الموسيقى التصويرية المصاحبة للعمل الفني جزء مهم من أجزاء أي فيلم أو مسلسل بجميع أنواعهما، وبرزت أسماء لامعة في هذا المجال داخل مصر، وسطروا بموسيقاهم خطوط ذهنية موازية للأعمال، تركت بصمة على مسامع الجمهور، ومن مؤلفي الموسيقى المشاركين في موسم دراما رمضان هذا العام العراقي يوسف عباس، بالمسلسل المصري "تلت التلاتة"، والمسلسل العراقي "العراق الجديدة". وقال الراحل علي أبو شادي في كتابه "سحر السينما"، عن الموسيقى المؤلفة لعمل فني، إن الموسيقى هي أحد أهم أجزء شريط الصوت في العمل الفني، وإما أن تكون مؤلفة خصيصا للعمل أو معدة من مختارات المكتبة الموسيقية، وفي حالة الموسيقى المؤلفة يشاهد المؤلف الموسيقي العمل بعد المونتاج، ويكون قرأ السيناريو، ويحدد الأجزاء التي تتطلب الموسيقى، وتتهم المشاهدة الأولية على الموفيولا حتى يتمكن من تكرار المشاهد؛ لتكوين فكرة عن الموسيقى المناسبة، وتحديد مسافات الجمل الموسيقية اللازمة. وتحدث يوسف عباس، عن الموسيقى التي وضعها في رمضان هذا العام، خلال تصريح ل"الشروق": "من زمان درست فكرة الموسيقى وعلاقتها بالصورة، وكنت وقتها من أصغر الشباب الذين شاركوا في صنع موسيقى تصويرية لأعمال درامية، وكان عمري 17 عاما، وبدأت بالمشاركة في مسلسل خليجي،ثم أعمال عراقية كان آخرها المشاركة رمضان الحالي مع واحد من أهم المخرجين العراقيين مهند حيال، وعملنا على تصنيع موسيقى تكون ذات شكل مختلف؛ لتمنح طابع غرائبي على الدراما العراقية من خلال آلات نادرة الاستخدام مثل آلة الجوزة – مصنوعة من جوز الهند- وهي آلة وترية تشبه الربابة". وأضاف: "أما مسلسل تلت التلاتة مع الفنانة غادة عبدالرازق، له طابع مميز وأحداث سريعة وكان يتطلب شكلا معينا ومغايرا عن العمل العراقي، وحدثت نقاشات مختلفة حوله، والشيء الجميل في هذا التعاون أن أستاذة غادة نفسها لديها ذوق عالي في الموسيقى". وتابع: "عقدنا جلسات نقاشية لخلق حالة مناسبة للعمل، وعملت كثيرا على هذا المسلسل؛ لأن لدينا 3 شخصيات توأم لذلك كنا حريصين على خلق موسيقى خاصة لكل شخصية وتناسبها وتكون موازية لها، ووظفت إحدى الآلات القديمة في موسيقى هذا العمل، وهي آلة بالي تنبور، وكانت تعزف بالريشة، وبواسطة القوس، فاستطعت استرجاع العزف بالقوس، لكي نظهر حالات الحزن والشجن بالعمل". وعن استخدام الآلات القديمة، قال: "أول ما أفكر فيه عند وضع الموسيقى هو توظيف الآلات، ومدى فائدتها درامياً". وأوضح أنه جاء إلى مصر عام 2009، وتخرج من بيت العود بعد دراسة سنة، وأصبح مدرسا لآلة العود منذ عمر 14 عاما، وعمل بتدريس الآلة في دار الأوبرا وفي لبنان وسوريا والعراق وقطر. وقال: "بالإضافة إلى عملي كمدرسة لآلة العود كنت محبا للتأليف الموسيقي، وكنت محبا جداً لفكرة أن الموسيقى تعبر عن المشهد المرئي؛ لأن الموسيقى البطل الأساسي الموازي للصورة، ويمنحني خيال أوسع بكثير لرؤية العمل بشكل مختلف، وتكون الأداة الأكبر للتعبير عن العمل". ونتذكر على إثر حديث عباس، ما ذكره علي أبو شادي عن علاقة الصوت بالصورة: "علاقة الاثنين مهمة، فالمشاهد يرى ويسمع في نفس اللحظة، وتتحد استجابته ورد فعله وفقاً لما يراه أو يسمعه، وعلى سبيل المثال فإذا كان هناك مشهد لرجل يسير في شوارع إحدى المدن ولتوصيل الاحساس بالتوتر والقلق، يمكن إضافة أصوات حركة المرور المختلطة وإذا كان المطلوب هو توصيل الشعور بالوحدة والاغتراب يمكن حذف كل الأصوات الحقيقية ولا نسمع سوى صوت الرياح، ومن استخدامات العلاقة بين الصوت والصورة استخداماً درامياً حين يظل صوت الموسيقى المصاحب للمشهد مستمراً مع المشهد التالي للربط بين المشهدين أو لإثراء المكان في العمل".