لم تندثر.. رغم بقائها على خريطة المهن المصرية على استحياء، وعدم مشاهدة الغالبية العظمى من الأجيال الجديدة لها إلا من خلال الأفلام المصرية القديمة.. الحديث هنا عن مهنة «مكوجى الرجل»، تلك المهنة التى تقام للبقاء رغم عصر الكهرباء والمكواة البخارية، ولعل عم سعيد على، واحد من أواخر المتمسكين بهذه المهنة، حيث مازال رغم تقدمه فى السن، يستخدم قدمه اليسرى فى أعمال الكى معتمدا على مهارته لاستمرار تردد الزبائن على المحل الذى ورثه وورث المهنة عن والده الذى علمه أسرارها. ومن خلال مكواة حديدية انجليزية، يعود عمرها لأكثر من 90 عاما، يتم تسخينها من 5 إلى 10 دقائق على نار «وابور الجاز» حسب الحجم والوزن، يبدأ عم سعد فى «فرد هدوم الزباين»، معتمدا على وزن المكواة ووزن جسده، حيث يضع قدمه على المكواة لمزيد من الثقل والضغط على قطعه القماش، لاسيما مع انحناء المكوجى فى أثناء الحركة بكل جسمه على ذراع المكواة. وسعيد على الذى يعد أقدم مكوجى رجل فى الإسكندرية، يبدأ عمله من الساعة 10 صباحا حتى 9 مساء، بلا كلل على مدى أيام الأسبوع، ويوضح طبيعة المكواة التى يستخدمها قائلا: «المكواة المستخدمة صناعة انجليزى وتم تصنيعها منذ نحو القرن، وتظل على النار للمحافظة عليها وصيانتها حتى لا تصدأ، وهى عبارة عن يد حديد وجسم من الزهر مثل كف اليد، ووزنها نحو 25 كيلو جرام ولا يوجد منها الآن». وأضاف: «الأغلبية العظمى من الصنايعية ذهبت إلى المكواة الحديثة، فالكثير منهم لا يستطيعون تحمل ما أقوم به، فقرروا هجرة تلك المهنة الشاقة.. أما أنا فلا أستطيع أن أهجر مهنتى، فقد تعودت على الشقاء.. لو متعبناش مانقدرش نعيش». وعن مميزات مكواة الرجل، قال: «تستطيع كى أى شىء حتى الفساتين، وهى صحية وتحافظ على جميع الأقمشة، على عكس المكواة البخار، فهى تأكل القماش وتتلفه». وأضاف: «أتحكم فى درجة الحرارة حسب نوع القماش، سواء كان من القطن أو الصوف، وأقوم برش الملابس بالماء واتركها قليلا حتى تلين، وتأخذ من دقيقة لدقيقتين من الوقت لكيها». وتابع: بالرغم من اختفاء المهنة فى الإسكندرية إلا أنها لن تندثر، فالزبائن مازالت تأتى من مختلف الأحياء.. فالأرزاق بالله».