الأسبرين أكثر الأدوية استعمالا فى العالم بعد أن تخطى وجوده أكثر من مائة عام فى خدمة الإنسان. يعد دواء آمنا يلجأ الأطباء لوصفه علاجا للألم ومخفضا للحرارة وملطفا للالتهابات ومساعدا على الحفاظ على الدم فى الشرايين سائلا بصورة تقاوم حدوث الجلطة. تشير دراسات حديثة إلى أنه صاحب أثر طيب لدى مرضى ألزهايمر وانحسار الذاكرة وسرطان الثدى إلى جانب ما درج عليه أطباء القلب حديثا من وصف مقادير صغيرة منه يتم تناولها بلا انقطاع وقاية من السكتة الدماغية وجلطة الشرايين التاجية. فهل تظل تلك التوصيات الطبية أمرا مسلما به أم أن هناك بعضا من المراجعات؟ الأسبرين والشرايين يعمل الأسبرين على الوقاية من جلطات القلب إذ إنه يحافظ على سيولة الدم بطريقة محددة. من المعروف أن للصفائح الدموية دورا يبدأ بانجذابها للالتصاق ببعضها نتيجة عمل إنزيم (كوكس 1). تجمع الصفائح الدموية فى الشرايين التاجية التى أصابها الضيق نتيجة ترسبات الكولستيرول على بطانتها الداخلية يزيد من هذا الضيق ويحفز تفاعلات التهابية تغرى الخلايا الأخرى الدموية الميتة بالالتصاق بذات المكان. قد تترسب ذرات الكالسيوم أيضا الأمر الذى معه ينسد مجرى الشريان فى ذلك المكان محدثا الجلطة التى تتسبب فى سدات تلك المنطقة من عضلة القلب. يقف الأسبرين عند حدود منع الصفائح من الالتصاق بعضها البعض لكن لا يتدخل فى آلية ضيق الشراين بترسبات الكولستيرول أو غيره لذا فالوقاية من أمراض الشرايين تتطلب أن يهتم الإنسان بعوامل الخطر الأخرى التى يتعرض لها مثل ارتفاع نسبة الكولستيرول والدهون الثلاثية فى الدم وارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع نسبة السكر وكلها عوامل تضيف أعباء تنتقص من صحة الشرايين وتهدد سلامتها. هل يقى الأسبرين من أخطار الجلطة؟ الوقاية من أخطار الجلطة تندرج تحت موضوعين: الأول هو الوقاية الأولية والتى نعنى بها وقاية الإنسان المعرض لخطر الإصابة بالجلطة وهو سليم. على سبيل المثال رجل فى الخامسة والأربعين من عمره له تاريخ مرضى عائلى يشير إلى وجود المرض بين أقربائه من الدرجة الأولى يعانى من ضغوط نفسية بينما هو سليم معافى لا يعانى من أى أعراض تشير إلى إصابة شرايينه بمرض. الوقاية من تلك الأحوال تستهدف حمايته من الإصابة بالمرض وتداعياته فى المستقبل. الوقاية الثانوية تستهدف حماية إنسان بالفعل مصاب أو تعرضه للإصابة بتداعيات المرض من تفاقم حالته بل ومحاولة حمايته من إصابة جديدة أو خلل فى عضلة القلب يؤدى إلى تهديد حياته أو إعاقة نشاطاته اليومية. فى ضوء فهم دور الأسبرين فى حماية شرايين القلب وضرورة الوقاية من تداعياتها يظل تناول الأسبرين يوميا بجرعات صغيرة 81 مجم يوميا أمرا مسلما به إلى الآن فى حالة الإصابة بتصلب الشرايين التاجية أو تداعياتها كحدوث الجلطة أو الذبحة الصدرية. أيضا فى حالة وجود دلالات على مرض الشرايين تشير إليها الأبحاث المعملية، رسم القلب، رسم القلب مع المجهود، القسطرة القلبية أو التصوير بالصدى الصوتى. فهل يجدى الأسبرين أيضا فى الوقاية الأولية من أخطار أمراض الشرايين (القلب والمخ) فيقى من جلطة القلب أو السكتة الدماغية للأصحاء أيضا؟ درج الأطباء بالفعل لوقت قريب على التوجيه بتناول جرعات صغيرة من الأسبرين، لكن الأسبرين على أهميته فى العلاج والوقاية من أمراض الشرايين فإنه يحمل خطر الإصابة بالنزيف فى أى مكان خاصة المعدة والمخ فهل وقاية الأصحاء المحتملة تستحق المخاطرة! الدراسات الحديثة تشير إلى أهمية وفاعلية الأسبرين فى أغراض الوقاية الثانوية أى أن جرعات صغيرة يومية للرجال والنساء بالفعل لازمة لمرضى الشرايين أو من تعرضوا لجلطات. لكن الموازنة بين الفائدة المرجوة منها وخطر النزيف الذى يمكن أن يتعرض إليه إنسان سليم يجب أن تكون محل نقاش بين المريض وطبيبه.