الأسبرين.. أكثر الأدوية استعمالا فى العالم بعد أن تخطى وجوده أكثر من مائة عام فى خدمة الإنسان. يعد دواء آمنًا يلجأ الأطباء لوصفه علاجًا للألم ومخفضًا للحرارة وملطفًا للالتهابات ومساعدًا على الحفاظ على الدم فى الشرايين سائلا بصورة تقاوم حدوث الجلطة. تشير دراسات حديثة إلى أنه صاحب أثر طيب لدى مرضى الزهايمر وانحسار الذاكرة وسرطان الثدى إلى جانب ما درج عليه أطباء القلب حديثا من وصف مقادير صغيرة منه يتم تناولها بلا انقطاعات وقاية من السكتة الدماغية وجلطة الشرايين التاجية.. فهل تظل تلك التوصيات الطبية أمرا مسلما به؟ أم أن هناك بعضا من المراجعات؟تنبه الإنسان منذ زمن سحيق لأهمية مادة السلسيلات الموجودة فى لحاء شجرة الصفصاف فاستخدمها لتخفيف آلامه وتلطيف ما يعانيه من التهابات فكان الاسبرين، ذلك القرص الأبيض السحرى الذى يماثل السهل الممتنع الذى يفصح عن أسراره واحدا تلو الآخر فما زالت تأثيراته المختلفة تعلن عن نفسها مع الوقت منذ اكتشافه وحتى أيامنا الآن.
الأساس فى عمل مادة حمض السلسليك هو تدخلها لوقف نشاط إنزيمين مهمين فى جسم الإنسان إنزيم كوكس1، إنزيم كوكس2 يعملان ككل الإنزيمات على تسهيل تفاعلات معينة فى الجسم إما لإنتاج الطاقة أو لتفعيل عمليات حيوية فى آلية الهدم والبناء التى تحفظ على الجسم وظائفه.
يتحد الاسبرين مع أحد الإنزيمين أو كليهما فيمنعه من أداء وظيفته فى الظروف غير الطبيعية على سبيل المثال: إنزيم كوكس 2 يسهل إفراز مادة البرستاجلانيدين التى ترفع من إحساس العضلات بالألم عند الإصابات أو الشد كأوقات الصداع حينما يتحد الأسبرين بذلك الإنزيم فإن الألم يتوقف نتيجة توقف إفراز البروستاجلانيدين.
الأسبرين والشرايين
يعمل الأسبرين على الوقاية من جلطات القلب إذ إنه يحافظ على سيولة الدم بطريقة محددة من المعروف أن للصفائح الدموية دورا يبدأ بانجذابها للالتصاق بعضها ببعض نتيجة لنشاط إنزيم كوكس 1. تجمع الصفائح الدموية فى الشرايين التاجية التى أصابها الضيق نتيجة ترسبات الكوليسترول على بطانتها الداخلية يزيد من هذا الضيق ويحفز تفاعلات التهابية تغزى الخلايا الأخرى الدموية وذلك بالالتصاق بذات المكان.
قد تترسب ذرات الكالسيوم أيضا الأمر الذى معه ينسد مجرى الشريان فى ذلك المكان محدثا الجلطة التى تتسبب فى موات تلك المنطقة من عضلة القلب.
يقف دور الأسبرين عند حدود منع الصفائح الدموية من الالتصاق ببعضها البعض لكنه بالطبع لا يتدخل فى آلية ضيق الشريان بترسبات الكوليسترول أو غيره لذا فالوقاية من أمراض الشرايين تتطلب أن يهتم الإنسان برصد عوامل الخطر الأخرى التى يتعرض لها مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية فى الدم وارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع نسبة السكر وكلها عوامل تضيف أعباء تنتقص من صحة الشرايين وتهدد سلامتها.
هل يقى الأسبرين الإنسان من أخطار الجلطة؟
الوقاية من أخطار الجلطة تندرج تحت موضوعين: الأول هو الوقاية الأولية والتى نعنى بها وقاية إنسان عرضة لخطر الإصابة بالجلطة وهو سليم، على سبيل المثال رجل فى الخامسة والأربعين من عمره له تاريخ مرضى عائلى يشير إلى وجود المرض بين أقربائه من الدرجة الأولى يعانى من أعباء نفسية بينما هو سليم معافى لا يعانى من أى أعراض تشير إلى إصابة شرايينه.
الوقاية فى تلك الأحوال تستهدف حماية من الإصابة بالمرض أو تداعياته المستقبلية.
الوقاية الثانوية تستهدف حماية إنسان بالفعل مصاب أو تعرض للإصابة بتداعيات المرض من تفاقم حالته بل ومحاولة حمايته من إصابة جديدة أو خلل فى عضلة القلب يؤدى إلى تهديد حياته أو إعاقة نشاطاته اليومية.
فى ضوء فهم دور الأسبرين فى حماية شرايين القلب وضرورة الوقاية من تداعياتها يظل تناول الأسبرين يوميا بجرعات صغيرة 81 مجم يوميا أمرا مسلما به إلى الآن فى حالة الإصابة بتصلب الشرايين التاجية أو تداعياتها كحدوث الجلطة أو الذبحة الصدرية أيضا فى حالة وجود دلالات على مرض الشرايين تشير إليها الأبحاث المعملية، رسم القلب، رسم القلب مع المجهود، القسطرة القلبية أو التصوير بالصدى الصوتى.
فهل يجدى الاسبرين أيضا فى الوقاية الأولية من أخطار أمراض الشرايين «القلب والمخ» فيقى من جلطة القلب أو السكتة الدماغية الأصحاء أيضا؟
درج الأطباء بالفعل لوقت قريب على التوصية بتناول الأسبرين فى جرعات صغيرة يومية بغرض الحماية لكن الاسبرين على أهميته فى العلاج والوقاية من أمراض الشرايين فإنه يحمل خطر الإصابة بالنزيف فى أى مكان خاصة المعدة والمخ فهل وقاية الأصحاء المحتملة تستحق تلك المخاطرة؟
الدراسات الحديثة وتوصيات جمعية أطباء القلب الأمريكية تشير إلى أن الاسبرين بالفعل لازم للوقاية الثانوية أى أن جرعات صغيرة يومية من الاسبرين فاعلة للرجال والنساء معا وعند الإصابة بأمراض الشرايين أو بعد حدوث الجلطة لكن الموازنة بين الفائدة المرجوة منها وخطر النزيف الذى يمكن أن يتعرض إليه إنسان سليم فى المقابل هى قضية أساسية يجب أن تناقش بين الطبيب ومريضه.
الأسبرين بين الرجل والمرأة
● الرجل فى كل الأعمار: الأسبرين يقيه من الجلطة القلبية الأولى والثانية. الأسبرين يقلل من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين.
● المرأة أقل من 65 سنة: الأسبرين يقيها خطر السكتة الدماغية. الاسبرين يقيها خطر جلطة القلب الثانية. الاسبرين يقلل من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين.
● المرأة أكثر من 65 سنة: الاسبرين يقيها من خطر جلطة القلب الأولى والثانية. الأسبرين يقيها خطر السكتة الدماغية. الأسبرين يقلل من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين.
أما احتمال الإصابة بالنزيف فوارد بصورة متساوية بين الرجل والمرأة فى كل الأحوال. من توصيات Mayo Clinic.
متى يجب أن نتناول جرعة صغيرة من الأسبرين يوميا؟
● إذا اصبت بالفعل بجلطة فى القلب أو المخ أو كنت تعانى من ألم الذبحة الصدرية.
● إذا ماكنت تعانى من أحد عوامل الخطر أو بعضها يجب أن تناقش ذلك مع طبيبك.
(ارتفاع ضغط الدم التدخين ارتفاع نسبة الكوليسترول الردئ فى الدم الضغوط النفسية حياة تفتقد الحركة تاريخ عائلى لمرض الشرايين مرض السكر للرجال فوق الخمسين والسيدات فوق الستين إذا ما اجتمع معه عامل آخر من عوامل الخطر).
متى يجب أن تبتعد تماما عن تناول جرعة يومية من الأسبرين؟ ● إذا ما كنت تعانى من أى مرض يتعلق بالنزف أو التجلط. ● مرضى الأزمات الربوية. ● مرضى قرحة المعدة. ● مرضى هبوط القلب.