية، وهى شركة متخصصة فى الصحافة وتعيين مصداقية مصادر الأخبار عبر الإنترنت، فقد تم العثور على 49 موقعًا إلكترونيًا ضخمًا ينتج محتوى متباينا يبدو أنه تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعى فى شهر أبريل الفائت وحده. ويبدو أن شركات النشر العملاقة بدأت بالفعل فى محاولات التأقلم مع ذلك الواقع الجديد؛ حيث يخفى بعضهم حقيقة أنهم يلجأون لاستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعى بدورهم، بينما لا يخجل البعض الآخر من التصريح بهذه الحقيقة. وقال رئيس شركة «إنجينيو» للنشر عبر الإنترنت ومقرها سان فرانسيسكو، جوش جافى: «نحن فى الواقع نقدم خدمة للناس من خلال الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعى وقدرته على خلق المحتوى ولا نخجل من التصريح بذلك». وكشف تقرير «الواشنطن بوست» كذلك عن أن بعض المنشورات عبر الإنترنت والتى يكون مصدرها شركات الميديا الكبيرة المتخصصة فى نشر الأخبار مثل CNET وBuzzFeed تستخدم بالفعل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى أو ال AI بشكل كبير لإنشاء محتوى بشكل دورى دون تدخل البشر مما يطرح العديد من الشكوك حول مصداقيته. وقد بدأت أنظمة الذكاء الاصطناعى تغزو حتى عالم الفن والأدب؛ فعلى سبيل المثال نشر الفنان الأمريكى إدوارد هوبر هذا الأسبوع لوحة فنية رقمية حققت مبيعات كبيرة أنشأها بالكامل باستعمال أدوات الذكاء الاصطناعى مما يعنى أنه حتى الصور التى تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى بدأت تغمر الإنترنت. أما بالنسبة للمؤلفين، فقد أعرب الكثير منهم عن تخوفهم بشأن تلك المنافسة غير المتوقعة التى تنتظرهم فى المستقبل مع أنظمة الذكاء الاصطناعى؛ لأنه إن استمر الأمر على هذا المنوال ستقوم تلك الخوارزميات بتأليف ونشر الكتب وسحب البساط من تحت أقدامهم، وقال الكاتب ومطور البرمجيات فى مدينة «بورتلاند» بولاية «أوريجن» كريس كويل: الأمر مخيف وحتمًا سيئول إلى حالة من الارتباك الجماعى؛ فقد بتنا نعرف الآن أن أى نص سنكتبه كمؤلفين سيتم إدخاله عبر نظام ذكاء اصطناعى ما سيقوم بتحليله ودراسته وتقليده من أجل إنشاء محتوى بدوره مما سيخلق المزيد من المنافسة، كما اتهم أنظمة الذكاء الاصطناعى على موقع «أمازون» لبيع الكتب بسرقة أفكار أحد كتبه حيث وجد أن المحتوى متشابه إلى حد كبير. وقالت العالمة مارجرت ميتشل التى تعمل فى مؤسسة Hugging Face الناشئة المعنية بعلوم الذكاء الاصطناعى والبرامج مفتوحة المصدر: «القضية الرئيسية هى فقدان مسار الحقيقة»، وأضافت أنه نحن البشر لم نضع أسسا بعد لأنظمة الذكاء الاصطناعى ومع غياب تلك الأسس يمكن لتلك الأنظمة أن تخترع كل شىء وأى شىء، وتابعت: «تكمن الأزمة فى الانفتاح العالمى بسبب الإنترنت، فالجمهور المتلقى لا يستطيع التمييز بين المحتوى الواقعى الذى أنشأه البشر والمحتوى الوهمى التى أنشأته أنظمة الذكاء الاصطناعى».